بحث كبار منتجي الغاز في العالم أمس فكرة تحويل المنتدى الذي يجمعهم إلى تكتل على غرار "منظمة الدول المصدرة للنفط" أوبك، لكنهم سعوا في الوقت نفسه إلى طمأنة المستهلكين إلى ان الوضع سيظل على ما هو عليه في الوقت الحالي. ورفضت قطر، المضيفة للمؤتمر وصاحبة ثالث أكبر احتياطات للغاز في العالم فكرة التجمع، مصرة على ان منتدى الدول المصدرة للغاز سيعمل لما فيه مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء. وقال وزير الطاقة القطري عبدالله بن حمد العطية للصحافيين قبل بدء الاجتماع في العاصمة القطرية انه يكره كلمة تكتل. وأفاد أن الفكرة ستُناقش في الاجتماع وأن جدول الأعمال مفتوح، لكنه شدد على ضرورة التعاون بين المنتجين والمستهلكين. ودعا إلى العمل على زيادة التعاون لتحقيق استقرار السوق ومنح الثقة للمستهلكين، مطالباً بإصدار بيان إيجابي موجه للعملاء مفاده ان المنتجين معهم وليسوا ضدهم. وكانت إيران أثارت مجدداً في كانون الثاني يناير الماضي فكرة تحويل تجمع منتجي الغاز إلى تكتل أقوى نفوذاً، سرعان ما تبنى وزراء الطاقة في دول أكثر تشدداً الفكرة. وقال وزير الطاقة الإيراني كاظم وزيري هامانه:"نعتقد بأن منظمة كهذه ستكون مفيدة. هناك مقترحات في هذا الشأن ولكن العملية ستكون طويلة". وأوضح بعد جلسة الافتتاح ان الولاياتالمتحدة"لم تفهم المغزى من إنشاء مثل هذه المنظمة"، مؤكداً ان الأخيرة"لن تكون ضد أحد"، في رد على واشنطن التي رأت في خطوة كهذه"ابتزازاً"للدول المستهلكة. وأيدت فنزويلا فكرة إقامة تكتل لمنتجي الغاز في الوقت الذي تسعى فيه مع بوليفيا إلى إقامة تجمع إقليمي لمنتجي الطاقة في أميركا الجنوبية. وقال وزير الطاقة الفنزويلي رفاييل راميريز"اعتقد بأنها فكرة جيدة للغاية. فالغاز ثاني مصدر للطاقة في العالم". ولا تصدِّر إيران أو فنزويلا غازاً على رغم انهما تملكان احتياطات كبيرة منه. وينتظر ان يطور البلدان هذه الاحتياطات يوماً ما. وعلى رغم ان الرئيس الروسي وصف في وقت سابق من السنة فكرة التكتل بأنها مثيرة للاهتمام، خففت روسيا، أكبر مصدِّر للغاز في العالم، حدة الاقتراح. وأكد وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستنكو في مطلع الأسبوع لا نية لدى روسيا التي ستستضيف المنتدى السنة المقبلة للتحكم في الأسعار على حساب الدول المستهلكة. وكان خريستنكو أعلن في موسكو السبت الماضي انه يريد ان يشكل منتدى منتجي الغاز، جزءاً من حوار الطاقة العالمي بين المنتجين والمستهلكين. ونقلت وكالة الأنباء الروسية"نوفوستي"عنه قوله في مؤتمر صحافي في موسكو قبل سفره إلى العاصمة القطرية ان مؤتمر الدوحة لن يشهد"توقيع أي اتفاق يقضي بإنشاء أوبك للغاز، خصوصاً أن المطلوب قبل التوقيع على وثيقة ما الإعداد لها"، موضحاً:"يجب ان يعمل الخبراء في هذا المجال". ويرى محللون ان على روسيا طمأنة زبائنها بأنها مصدر جدير بالاعتماد عليه، خصوصاً أنها قطعت صادرات الطاقة الأوروبية مرتين في إطار خلافات في شأن التسعير مع الدول التي تمر عبرها إمدادات الطاقة. ومنذ تأسيسه في عام 2001، لا يعتبر المحللون