طلب نواب الاكثرية في البرلمان اللبناني من الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون "اتخاذ كافة الإجراءات البديلة التي يلحظها ميثاق الأممالمتحدة والتي تؤمن قيام المحكمة الدولية لمقاضاة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري التي وافق عليها مجلس الأمن". وذلك بعدما حضروا صباحا الى مقر البرلمان من اجل المطالبة بعقد جلسة للمصادقة على قانون المحكمة. وعجّ المجلس بالنواب، إذ حضر أكثر من ثلثي أعضائه، من الولاة والمعارضة، الى قاعاته وردهاته، لكنهم لم يعقدوا جلسة بسبب عدم دعوة رئيسه نبيه بري اليها، وتفضيله التريث. وفيما اعتبر نواب الأكثرية أنهم نجحوا في استدراج رفاقهم في المعارضة الى مبنى البرلمان، في سياق حملتهم منذ الثلثاء في 20 آذار مارس الماضي النزول الى البرلمان لمطالبة رئيسه بتفعيله بعد بدء دورته العادية قبل أسبوعين، فشارك 60 منهم في التجمع داخله ولاقاهم 35 من المعارضة، أعلن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أمس أنه ينتظر الملاحظات حول مشروع المحكمة التي ستسلمها دمشق الى الرياض والقاهرة. راجع ص 6 و7. واعتبرت مصادر الأكثرية النيابية ان الحضور الكثيف في البرلمان للمرة الثالثة من تحرك نوابها نحو المجلس كان خطوة فاصلة على طريق اعتبار قوى 14 آذار والحكومة أنها"استنفدت كل وسائل السعي الى إقرار المحكمة في إطار المؤسسات الدستورية اللبنانية، وأن في استطاعتها بعد رفض المعارضة وبري البحث في الأمور في إطار البرلمان، اللجوء الى وسائل أخرى من اجل ضمان قيام المحكمة"، في إشارة الى إمكان التحرك لدى الأممالمتحدة لإقرار إنشائها من قبل مجلس الأمن تحت الفصل السابع، ولكن مع استثناء الفقرة التي تجيز استخدام القوة منه. وتابعت هذه المصادر:"ثبت للمرة الثالثة انه ممنوع علينا سلوك السبيل الدستوري الداخلي وبقي البرلمان مقفلاً من زاوية عقد الجلسات، في وجهنا". وقال السنيورة في دردشة مع الصحافيين في السرايا الكبيرة أمس رداً على سؤال عن حركة السفير السعودي عبدالعزيز خوجة الذي التقاه أمس أن"المساعي التي تقوم بها المملكة العربية السعودية جيدة وخيّرة ومستمرة، ونحن بعد القمة العربية، ننتظر تطور بعض الامور. ننتظر لنستمع ما هي الملاحظات حول مشروع المحكمة التي استمع اللبنانيون جميعاً الى كلام سياسي كثير حول تأييدها، لكنهم يستغربون حين يسمعون كلاماً بتأييد المحكمة ثم يرون أفعالاً مغايرة. يقولون لدينا ملاحظات وكأن هذه الملاحظات سر من الأسرار، والحقيقة ان من يقوم بذلك يسيّس المحكمة لأنه يربط هذا الموضوع بموضوع الحكومة". وسئل السنيورة: يقال ان سورية قدمت ملاحظاتها في شأن المحكمة الى المملكة العربية السعودية، وهي نفسها ملاحظات المعارضة في لبنان، فأجاب:"لماذا نستبق الامور، حين تتسلم المملكة ومصر هذه الملاحظات سنطلع عليها، وهذا أمر اعتبره جيداً جداً لأننا للمرة الأولى سنتسلم شيئاً مكتوباً واضحاً. كل ما نسمعه الآن عبارة عن وشوشات". ودعا السنيورة في تعليقه على ما جرى في البرلمان أمس، الرئيس بري الى تطبيق مقولته ان المجلس سيد نفسه، تاركاً له ان يقرر سحب ثقته من الحكومة او تأكيدها. وتوقع السفير السعودي عبدالعزيز خوجة بعد لقائه السنيورة ان"يُستأنف الحوار بين الرئيس بري والنائب الحريري قريباً جداً لحل كل المشاكل"، لكنه رفض تحديد الموعد"بسبب الدواعي الأمنية". وأكد أن"الحوار هو السبيل الوحيد لتهدئة الأمور بين الأطراف"، نافياً وجود أي مبادرة سعودية. وزاد:"الاعتماد على الاتفاق اللبناني"، مشيراً الى انه لمس لدى السنيورة"كل تجاوب لاستمرار الحوار". رد بري ومساء رد مكتب بري على تشديد السنيورة على أن المجلس سيد نفسه، وجاء في بيان