بالورود والدموع غادر الكاتب والمحلل السياسي رئيس تحرير جريدة "الأخبار" الزميل جوزف سماحة الى مثواه الأخير أمس، على إيقاع تصفيق كثيف ارتفع من أكف زملائه وأصدقائه وأحبائه المتجمهرين دامعين، لحظة خروج نعشه من كنيسة الروم الكاثوليك - طريق الشام في بيروت، ليتجه الى مرقده في مدافن رأس النبع المجاورة. والمشهد الداكن كحداد المشيعين الذين حمل كثر منهم شموعاً مضيئة، كسرت سواده حمامات بيض أطلقت لحظة ارتفاع النعش على الأكف، سلاماً لنفسه. في تلك اللحظة الحزينة، انفجر المشيعون من الأصدقاء والزملاء والأهل، مصفقين حزناً بعدما ساد صمت كئيب منذ سجي جثمان الزميل الراحل في الكنيسة عقب وصوله الى بيروت من لندن حيث وافته المنية، حتى بعد ظهر أمس حين أقيمت الصلاة لراحة نفسه برئاسة ممثلي بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم للروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام: مطران بيروت وجبيل وتوابعهما المطران يوسف كلاس، المعاون البطريركي السابق المطران سليم غزال ومطران صور سابقاً يوحنا حداد. وتحرك الحشد الكبير في عدده وحزنه، خلف النعش الى المقبرة، حيث استهل نجل الزميل الراحل زياد وداعه برمي الورود، تلته ابنته أمية، فزوجته سهيلة، ثم عدد غفير من الأهل والأصدقاء حتى غمر الورد النعش، خصوصاً أن المشيعين وزعت على كل منهم وردة وريشة والافتتاحية التي كتبها الراحل في أول عدد من"الأخبار". ووسط بكاء البعض ونحيب البعض الآخر على مدخل المدافن، عند ادخال النعش صرخت إحداهن قائلة:"يا جوزف سلم على مي غصوب وعلى سمير قصير ومارون بغدادي". وشكلت مشاركة الزميل حازم صاغية المصاب بحزن استثنائي بوفاة رفيقة عمره مي غصوب، وصديق عمره جوزف الذي وافته المنية عندما كان يواسيه في لندن، في المأتم محطة التقى فيها زملاء فرقهم المهجر وجمعهم الحزن. وحرص كثر من المعزين بجوزف، على تقديم العزاء لصاغية مضاعفاً بحجم مصابه الجلل. وأظهر المأتم المهيب الذي أقيم للزميل الراحل حجم المودة التي كنها له مئات من أصدقائه وزملائه الذين جاء بعضهم من خارج لبنان ليلقي عليه النظر الأخيرة. أما أصدقاؤه في باريس الذين لم يتمكنوا من المجيء الى لبنان، فاجتمعوا في الوقت الذي بدأ فيه الجناز في بيروت، ليقيموا عزاء له. ولم تقتصر المشاركة في الدفن على عارفيه المقربين أو القراء، بل جمع جوزف في غيابه مثقفين واعلاميين وسياسيين من اليسار واليمين على حد سواء، وكذلك سياسيين محايدين وموالين ومعارضين. وأخذ مأتم الزميل سماحة، طابعاً رسمياً بمشاركة وزير البيئة المستقيل يعقوب الصراف ممثلاً رئيس الجمهورية إميل لحود، والنائب إبراهيم كنعان ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ومحافظ الشمال وبيروت بالوكالة ناصيف قالوش ممثلاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وقلد الصراف باسم رئيس الجمهورية، الراحل وسام الاستحقاق الفضي، ووضعه على نعشه" تقديراً لعطاءاته". وتحلّق حول جثمان الراحل منذ بعد ظهر أول من أمس أفراد عائلته الصغيرة زوجته سهيلة وابنه زياد وابنته أمية إضافة الى أقاربه وذويه، وكثيرون كثيرون من عائلته الكبيرة المتمثلة بالجسم الصحافي وبخاصة الزملاء في صحف"السفير"التي أدمعت عينا ناشرها طلال سلمان مرتين، وپ"الأخبار"وفي مقدمهم رئيس مجلس ادارتها ابراهيم الأمين، وكذلك من"الحياة"التي جاء بعض العاملين فيها من مكتب لندن خصيصاً للمشاركة في وداع جوزف، إضافة الى سياسيين ونواب أبرزهم النائب بهية الحريري التي وقفت تتقبل التعازي الى جانب عائلة الراحل والزميل سلمان، والنائب العربي في الكنسيت الإسرائيلي عزمي بشارة، الذي حضر خصيصاً من فلسطينالمحتلة للمشاركة في التشييع. وتلا أمين سر البطريركية الأب الياس شتوي الرقيم البطريريكي باسم البطريرك لحام وقال فيه:"فيما نرفع الصلاة معكم لأجل راحة نفس فقيد كنيستنا وفقيد الصحافة وفقيد لبنان المرحوم جوزف سماحة، نرفع أيضاً صلوات حارة لأجل لبنان الحبيب". وألقى المطران غزال كلمة تحدث فيها عن سيرة حياة الزميل الراحل، معدداً مزاياه، وموضحاً أنه"كان محباً للحياة".