المخرج السينمائي الصيني الشاب زاي جانغ - كي، ذائع الصيت في بلاده والعالم، على رغم تجاهل الإعلام الرسمي الصيني خبر حيازته جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فيينا، في 2006، عن فيلم"طبيعة أو حياة جامدة"ستيل لايف. وعلى خلاف العاصمة بكين، سارعت الأوساط الإعلامية والثقافية في شنغهاي إلى الترحيب بالمخرج الشاب، وبتألقه في مؤتمر سينمائي دولي. وبدأ جانغ - كي سيرته المهنية على هامش المؤسسات الصينية الرسمية، وكاد يصطدم بها. فهو لم ينل إذناً رسمياً لإخراج أفلامه الثلاثة الأولى، ولم تعرض أفلامه بالصين رسمياً. وقبل ثلاثة أعوام، قرر المخرج الشاب الحصول على إذن القنوات الرسمية، وخصوصاً مكتب السينما النافذ، قبل إخراج فيلمه الاخير"حياة لا حياة فيها". ودرج مكتب السينما هذا على ملاحقة المخرجين الخارجين على القوانين الصينية. فهو منع المخرج لو يي من مزاولة عمله السينمائي خمسة أعوام قصاصاً على عرضه فيلم"شباب صيني"في مهرجان مدينة كان من دون إذن الجهات الرسمية. ويتناول فيلم"طبيعة جامدة"حياة العمال النازحين للعمل في مشروع تدمير سد"تروا جورج"المائي، وهو أكبر سد مائي في العالم. وحياة هؤلاء العمال هي مرآة أطوار المجتمع الصيني الجديدة، وفرض السلطات هذه الأطوار على الصينيين عنوة. فملايين المواطنين الصينيين يجبرون على النزوح، وعلى العمل في مناطق بعيدة. ويراقب جانغ - كي عن كثب هذه التغيرات السريعة. فهو يريد رواية التغيرات الاجتماعية في أفلامه الوثائقية، والوفاء، تالياً، لإرث الأدب الصيني والرسم، ونقل صورة دقيقة عن الواقع. والحق ان جانغ - كي ينتمي الى جيل من المخرجين الصينيين، من أمثال يانغ لي ووانغ شاو، المتأثرين بحوادث 1989 تيان - أن - مين. ويقول جانغ - كي أن التاريخ توقف منذ ارتكب الجيش مجزرة تيان ان مين وقمع الطلاب، في حزيران يونيو 1989. فجرح هذه المجزرة لم يندمل، ولا تزال ذكراها حية في ذاكرة جيله. وقصد جانغ - كي بكين، في 1993، وباشر دراسة الاخراج السينمائي. ونجح جانغ - كي وشلة من العاملين معه، في التملص من اجراءات الرقابة الصينية، وإخراج فيلم"بلاتفورم"خشبة المسرح. وعلى رغم نفي السلطات الصينية وجوده، تلاقي اقراص الفيلم المدمجة انتشاراً كبيراً، في حين فشل فيلم"طبيعة جامدة"، المعروض في صالات السينما والحائز موافقة الرقابة، في جذب الجمهور واستمالته. فالسلطات الصينية وجهت الجمهور الى فيلم منافس حظي بتأييدها ودعمها. ولا شك في ان الرقابة تمسك بمصير السينما الصينية. فمعايير الموظف البيروقراطي الاعتباطية هي الحكم في إباحة إخراج الافلام او منعها. وما يراه هذا الموظف مناسباً يعرض، وما لا يراه مناسباً يمنع عرضه. ولكن البيروقراطيين يفشلون أحياناً في ممارسة عملهم. فالسلطات المحلية في فينجي، البلدة التي صور فيها الفيلم، لم يعجبها مضمون فيلم"طبيعة جامدة"، على رغم حيازته رخصة"مكتب السينما". ولكن القيظ الصيفي حال دون متابعة السلطات المحلية عملها، والتنقل من مكان الى آخر لمراقبة تصوير"حياة جامدة". ويشبه جانغ - كي وأمثاله من المخرجين عصابة مدن صغيرة، تسعى في السر لإخراج أفلام ممنوعة. عن توما سوتينل، "لوموند" الفرنسية، 9 /5/ 2007