بات في حُكم الأكيد أن قمة روسيا والاتحاد الأوروبي في سمارا اليوم لن تؤدي إلى اتفاق جديد في شأن الشراكة والتعاون الاستراتيجي بين الطرفين، ويرجح المراقبون أن يَقْبل الطرفان بالأمر الواقع وأن يلجآ إلى تمديد العمل بالاتفاق السابق الذي ينتهي في كانون الأولديسمبر المقبل. ويبدو أن ألمانيا استكانت وأصبحت واثقة من أن جهود ربع الساعة الأخير لن تفلح في ثني الدول المعترضة عن استخدام حقها في تعطيل التوصل إلى اتفاق التعاون والشراكة مع روسيا، واكتفت بأن تساهم القمة في"مواصلة مسيرة الحوار الثنائي بين الطرفين في كل اتجاهات التعاون الاستراتيجية كافة"كما نقلت وكالة"ريا نوفوستي"الروسية عن مسؤول ألماني رفيع لم تكشف عنه. وبعد نحو سبعة أشهر من قمة هلسنكي التي انتهت بالفشل بسبب"الفيتو"البولندي المعترض على حظر روسيا استيراد اللحوم والخضار منها منذ نهاية عام 2005، يسود اعتقاد بأن العلاقات ازدادت سوءاً ذلك أن ليتوانيا، وإستونيا تلوحان بالانضمام إلى بولندا في استخدام حق الفيتو ما سيعقد الوضع ويحوّل القمة إلى مشاورات تستكمل سابقاتها من دون أن تخرج بنتائج عملية. وتتهم الجمهوريتان البلطيقيتان روسيا"بابتزازهما"واستخدام سلاح الطاقة في الخلافات السياسية للتأثير في قراراتهما وخياراتهما السياسية، وترفض ليتوانيا التعليل الرسمي الروسي بعدم صلاحية أنبوب"دروجبا"وتؤكد أن روسيا تتخذ هذه الحجة ذريعة منذ حزيران يونيو الماضي لوقف ضخ النفط عبر هذا الأنبوب وإجبار فيلنوس على استيراد النفط الروسي عبر البحر ما يرفع قيمة فاتورتها النفطية. فيما تدعو إستونيا إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة في حق روسيا وردعها عن استخدام سلاح"المقاطعة التجارية"بعد قرارها إزالة نصب يخلّد الجنود السوفيات من إحدى الساحات في تالين. مشاكل روسيا مع الاتحاد الأوروبي تتجاوز الخلافات مع هذه الدول، وتتعداها إلى مشاكل أكثر تعقيداً تتعلق بإمدادات الطاقة إلى أوروبا عموماً، والصراع الروسي - الأوروبي على ثروات بحر قزوين وآسيا الوسطى، وتنظر بروكسيل بقلق إلى تعزيز دور موسكو في هذه المنطقة، خصوصاً بعد النجاح الكبير لجولة الرئيس بوتين إلى تركمانستان وكازاخستان، والاتفاق على تحديث شبكات نقل الغاز والنفط القديمة والتي تسيطر عليها الشركات الروسية، وكذلك بناء خط جديد يمر عبر روسيا بمحاذاة بحر قزوين الأمر الذي اعتبرته بعض الدول الأوروبية ضربة قاسية لمخططاتها الخروج من التبعية المطلقة لروسيا في مجال النفط والغاز. وعلى رغم أن المسؤولين الروس خفَّفوا من حدة تصريحاتهم في اليومين الأخيرين قبل قمة سمارا وأعلنوا عن استعداد موسكو لمواصلة الحوار مع الأوروبيين، فإن خبراء أكدوا لپ"الحياة"أن روسيا لا تراهن على حدوث اختراق في شأن توقيع اتفاق الشراكة والتعاون الاستراتيجي، ورجحوا تمديد العمل بالاتفاق السابق، ولفتوا إلى أن موسكو تحاول كسب الوقت من أجل إقناع بروكسيل بأن سيطرة روسيا على مصادر الطاقة وطرق إيصالها إلى أوروبا لا تشكلان تهديداً مباشراً لها بل ضمانة إضافية لتجاوز مشاكل الإمدادات التي حصلت في السنتين الأخيرتين مع بيلاروسيا وأوكرانيا. وأشار خبير روسي على سبيل النكتة إلى أن القمة الروسية الأوروبية في مدينة سمارا الروسية لن تؤدي إلى إصلاح العلاقات بين الجانبين وحل المسائل العالقة لكنها بالتأكيد ستساهم في"حل أزمة المرور في مدينة سمارا وتحديث شبكة الطرق فيها بتعبيد شوارعها بالإسفلت اللازم للطرق العصرية"مستعيراً تعليقات الصحف الروسية الساخرة عشية القمة.