هي موضة أو تقليعة جديدة. وبالدارجة التونسية "عفصة"، تلك التي شاعت بين الشباب التونسيين. الأقراط التي كانت حكراً على الفتيات دخلت عالم الشباب الذكور من أوسع أبوابه. أقراط في الأذن أو على الحاجب أو الأنف أو الشفة، ومناطق أخرى يتفنن الشباب بتزيينها ويتباهون بها أمام الجميع، لأنها دليل على التحرر والانفتاح ومجاراة الموضة العالمية. ويقول سالم فني كهرباء، 21عاماً إن وضعه للأقراط في أذنه وسيلة للتعبير عن شعوره بأنه متميز في المجتمع الذي يرفض"عاداته وتقاليده البالية". والطريقة المثلى للتمايز في رأيه هي بوضع الأقراط، أو"البلوطة"بالمحكية التونسية، على لسانه وفوق حاجبه، وهو يسعى إلى أن يزيد منها في أماكن أخرى. ولم يمانع والدا سالم هذه الموضة، فهما، كما يقول،"يتمتعان بفكر متحرر، ولا يجدان سوءاً بما أقوم به". وفي أحد المهرجانات الموسيقية التي شهدتها العاصمة التونسية قبل فترة وجيزة، اعتمد أعضاء إحدى فرق" الهيب هوب"الأقراط. وضعوها جميعهم بلا استثناء وبشكل ملفت للنظر، وبأحجام كبيرة. ويقول نعمان 18 سنة الذي يضع قرطاً في أذنه منذ خمس سنوات:"اعتمدتها وأصدقائي لغرامنا بها، كما أن هذه الحلي تتماشى مع نوعية الموسيقى التي نؤديها، خصوصاً السلاسل الكبيرة الحجم، والأهم من هذا وذاك أننا أحرار في كيفية ظهورنا بأي شكل يريحنا ويلفت النظر إلينا". ويحمل بعض الأمور دلالات قد تخفى على بعضهم ويعرفها بعضهم الآخر، فوضع الحلقة في الأذن اليسرى قد يرمز إلى أن الشخص مثلي، لكن جواب نعمان جاء غريباً:"ثقبت أذني اليسرى لأن الجهة اليمنى مقدسة في الإسلام، فالأكل باليد اليمنى والسلام باليمنى، لهذا فاليسرى هي الأنسب". ولم يشرح نعمان من أين استقى هذه النظرية، لكنها أقنعته على ما يبدو. وانتشرت تقليعة"البلوطة"جداً بين الشباب وبخاصة المراهقين، لكنهم يمتنعون عنها في المدرسة من منطلق الخجل والخوف من تعليقات الأساتذة. وسام 16 عاماً مثلاً، الذي يضع الأقراط منذ طفولته، يلجأ إلى إزالتها قبل ذهابه إلى المدرسة خوفاً من أسئلة الأساتذة وملاحظاتهم المحرجة أمام الزملاء. وكثيرون من واضعي الأقراط لا يتوجهون إلى صيدلية أو متخصص لإجراء الثقب، بل يفضلون شخصاً يعرفونه فيكون موضع ثقتهم لا سيما أن العملية عند مختص قد تكون مكلفة. أنور مثلاً لا يتردد بثقب أي مكان يشاء صاحبه أن يضع قرطا فيه. العملية لا تأخذ وقتاً، يقول مضيفاً:"لا تكلف شيئاً"،"لم يشتك أحد من قبل إنه تأذى، فالأدوات التي استعملها معقمة بشكل جيد بحيث لا يبق مجال لآثار جانبية، والدليل عدد الأصدقاء الكبير الذين يلجأون إلي". اللافت أن أنور لم يجر لنفسه أي ثقب ولا يضع أي قرط"فهو لا تعجبه هذه الحركات"كما يقول. ويقوم بعض الاهالي الشباب بوضع اقراط لأبنائهم في بعض الأحيان. فصابرين التي أنجبت ولداً منذ ثلاث سنوات وضعت له"بلوطة"في أذنه، ليس لأنها كانت ترغب بإنجاب طفلة، بل لأن هذا"يزيد من جاذبية ابنها ذي الملامح الغربية". وتقول صابرين انها بعد سنوات لن تفرض ذوقها عل ابنها وستحترم رغبته بإبقاء"البلوطة" أو إزالتها،"فوقتها سيكون الخيار شخصياً".