وصف الناطق باسم رئاسة الجمهورية في مصر السفير سليمان عواد محادثات الرئيس حسني مبارك أمس مع نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني بأنها "اتسمت بالمصارحة ودارت في جو ودي يعكس متانة العلاقات والتشاور المستمر بين البلدين"، مشيراً إلى أن"الجانب الأميركي ركز في المحادثات على مسألتي العراقوإيران، فيما ركز مبارك على أهمية كسر جمود عملية السلام كمفتاح لحل كل أزمات المنطقة". وتزامنت المحادثات مع اعلان طهرانوواشنطن موافقتهما على إجراء محادثات ثنائية حول العراق. وأقام مبارك مأدبة غداء في مقر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة تكريماً لتشيني. وقال عواد في تصريحاته عقب انتهاء المحادثات إنها"تطرقت إلى الوضع في الشرق الأوسط وتبادل وجهات النظر حول الوضع الاقليمي"، مشيراً إلى أن الجانب الاميركي"أبدى تركيزاً خاصاً على الوضع في العراق وترتيبات أمن الخليج واتصاله ببرنامج إيران النووي"، موضحاً أن"المشاورات تطرقت أيضاً للوضع في أفغانستان ودارفور". ونقل عن مبارك قوله إن"مصر تدعم العملية السياسية في العراق"، وانها مقتنعة بأن"نجاحها مرتبط بالنجاح في بناء وفاق عراقي"، وقال إن مبارك"أظهر تطلعه الى أن تسفر لجنة مراجعة الدستور عن نتائج ايجابية تمهد لاستعادة الهدوء والاستقرار والقضاء على أي نوازع شقاق طائفي أو مذهبي". وعما طلبه تشيني بالنسبة الى العراقوإيران، قال عواد إن"مصر تدعم كل طوائف شعب العراق، بصرف النظر عن توجهاتها المذهبية أو العرقية، وهذا ما أكده مبارك لديك تشيني كما سبق أن أكده لرئيس الوزراء نوري المالكي الشهر الماضي". وعما إذا كان تشيني سعى الى الحصول علي موافقة مصر على ضربة عسكرية لإيران، قال إنه"قرأ أن هذا هو هدف الجولة الحالية لنائب الرئيس الأميركي"، وأضاف أن"مبارك حذر دائماً من أن المواجهة العسكرية ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة وخارجها وأن مصر مع الحوار فقط، واستمرار الحوار وإتاحة الوقت اللازم له والتجاوب من كلا الجانبين بشفافية لتثبت ايران الطابع السلمي لاستخدام برنامجها النووي، حتى نجد مخرجاً من هذه المواجهة". ورداً على سؤال عن إصرار الرئيس جورج بوش على عدم الانسحاب من العراق، قال السفير إن"البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الخاص بالعراق في شرم الشيخ طالب بوضع خطة وجدول زمني لانسحاب قوات التحالف من العراق"، وأشار إلى أن"مبارك عبر أكثر من مرة عن قناعته بأن الوضع الراهن في العراق يمثل معضلة حقيقية، وأن قوات التحالف طالما بقيت في العراق فستكون هناك مقاومة، واذا انسحبت الآن وفوراً قبل استعادة قدرة الجيش وقوات الامن على فرض القانون والنظام واستعادة الهدوء والاستقرار فإن الموقف قد يخرج عن السيطرة". وعن موافقة بعض الدول الغربية على المفاوضات مع ايران بعيداً عن شرط وقف تخصيب اليورانيوم الذي تتمسك به الولاياتالمتحدة، قال السفير عواد إن"الاجتماع الأخير بين الامين العام لمجلس الأمن القومي الايراني علي لاريجاني ومسؤول السياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا أعطى بعض الأمل في أن يستمر الحوار وأن يتعزز هذا الأمل بفرص تخرج بالوضع من المواجهة إلى التسوية". وأكد أن مصر"مع الشرعية ومع الحوار"وجدد الحديث عن رغبة مصر"في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل". وعما يتردد من أن أزمات الحكومة الاسرائيلية الحالية تؤثر في عملية السلام، قال عواد إن"هناك حديثاً عن زيارة لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والرباعية الدولية الشهر المقبل"، مؤكداً أن"ما تتسم به الساحة الداخلية الاسرائيلية من سيولة وما يقال عن انفلات أمني على الساحة الفلسطينية، كل هذا لا ينبغي ان يكون ذريعة لإضاعة المزيد من الوقت، فالقضية الفلسطينية هي قضية الفرص الضائعة، كما اكد الرئيس مبارك في أكثر من مناسبة، ولا ينبغي أن نتذرع بهذه الاوضاع على الساحتين الاسرائيلية والفلسطينية للمزيد من التسويف في العودة الى التفاوض، لأن العودة الى التفاوض تلتقي مع الرغبة الشعبية لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي". وتزامنت المحادثات مع اعلان ايراني عن استعداد لعقد محادثات في بغداد مع الولاياتالمتحدة تهدف الى اقرار الامن في العراق على رغم أن توقيت المحادثات غير واضح. وأعلنت الناطقة باسم تشيني ليا آن ماكيرايد موافقته على المحادثات شرط ان تقتصر على الوضع العراقي، ثم أكد البيت الابيض ذلك في بيان معلناً ان الولاياتالمتحدة مستعدة لحضور تلك المحادثات ما دامت ستركز على العراق دون غيره. وتشيني معروف بأنه أحد أشد مؤيدي سياسة قائمة منذ وقت طويل في ادارة بوش تقضي بصد دول مثل ايران وسورية وتعتبرها دولا مارقة. لكن واشنطن ابتعدت عن تلك السياسة هذا الشهر في مؤتمر عقد في شرم الشيخ من خلال اتصال رفيع المستوى مع سورية وإبداء استعداد لفعل الشيء ذاته مع ايران. وتتهم واشنطنطهران التي لا تربطها علاقات ديبلوماسية معها منذ أكثر من ربع قرن بتدريب وتجهيز ميليشيات في العراق. وتنفي طهران مساندة التمرد في العراق وتتهم واشنطن بإثارة التوتر بين الشيعة والسنة. ويقول محللون ان كلا من واشنطنوطهران تشعر بالقلق من العنف في العراق ولذلك تندفعان نحو اتفاق على عقد لقاء بينهما. ويرجح محللون ان يكون تشيني حاول تخفيف أي خلاف حول السياسة الاقليمية مع مصر من خلال شرح تحولات حدثت في الآونة الاخيرة في السياسة الاميركية تجاه المنطقة. ومن المقرر أن يعقد تشيني محادثات مماثلة اليوم مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني. وكان غادر القاهرة بعد محادثاته مع مبارك متوجها الى الاردن. وعبرت دول عربية عن مخاوفها من تهميش المسلمين السنة في العراق بعد غزوه عام 2003 وتريد من تشيني أن يمارس ضغوطه على حكومة المالكي في شأن المصالحة الوطنية وحل الميليشيات الشيعية واعطاء السنة وضعا أفضل في السياسة العراقية. وقال مسؤول أردني ان بعض الدول العربية تختلف مع الرؤية الاميركية للعراق. وأضاف ان الاردن يخشى أن تكون واشنطن تسعى الى حشد حلفائها العرب ضد ايران، بدلا من أن تحاول تحقيق الامن الاقليمي.