آخر صيحات الموضة الفنية هي برامج هواة الغناء التي تكاد تقطع الهواء... هواء البث، والهواء الذي يتنشقه الجمهور العربي معاً. بين تلك البرامج يأتي"أكس فاكتور"الذي يعرض على شاشة"روتانا". وفي حين تحافظ لجنة التحكيم على صورة كلاسيكية عموماً أو جدية، فإن في لجنة تحكيم"أكس فاكتور"غرابة محدّدة في شخصية الفنان ميشال الفتريادس الذي يظهر غالباً على نمط مختلف يكسر الصورة المألوفة أو المفترضة لعضو لجنة التحكيم في البرامج الأخرى، وهذا حقه، هو الفنان الذي يؤمن بالفنتازيا في الشكل كما في المضمون، ويمارس سوريالية معينة في الفن وفي الحياة... لكن الغريب بما لا يقبل أي نوع من الانسجام ظهور الفتريادس بپ"الشروال"اللبناني القديم وهو اللباس الذي كان يرتديه أجداد اللبنانيين، وهذا للمناسبة أيضاً حقّه، فاللباس الفلكلوري البلدي المحلي في لبنان ليس حكراً على شخص بعينه كبير في السن أو صغير، بل هو مفتوح على من يرغب، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بمظهر يريد صاحبه أن يشير إما إلى هوية بلد أو إلى مزاج فني خاص به أو غير ذلك من النوازع والأفكار... عدم الانسجام تجلّى في تعمّد الفتريادس الربط بين"الشروال"الذي يعني الرجولة والرجال في لباسه، وپ"القرط"الذي يعني الأنوثة والإناث في أذنه. وجمع الفتريادس بين"الشروال"و"القرط"جمعاً غير جائز لا فنياً ولا فلكلورياً ولا حتى سوريالياً أمام جمهور عربي واسع ربما لا يعرف التناقض بينهما في المجتمع اللبناني الذي اعتاد مظاهر كثيرة في السنوات الأخيرة من تقليعات غربية لكنه لم يتعوّد حتى الآن على"القرط"في آذان الشباب والرجال، وما زال يعتبر الأمر خروجاً على"الطبيعة"البشرية، فكيف إذا جُمع"القرط"الذي يعني حرية الفرد في بعض المجتمع الغربي لا في المجتمع العربي حتى الآن... أقلّه مع"الشروال"الذي يعني تقليداً اجتماعياً لبنانياً محافظاً؟ من المؤكد أن سوريالية ميشال الفتريادس أخذته إلى"القرط"في أذنه وهو حرّ طالما انه يمارس حريته الشخصية والفنية في إطار لا يزعج غيره ويراه مناسباً له أولاً وأخيراً ولا يفرضه على أحد. أما أن يموج حريته الشخصية في"القرط"بلباس"وطني"له أصوله وتقاليده ومعانيه المختلفة كلياً والمتعارضة كلياً والمناقضة كلياً هو"الشروال"، فذلك ما لا تستسيغه العين فضلاً عن مجافاته المنطق الاجتماعي الذي قد يملك استعداداً لتقبّل ظواهر عدّة غريبة الأطوار ولهضمها، لكنه يبقى عاجزاً عن هضم شكل غير متآلف بين"فوق"وپ"تحت"في جسم الإنسان الواحد، كأن يرتدي فنان أو إنسان عربي مثلاً الكوفية والعقال على رأسه، والمايوه على جسمه في وقت واحد، أو ترتدي فنانة أو امرأة شرقية آخر صيحات الموضة في الأزياء على جسدها، وتضع"البرقع"الأفغاني على وجهها في آن! ينبغي أن يختار ميشال الفتريادس واحداً من اثنين: أما"القرط"في أذنه مع اللباس المدني الحديث، أو"الشروال"مع نزع"القرط". أما أن يزاوج بين الأمرين بذريعة السوريالية والغرابة فذلك فيه اعتداء على الفلكلور اللبناني في الأزياء، وعلى الشخصية"الوطنية"أيضاً. ليس ميشال الفتريادس وحده يخرج على قواعد فنية فرضها الواقع الاجتماعي والإنسان في لبنان والفلكلور جزء من الإنسان وذاكرته في برنامج للهواة هو"أكس فاكتور". هناك خروج آخر عندما يغني شباب ويدبكون على أنغام أغنية فلكلورية هي"الدلعونا"وهم أنصاف عراة: لم يكن كسر الصورة في الفن يوماً، تحطيماً لها، كان إضافة...