ظهرت ثاني أزمة تعصف بحكومة الوحدة الوطنية أمس عندما لوح رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية بأن تتخذ الحكومة "قراراً وطنياً" لم يفصح عن طبيعته "خلال شهر أو شهرين". وقال هنية إن الحكومة الفلسطينية ستكون "أمام قرار وطني خلال شهر أو شهرين ما لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني". وأضاف هنية أثناء زيارته مقر وزارة الزراعة في مدينة غزة أمس ولقائه وزير الزراعة محمد الأغا ومديرها أن"الشعب الفلسطيني وصل إلى درجة عالية من تحمل المعاناة على صعيد ممارسات الاحتلال التعسفية من جهة، والحصار الجائر المفروض عليه من جهة أخرى". واكد هنية، من دون أن يفصح عن تفاصيل، أن"القرار الوطني سيكون محل اجماع وطني فلسطيني، بما يخدم مصلحة الشعب، بما في ذلك آلية الرد على التهديدات الاسرائيلية للمدن والقرى الفلسطينية، والتي كان آخرها التهديدات باجتياح قطاع غزة"، في تلميح إلى احتمال وقوع أزمة كبرى ما لم يتم تدارك الأمور قبل فوات الاوان. وواصل هنية الحديث بألم عن معاناة الفلسطينيين، مشيراً إلى الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني جراء فرض حصار مالي على الحكومة، ما أعجزها عن دفع الرواتب كاملة لأكثر من 165 ألف موظف عمومي مدني وعسكري في أعقاب فوز حركة"حماس"الكاسح في الانتخابات التشريعية في كانون الثاني يناير من العام الماضي. ولفت إلى مساعي الحكومة لرفع الحصار عن الأموال المفروضة في القمة العربية الأخيرة، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، وكذلك جهات الدعم المالي التي يجب أن تحول إلى الشعب الفلسطيني من الخارج، إضافة إلى الأموال التي تحتجزها اسرائيل. وقدر هنية:"الأموال المتراكمة المستحقة للشعب الفلسطيني منذ العام الماضي بنحو بليون ونصف بليون دولار، إلى جانب ما سبقها من استحقاقات قبل الحكومة العاشرة"في إشارة إلى الحكومة التاسعة التي ترأسها أحمد قريع أبو علاء. وكشف هنية النقاب عن أن"الحكومة أرسلت مع وزير المال سلام فياض رسائل عدة إلى المعنيين بدفع مستحقات الشعب الفلسطيني، بمن فيهم السعوديون الذين استضافوا قمة الرياض وقدموا رعايتهم الكريمة لاتفاق مكة بأن اتفاق مكة لا يمكن أن يصمد من دون الالتزام بدفع الأموال التي تعتبر من مقومات صموده". وقال:"لدى السعوديين توجه إيجابي بتحويل 250 مليون دولار"للفلسطينيين من دون أن يحدد موعد ارسال المبلغ، معتبراً أن من شأن هذه الأموال أن"تحل جزءاً كبيراً من مشكلة رواتب الموظفين". وفي ما يتعلق بالملف الأمني، قال هنية ان"الحكومة مصممة على المضي قدماً في تنفيذ الخطة الأمنية التي أقرتها وزارة الداخلية". وأضاف أن الحكومة والوزراء"قدروا"خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي أول من أمس"مضمون استقالة وزير الداخلية هاني القواسمي التي رفضناها شكلاً، حيث أبدى الجميع دعمه لتحقيق الهدف من وراء الخطة، التي سيبدأ تنفيذها من جنوب القطاع إلى شماله"من دون أن يحدد موعداً لبدء التنفيذ. وجدد القول إنه ينتظر عودة الرئيس محمود عباس من جولته الأوروبية الحالية كي يبحث معه استقالة القواسمي وأسبابها كي يتم تذليل كل العقبات. وأكد أهمية وضرورة"القضاء تماماً على مظاهر الفوضى والانفلات الأمني، وعدم عودة الساحة الفلسطينية إلى مربع الاقتتال، والحفاظ على الجبهة الداخلية موحدة في مواجهة الاحتلال وحماية المقاومة الفلسطينية".