مع بدء العد العكسي للدورة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية يوم الأحد المقبل، حرص مرشح اليمين الحاكم نيكولا ساركوزي على التوجه الى بلدة كولومبي لي دوزيغلير حيث انحنى أمام ضريح الرئيس الراحل الجنرال شارل ديغول، ووصفه بأنه"رمز للأمل". وخلافاً لتنقلاته الاعتيادية التي يرافقه خلالها عشرات الصحافيين المصورين، أصر ساركوزي على عدم اصطحاب أكثر من صحافيين، خلال هذه الزيارة التي تهدف الى الإيحاء بأنه يستمد شرعيته من"المؤسس"، وليس من خلفه الرئيس جاك شيراك، الذي ركز حملته على شعار القطيعة مع حصيلة عهده. وأكد ساركوزي في تصريح أدلى به خلال الزيارة انه يعتبر نفسه بمثابة تجسيد"للقطيعة"وإنما أيضاً"لاستمرارية تاريخ فرنسا"، مشيراً الى عدم وجود تناقض في هذا القول. وأوضح ان"القطيعة التي أدعو اليها في إطار العمل السياسي تؤدي الى استعادة معنى الهوية الوطنية الفرنسية". وأن ديغول"جسد الشغف بفرنسا وبخدمة المصلحة العامة والتفاني"، كما انه"جسد الوفاء لقناعاته وهي قيم لم يأت عليها الزمن". وأضاف ان"كولومبي شهادة عن فترة لم تكن فرنسا خلالها تشك بنفسها وكان الجنرال ديغول رمزاً للأمل. فعندما ضاع كل شيء كان لا يزال يأمل ويحض على ذلك ملايين الفرنسيين". وتابع انه"يحب فرنسا ويريد أن يحب كل فرنسي وأن يبث لديه الأمل"وانه يريد أن يمد يده"الى كل الفرنسيين في وقت تتكاثر فيه التصريحات ومشاريع التحالفات والدكاكين". وبعد وقوفه أمام ضريح الجنرال، توجه ساركوزي منفرداً الى"لابوازريه"وهي ملكية ديغول حيث توفي سنة 1970. وتأتي هذه الزيارة في ظل احتدام التنافس في إطار الحملة الانتخابية، وفي ظل استطلاعات جديدة تشير الى تقدم ساركوزي على منافسيه الرئيسيين: المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال ومرشح الوسط فرانسوا بايرو الذي شهدت شعبيته تراجعاً جديداً. وأفاد الاستطلاع الذي نشرت نتائجه صحيفة"لوفيغارو"ان ساركوزي سيهزم رويال في الدورة الثانية من الانتخابات في حال مواجهتها له، لأن 43 في المئة من ناخبي بايرو سيصوتون له مقابل 36 في المئة سيصوتون لمصلحة المرشحة الاشتراكية. في غضون ذلك، حذر زعيم الجبهة الوطنية اليمينية اليمين المتطرف جان ماري لوبن، ساركوزي من انه سيجد نفسه في موقع المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان نفسه في انتخابات الرئاسة سنة 2002. وكان جوسبان خرج من السباق الرئاسي، عقب الدورة الأولى، على رغم استطلاعات الرأي المواتية له، وحل محله لوبن الذي نافس شيراك على الرئاسة في الدورة الثانية. وقال لوبن في حديث الى اذاعة"فرانس انفو"، أن"هناك بعداً لم يؤخذ في الاعتبار في إطار هذه الحملة وهو الفساد"، وذلك غداة وصفه ساركوزي بأنه أحد قادة"الرعاع السياسي". أما الأمين العام للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند، فصرح بأن ساركوزي الذي يدعي انه"مرشح الغالبية الصامتة"هو في الواقع"مرشح الغالبية الثرثارة التي تدير فرنسا منذ خمس سنوات". وفيما التباين على أشده بين المرشحين الرئيسيين للرئاسة الفرنسية، أفادت صحيفة"لوموند"، انهم عموماً على توافق في ما يخص الملفات الدولية الكبرى. وأشارت الصحيفة الى ان ساركوزي ورويال وبايرو متفقون على ضرورة تشديد العقوبات على السودان بسبب الأزمة في دارفور، وانهم متفقون أيضاً على ضرورة التشاور على صعيد الأسرة الدولية في شأن الملف النووي الإيراني ويحذرون من عمل عسكري أحادي قد تقدم عليه الولاياتالمتحدة.