منتدى منتجي الطاقة اكبر من تجمع لتبادل الأحاديث على رغم ان أعضاءه يضخون نحو 60 في المئة من صادرات الغاز العالمية. وعلى رغم تنامي أهمية الغاز مصدراً للطاقة، فإن المحللين لا يتوقعون ان يتمخض اجتماع الدوحة عن أي قرارات جذرية. وأشار وزراء إلى ان احتمال تحول المنتدى إلى تكتل على غرار"أوبك"فكرة غير عملية نظراً إلى أن منتجي الغاز يمدون مناطق مختلفة من العالم به ويحددون عادة الأسعار على أساس عقود طويلة الأجل. وأكد وزير الطاقة الإندونيسي بورنومو يوسجيانتورو ان"الغاز والنفط مختلفان". واتفق معه وزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل قائلاً ان سوق الغاز نشطة، لكن هذا لا يبرر إقامة منظمة على غرار"أوبك". وأوضح خليل لاحقاً ان منتدى للدول الرئيسة المنتجة للغاز يتجه إلى إقامة تكتل في الأجل الطويل، وان تحول المنتدى إلى منظمة شبيهة بپ"أوبك"سيستغرق فترة طويلة. ووجه الوزير الجزائري انتقاداً لاذعاً إلى أوضاع أسواق الغاز في غرب أوروبا قائلا:"أصبح صعباً على شركات مثل غازبروم الروسية أو سوناطراك الجزائرية أو غيرهما من خارج البلدان المستهلكة الدخول في هذه الأسواق ومنافسة الشركات الأخرى من الدول الأوروبية المستهلكة في شفافية كاملة وأوضح ان ما يحصل نتيجة للوضع الذي نشأ في أوروبا، خصوصاً بعد تحرير أسواق الطاقة. واعترض وزير البترول المصري سامح فهمي الذي يشارك في اجتماع الدوحة على الفكرة، وقال للصحافيين:"ليست فكرة جيدة في الوقت الراهن"، مضيفاً ان"العالم غير مستعد في الوقت الحاضر لتقبل أوبك للغاز". ويرى محللون في الغاز الطبيعي المسال خطوة نحو قيام سوق غاز عالمية أكثر حركة ونشاطاً. ويمكن شحن الغاز المسال إلى أسواق مختلفة، لذلك هو أكثر مرونة بكثير من الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب والذي يصدر لأصحاب العقود طويلة الأجل. ومنذ ان انتزعت قطر السنة الماضية الصدارة من إندونيسيا أصبحت أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. إلى ذلك، صرّح وزراء النفط في دول أعضاء في"أوبك"ان سوق النفط العالمية تتمتع بإمدادات وفيرة وان الأسعار المرتفعة تعكس التوتر بين إيران والغرب، وليس أي نقص في المعروض النفطي. وأكدوا ان المنظمة لا تخطط للاجتماع قبل أيلول سبتمبر. ويشارك سبعة من وزراء"أوبك"في لقاء منتدى منتجي الغاز في الدوحة. وطمأن رئيس"أوبك"وزير النفط الإماراتي محمد الهاملي الصحافيين خلال اجتماع الدوحة، بأن سوق النفط تتمتع بإمدادات وفيرة. وأضاف ان الاجتماع التالي المقرر ل"أوبك"سيكون في أيلول. وارتفع سعر الخام الأميركي الخفيف إلى أعلى مستوى في ستة أشهر فوق 68 دولاراً للبرميل بعد ان احتجزت إيران 15 من البحارة ومشاة البحرية البريطانيين في 23 آذار مارس. وعلى رغم ان إيران أفرجت عن البحارة حافظ السعر على مكاسبه وجرى تداوله أمس قرب 64 دولاراً للبرميل. واعتبر وزير النفط الإندونيسي بورنومو يوسجيانتورو ان ليس لدى"أوبك"في هذه الحال هامش كبير لخفض أسعار النفط لأن الموقف"يتأثر بالعامل السياسي، وليس من علاقة بالتوازن بين العرض والطلب".