منذ انطلاقها قبل أكثر من شهر، تحقق قناة "إم بي سي آكشن"، حضوراً لافتاً بين الشباب الفلسطيني، الى درجة أن المقاهي هنا باتت تحرص على استقطاب زبائنها من خلال تركيزها على القناة التي تبث أفلام نجوم "الآكشن" المعروفين، مثل جان كلود فاندام، وآرنولد شوارزينيغر وجاكي شان، أكثر من سواها من المحطات. ويقول الطالب الجامعي بلال حمودة:"جميل أن تطل علينا قناة متخصصة في هذا النوع من الأفلام... ففي السابق كانت القنوات التي تبث أفلاماً أجنبية تخصص يوماً واحداً في الأسبوع، أو اثنين بأقصى تقدير، لأفلام"الآكشن"... الآن، وفي الوقت المتاح أمامنا، يمكننا مشاهدة فيلمين أو أكثر، في اليوم الواحد، وهذا يلبي نهمنا لمتابعة هذه الأفلام الشيقة". ويضيف حمودة:"أعلم أن الشباب، في شكل عام، يحبون هذا النوع من الأفلام، لكن ما يميز علاقة الشاب الفلسطيني بأفلام"الآكشن"، هو أنه يعيشها في كثير من تفاصيل حياته اليومية. فالرحلة من البيت إلى الجامعة، عبر هذا الحاجز العسكري الإسرائيلي أو ذاك،"آكشن".. واقتحام قوات الاحتلال لمدننا، وقرانا، وحتى منازلنا، والشقق السكنية التي نعيش فيها نحن الطلاب،"آكشن"... وزيارة أي من أقربائنا أو أصدقائنا في سجون الاحتلال،"آكشن"... الفارق أن ما نراه عبر الشاشة تمثيل، وندرك أنه كذلك، على عكس الواقع الذي نعيشه، ففي فلسطين ليس لدينا"فاندام"القادر على هزيمة كتيبة من الأشرار بمفرده، وإن كانت هناك حكايات بطولية... وفي الأفلام يحارب البطل عصابة من اللصوص أو قطاع الطرق أو المافيات، أما نحن فنحارب من اغتصب أرضنا، وغالباً ما يكون"الآكشن"موجهاً ضدنا، ونحن ضحاياه، لا أبطاله". استقطاب مختلف الاعمار ويرى زميله محمد طلال أن"هذه القناة جاءت لتحل مشاكلنا مع وقت الفراغ"، ويقول:"في فلسطين، نعاني نحن الشباب من وقت فراغ قاتل... أعتقد بأن هذه القناة ستشغل بعض هذا الوقت، لدى غالبية الشباب الذين يحبون هذا النوع من الأفلام... فمن الصعب العثور على شبان يفضلون الأفلام الرومانسية، أو أفلام الواقع... واكاد أجزم أن غالبية الشباب الفلسطيني، مغرم بأفلام"الأكشن"والمغامرات والخيال العلمي، ولهذا يمكنني القول إن القناة الجديدة، باتت القناة المفضلة عند كثرٍ في فلسطين". ولا تقتصر متابعة القناة على الشباب، بل لكبار السن حصة، ويقول أبو سمير مدرس متقاعد:"منذ تقاعدي أنا ومجموعة من أصدقائي، بتنا لا نفارق المقهى... ولكن مع ظهور هذه القناة ازداد تعلقنا بالتلفزيون... فنحن نحب الأبطال الشجعان والمغامرين". وللفتيات نصيب من متابعة"آكشن"، وفق ما تؤكد منى غالب سكرتيرة، مشيرة إلى أنها وبعض صديقاتها يتابعن هذه القناة، من وقت الى آخر،"خصوصاً أفلام فاندام، صاحب الشعبية الطاغية لدينا"... وتشير بعض الدراسات الى أن المناطق الأكثر"صخباً"، والتي بات العنف جزءاً من تركيبتها المجتمعية، وربما الثقافية، كما في الولاياتالمتحدة، والمناطق التي تشهد حروباً كفلسطين والعراق ولبنان، يقبل سكانها أكثر من سواهم على أفلام العنف والإثارة التي تعرف بأفلام الپ"آكشن"، والتي تحولت إلى لغة عالمية مربحة... حتى أن منتجي هذا النوع من الأفلام، طوّروا مواد متنوعة لإشباع هذه الرغبة، فهناك أفلام"الويسترن"، التي يدحر فيها راعي البقر الأبيض الهندي الأحمر، وهناك أفلام الرعب المليئة بالدماء كدراكولا، وهناك أفلام الأبطال أصحاب القدرات الخارقة بروس لي، رامبو، أرنولد، جاكي شان، فاندام، وهناك نوعية خاصة من أفلام العنف متعلقة بالكوارث من زلازل وحرائق وسقوط طائرات وغرق سفن... إضافة الى أفلام أخرى متعلقة بالوحوش ومنها: كينغ كونغ، والفك المفترس، وأناكوندا الأفعى الأمازونية... سينما العنف وبحسب دراسة أجراها فريق من جامعة"ألينوي"الأميركية، فإن سينما العنف تتحول إلى ما يشبه الإدمان، بالتالي فإن مدمن أفلام العنف يحتاج دائماً إلى جرعة أكبر فأكبر، وهكذا أصبح صنّاع الأفلام يتفننون في زيادة عدد القتلى في الفيلم، بل إن كتاب السيناريو في هوليوود الذين يشعرون بالملل يتخلصون من مللهم بمشاهد القتل والدماء، وفق ما أفادت الدراسة، التي تؤكد أنه عندما يشاهد الناس العنف كل يوم في التلفزيون، يخيل إليهم أن ضرب الآخرين وقتلهم شيء عادي، وهذا ما يحذر منه خبراء علم النفس في الأراضي الفلسطينية، مشددين على أنه، ومن دون قنوات متخصصة في أفلام العنف، فإن الفلسطينيين، ومن شدة ما يعانونه جراء جرائم الاحتلال، باتوا يتعاملون مع خبر استشهاد أو مقتل أحدهم كخبر عابر.