عدم صدور بيان رسمي عن القمة السعودية - الايرانية، اوجد حالاً من الشك لدى بعض الاوساط اللبنانية بقرب حل الازمة السياسية التي تعصف بلبنان، وزاد هذا الشك بعد نفي طهران موقف الرئيس احمدي نجاد من المبادرة العربية الذي نقلته وكالة الانباء السعودية، معتبرين هذا الاختلاف مؤشراً غير ايجابي الى اجواء القمة بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس احمدي نجاد، لكن عدم صدور البيان ليس مقياساً لنجاح الزيارة أو عدمه وقد يعني ان الحوار لم ينته بعد، فضلاً عن أن ملف القضية اللبنانية لم يكن هو محور المحادثات، فالوضع في لبنان كان جزءاً من تفاهم أشمل وأعمق بين السعوديين والايرانيين. التصعيد الذي تشهده الازمة السياسية في لبنان بات جزءاً من التوتر المذهبي الذي تشهده المنطقة بعد احتلال العراق، ولجم هذا التوتر كفيل بنزع فتيل النتائج المترتبة على هذا الحشد الطائفي، ولعل المتتبع للتصريحات التي رشحت عن القمة بين الزعيمين يجد ان مسألة الاتفاق على تطويق الأزمة الطائفية هو الاكثر وضوحاً، فضلاً عن ان غياب تصريحات واضحة حول الازمتين اللبنانيةوالعراقية يصب في هدف الرياض وهو عزل ما يجري في البلدين عن التدخلات الخارجية، فالسعودية لم تحرص على الحوار مع ايران من اجل الاتفاق على آلية او وضع افكار بعينها لحل الازمة السياسية في لبنان او العراق، وانما من اجل بلورة رؤية للتفاهم، وتشجيع معاودة الحوار اللبناني - اللبناني، والعراقي - العراقي بعيدا عن تأثيرات غير وطنية، والاتفاق على أسس لخلق مناخ سياسي اقليمي يساعد على حل اساسه نزع فتيل الفتنة المذهبية بين الشيعة والسنة، واحترام سيادة الدول ومصالحها الوطنية، وابقاء الازمتين اللبنانيةوالعراقية في اطارهما المحلي والعربي. وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل اكد، في شكل غير مباشر، للصحافيين أن القمة السعودية - الايرانية لم تكن معنية ببحث تفاصيل الازمة اللبنانية فهو قال"لا بد لحدوث تغيير ايجابي في الوضع اللبناني من ان يحسم اللبنانيون أمرهم، ويقرروا بأنفسهم تغليب المصلحة الوطنية وجعلها فوق اي اعتبار"، واشار الى ان الازمات التي يعيشها لبنان والمنطقة اشعلت نار الفتنة الطائفية بين المسلمين الشيعة والسنة، وان هدف الحوار مع ايران هو"لدرء نار الفتنة وبغية احتوائها". لا شك في ان الحوار السعودي - الايراني الذي توج في لقاء القمة بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس احمدي نجاد سينعكس ايجابياً على الازمات التي تشهدها المنطقة ومنها الازمة اللبنانية، لكن الحل في النهاية بيد اللبنانيين، فتشكيك اللبنانيين بعدم قدرة الآخرين على التفاهم والاتفاق لن يعفيهم من المسؤولية، والأزمة في لبنان لم تنشأ بسبب خلافات اقليمية او اتفاقات. صحيح ان الاستقواء بأطراف اجنبية واعطاء الازمة صبغة طائفية زادا من تعقيداتها، لكن اساس الأزمة هو المحكمة الدولية التي تسعى المعارضة لتجاوزها، فضلاً عن انها غير مستعدة حتى لتحسين شروطها، والنتيجة المحتملة لهذا الموقف ان مجلس الامن ربما فرض المحكمة اذا فشل اللبنانيون في التوافق حولها، ولهذا فإن المعارضة ستكون مسؤولة عن تدهور الاوضاع في لبنان، اذا استمرت تعتقد ان الحل يكمن في التفكير الجدي في وسائل تصعيدية من اجل المزيد من الضغط على حكومة السنيورة.