هل يهم اذا كان ارنولد شوارزينيغر يتكلم الانكليزية بلكنة نمسوية ثقيلة؟ وهل يهم انه مهاجر حديث نسبياً؟ ثم هل يهم ان ايرادات أفلامه في الأعوام الخمس الأخيرة لم تجاوز تلك التي حققها من قبل؟ "الترميناتور" درس موضوع ترشيح نفسه لمركز حاكم ولاية كاليفورنيا في الانتخابات التي ستجرى في 7 تشرين الأول اكتوبر المقبل، ووجد أن أياً من هذه الحقائق لا يهم. منتصف ليلة أمس الخميس أعلن من خلال برنامج جاي رينو "تونايت شو" انه سيرشح نفسه لانتخابات حاكم كالفورنيا لأن غاري ديفيز، الحاكم الحالي، "أضاع مركزه"، و"توقف عن العمل لصالح الناس وأخذ يعمل لصالحه". عند باب ستديو محطة "ان بي سي"، حيث تجمهر عشرات الصحافيين، قال أكثر: "أعلم ان مواطني كاليفورنيا يريدون قيادة أفضل. يريدون قيادة عظيمة. لا يهم اذا كنت ديموقراطياً أو جمهورياً، اذا كنت شاباً أو عجوزاً. كل واحد مرحب به في هذه الانتخابات وأنا أكثر المرشحين تفرداً لأنني من الخارج". أضاف: "كما تعلمون أنا مهاجر. جئت الى أميركا مهاجراً وما جعلني أقف هنا اليوم هو الأذرع المفتوحة للأميركيين". في الحقيقة ليست الأذرع مفتوحة فقط وانما الجيوب ايضاً. فمن مهاجر لا يجيد الانكليزية على نحو شبه مطلق، الى نجم بالغ الثراء ورجل أعمال ذكي درس الاقتصاد في جامعة ويسكنسن با في امكانه أن يدخل السباق الصعب من دون الاعتماد على مصادر دعم خارجية. وهو يستغل ذلك لمصلحة حملته حين يؤكد للجمهور الحاشد: "تستطيعون التأكد من أن أحداً لا يستطيع شرائي". وتبدو حظوظ شوارزينيغر أقوى مع انسحاب عضو مجلس الشيوخ الديموقراطية الشهيرة ديان فينشتاين من السباق. ومن منافسيه، النائب الجمهوري اللبناني الأصل داريل عيسى الذي انفق 1.6 مليون دولار من ماله الخاص لدفع الولاية إلى انتخابات مبكرة، والممثلة الإباحية ميري كاري التي أعلنت ترشيح نفسها إلى المنصب، إضافة إلى "ملك الصحافة الإباحية" لاري فلينت. الحلم الأميركي شوارزينيغر قصة نجاح بلا ريب. ليست سبّاقة ولا هي فريدة لكنها كبيرة. جاء الى اميركا من قرية صغيرة في النمسا اسمها ثال. والده أراده لاعب كرة، وهو أراد أن يصبح بطل رفع أثقال وكمال جسماني وفي العام 1968 وصل الى أميركا وشق طريقه في رياضة بناء الأجسام ثم في التمثيل مستفيداً من جسمه الضخم وعضلاته المفتولة. راح يتنقل من فيلم الى فيلم وصولاً الى "ترميناتور"، وكان في كل خطوة يتقدم مسافة الى طموحه الكبير. لم يكن ممثلاً درس التمثيل أو مارسه على المسرح أو حتى في أوقات الفراغ، لكنه كان يعلم أن هناك حاجة الى أمثاله. نموذجه البطولي جون واين كان رحل، ايستوود كان يكبر والآخرون من حوله كانوا يوزعون أدوارهم بين الأفلام التي تتطلب مهارات في الكونغ فو والتيكواندو. اما هو فذهب الى مهارة فك الرقاب مباشرة ونجح كما لم ينجح أحد غيره في هذا النوع من الأفلام. كان الجمهور بحاجة الى ذلك فأصبح شوارزينيغر نموذجاً خاصاً وقصة نجاح أخرى. هو يتحدث الآن عن "الحلم الأميركي" فما حدث له ومع آخرين قبله كان جزءاً من "الحلم الذي يستطيع أن يحققه كل منا"، كما يقول. ولا ريب ان الأمر سيبدو كذلك فعلاً اذا تمكن شوارزينيغر من بلوغ السدة الجديدة التي يتوجه اليها. وعلى أرض الواقع، فإن احتمال وصوله كبير ان لم يكن لشيء فلأنه "سيعرف كيف يعيد لهوليوود مكانتها كعاصمة للسينما العالمية"، كما يقول أحد العاملين في السينما الذي يجد أن معظم الأفلام باتت تصوّر الآن في مونتريال وتورنتو وفانكوفر حتى لو دارت أحداثها في أميركا. لكن وصول شوارزينيغر الى منصب حاكم الولاية لن يكون بهذه التذكرة وحدها. فمسعاه قائم على حقيقة مختلفة وهي ان كاليفورنيا كانت حين وصل اليها لا تزال مرتع الأحلام الكبيرة، أما الآن فهي ولاية الإفلاس الإداري والصفقات التي لم تؤتِ ثمارها ولم تسد بعد شيئاً من عجز الولاية الذي يبلغ 43 بليون دولار. وكان قرار شوارزينيغر الترشح للمنصب عن الحزب الجمهوري، جبه في البداية بمعارضة من زوجته الديموقراطية ماريا شرايفر المحازبة للديموقراطيين كونها ابنة أونيس كينيدي شقيقة الرئيس الراحل جون كينيدي. وقال شوارزينيغر خلال برنامج تلفزيوني في لوس أنجليس مساء أول من أمس، إن القرار كان "أحد أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي". ومازح مضيفه جاي لينو في برنامج "تونايت شو" الساخر، قائلاً إن زوجته ستعطي صوتها للجمهوريين "للمرة الأولى في حياتها".