يبدأ المزين فالديت عمله كل يوم، في صالون التزيين"ميلو يلو"ببريستينا، ولكنه لا يعرف إذا كان في مستطاعه الانتهاء من تصفيف شعر زبونة من الزبائن. فالتيار الكهربائي مقطوع. والمولد الكهربائي الخاص بالصالون احترق، شأن ثلاثة من أجهزة تجفيف الشعر. وانشغال الناس بأعباء الحياة اليومية الكوسوفية، وتحصيل لقمة العيش، وضيقهم بپ"تعب أعصابهم"، تغلب على انشغالهم بالسياسة، واهتمامهم بمتابعة تفاصيلها. وأصحاب المهن الحرّة، مثل مصففي الشعر، مهددون بالبطالة في حال عجزوا عن تأدية عملهم جراء انقطاع التيار الكهربائي. وهذا بينما ينشغل العالم بكوسوفو، هذه الأيام. ويكاد هذا البلد يستضيف على أرضه أكبر عدد من الديبلوماسيين في العالم. فمنذ 1999، تدير لجنة الأممالمتحدة الانتقالية "مينوك" شؤون هذا الإقليم الصربي المتمرد، والساعي الى الاستقلال عن صربيا. ومعظم سكان الإقليم هم من الألبان. ونسبة هؤلاء الى السكان هي ثمانية وثمانون في المئة. ويبحث مجلس الأمن موضوع كوسوفو ويسعى الى إقرار مصير الاقليم. ويدعو السياسيون الكوسوفيون المجتمع الدولي الى المسارعة في بت قضية استقلال كوسوفو، وفي منح الاستقلال الى شعب لا ينتمي الى الدولة الصربية، وتفادي اندلاع ثورة استقلالية عاصفة. ويزعم السياسيون أن من شأن استقلال كوسوفو تذليل مشكلاتها، وضمان مستقبل مشرق. ولكن الكوسوفيين كادوا يفقدون الأمل في الغد الواعد. فثماني سنوات مرت على صمت المدافع، ولم تتحسن ظروف عيشهم. ويعيش الكوسوفيون على وقع"حركة التيار الكهربائي". ويستعيضون عن أجهزة التدفئة الكهربائية المركزية بالتدفئة على الحطب التقليدية. والشكوى من شركة كهرباء كوسوفو هو قاسم مشترك بين الصرب والألبان في كوسوفو. ويكيل جونوز الألباني الشتائم الى موظفي هذه الشركة. فهو يدفع خمسين يورو. ويبلغ متوسط دخل الفرد نحو مئة يورو شهرياً مقابل"تقنين الكهرباء خمسة ساعات في اليوم". وتقسم شركة كهرباء كوسوفو البلد الى ثلاث مناطق، وتخصص للواحدة ساعات معينة من التغذية الكهربائية. فمن يسدد بدل حصوله على الكهرباء، ويعيش في منطقة "سي 4/2"، والجباية ضعيفة في هذه المنطقة، يُزود بأربع ساعات متصلة من التيار الكهربائي، ثم تقطع عنه الكهرباء ساعتين. وهذا التقسيم يكاد يكون مثابة عقوبة جماعية. فهو يساوي بين المتخلفين عن تسديد فواتيرهم وبين مسدديها من سكان المنطقة الواحدة. ولكن معظم الكوسوفيين أي ثلثي عدد السكان لا يسددون بدل اشتراكهم الى شركة الكهرباء. ويعزو مسؤولون كوسوفيون عزوف مواطنيهم عن تسديد هذه الاشتراكات الى الفقر، والى ضعف عهدهم بالدولة ومؤسساتها. ويقاطع الصرب مؤسسة كهرباء كوسوفو بسبب رفض بلغراد الاعتراف باستقلال الإقليم ومؤسساته، ويفضلون قطع الكهرباء عنهم على دفع الضرائب والأموال الى حكومة كوسوفو. وشركة كهرباء كوسوفو شبه غائبة في مناطق الأقلية الصربية. وتقوم شركة صربية تابعة لبلغراد بتصليح الأعطال الكهربائية عوض شركة كهرباء كوسوفو. ويعزز هذا النوع من الخدمات سلطة بلغراد في أوساط صرب كوسوفو. عن دلفين سوبابر، "ليكسبريس" الفرنسية، 29 / 3 / 2007