للمكتب:"القول بأن يكون هناك توافق على الحكومة واعادة شرعيتها واجماع على المحكمة قبل انعقاد جلسة مجلس النواب، وفي هذه الدورة أصبح برأي دولة الرئيس السنيورة ضد كون المجلس سيد نفسه ولا بد برأيه من السير بهذه المخالفات الدستورية، حتى يحظى بهذه السيادة. غريب هذا المنطق". وكان احتشاد نواب الأكثرية ومثلهم نواب المعارضة، لمقابلة تحركهم بموقف مضاد في البرلمان شهد سجالاً مضبوطاً بين الجانبين، وتخللته مصافحات وقبلات بين الخصوم، فجاءت الخطوة هادئة خلافاً لتوقعات بأن تؤدي الى اشتباك كلامي عنيف، فأدت الى تسجيل كل فريق موقفه أمام رجال الإعلام. وتلا نائب رئيس البرلمان فريد مكاري بياناً بالنيابة عن الأكثرية، اشار الى ان"هناك مجلساً نيابياً دستورياً وشرعياً وقانونياً ومنتخباً بحرية وغير متنازع عليه، وهناك من يقفل المجلس في وجه ممثلي الشعب"، معتبراً ان السبب هو إنشاء للمحكمة الدولية. وتوجه الى بري قائلاً:"نحن زملاؤك المخلصون مثلك انتخبنا الشعب ونحن من انتخبك رئيساً لهذا المجلس". ودعاه الى فتح الجلسة وترؤسها"لتفتح بذلك صفحة ذهبية في سجلك الحافل". وإذ عرض النائب نقولا فتوش من الأكثرية مطالعة دستورية تؤكد وجوب دعوة بري الى جلسة، رد نواب المعارضة على بيان مكاري ببيان تلاه باسمهم النائب نبيل نقولا من"تكتل التغيير والإصلاح"الذي يتزعمه العماد ميشال عون، بعد اجتماع حضره نواب"حزب الله"وحركة"أمل". وطالب نواب الأكثرية بتسهيل إقرار التسوية السياسية التي أعلن عناصرها الرئيس بري قبل أسبوعين وتتضمن إعطاء المعارضة الثلث المعطل في الحكومة بعد تأليف لجنة تبحث التعديلات على المحكمة وتقرها. وأكد نقولا موقف المعارضة"المرتكز الى الميثاق الوطني والدستور باعتبار الحكومة فاقدة الشرعية والدستورية ولا يمكن بالتالي التعاطي معها… والمكابرة التي يمارسها رئيسها لا تغطي على سقوطها"، معتبراً انها"العائق أمام استكمال آلية إقرار المشاريع وإحالتها أمام البرلمان ليصبح بالإمكان عقد جلسات تشريعية". وسلم وفد من نواب الاكثرية مساء الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون مذكرة موجهة الى بان وقعها سبعون نائباً، يدعونه فيها الى"اتخاذ كافة الإجراءات البديلة التي يلحظها ميثاق الأممالمتحدة والتي تؤمن قيام المحكمة الدولية التي وافق عليها مجلس الأمن". وترأس الوفد رئيس كتلة"المستقبل"النيابية النائب سعد الحريري وضم نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري والنواب وائل أبو فاعور وأنطوان زهرا وسمير فرنجية. وتفصل المذكرة التي تقع في خمس صفحات كل المحطات والقرارات التي شهدتها قضية تشكيل المحكمة منذ اغتيال الحريري والعراقيل التي وضعت في وجه إبرامها من رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي. وتشير المذكرة الى رفض رئيس الجمهورية اميل لحود إصدار مشروع إحالة الاتفاقية حول المحكمة مع الأممالمتحدة على المجلس النيابي والى اعتباره ان الحكومة فقدت شرعيتها، معتبرة موقفه مخالفاً للدستور. وشرحت المذكرة أوجه الخلاف الدستوري مع رئيس الجمهورية كما أوضحت ان الحكومة أحالت مرسوم مشروع الاتفاقية على المجلس النيابي وان رئاسته رفضت استلامه بحجة عدم توقيعه من رئيس الجمهورية، وشرحت النزاع الدستوري مع الرئيس بري حول هذا الجانب، وخلصت الى انه نظراً الى محاولة رئيس الجمهورية تعطيل صلاحيات حكومة لبنان الشرعية ورفض رئيس المجلس النيابي قبول إحالة مشروع القانون لإبرام الاتفاقية مع الأممالمتحدة والى تعطيل مقصود للمؤسسات الدستورية بهدف منع إنشاء المحكمة"جئنا في ضوء هذا الواقع ندعوكم الى اتخاذ كافة الإجراءات البديلة التي يلحظها ميثاق الأممالمتحدة والتي تؤمّن قيام المحكمة الدولية".