شيع المجتمع المدني أمس، الأب الروحي لأبرز حركة اجتماعية ضد العنف برزت خلال الحرب التي تخبط بها لبنان وكفكف جراحها المطران غريغوار حداد في مأتم شعبي حيث مشى انصاره من مركز الحركة التي أسسها واستمر في مواكبتها حتى الرمق الأخير في محلة بدارو الى مستشفى «أوتيل ديو» ومن هناك مشوا خلف نعشه الى كاتدرائية مار الياس للروم الكاثوليك في ساحة النجمة في قلب بيروت. وحمل المشيعون صور «المطران الاحمر» ولافتات تضمنت افكاره ووروداً بيضاً. وخلال التجمع القت الزميلة رنا نجار كلمة «تيار المجتمع المدني» مستذكرة مآثر الفقيد «ففي أيام الجهل والتجاهل كتبت عن العلمانية الشاملة وحقوق الانسان وحرية المرأة واشتغلت على المبادئ الانسانية بعيداً من التنظير، وفي ايام الحرب رفضت العنف ووحدت الناس بمسيرات سلمية جمعتهم على خطوط تماس المناطق وفي ايام التطرف والتخوين حاولت ان تفسر ان الدين محبة الآخر ومسامحته، وعندما اجبرتك ظروفك الصحية على اراحة جسدك تمردت على المرض ونزلت وشاركت الشباب تظاهراتهم وحلمهم ببلد علماني ديموقراطي ودولة لا تميز بين انسان وآخر». وبعد الصلاة لراحة نفسه، تحدث فريد قمر من التيار نفسه عن الخسارة التي ألمت بالمجتمع المدني على ان كلماتك محفورة بوعينا وايماننا بالتغيير على رغم كل اليأس الذي يحاولون زرعه حولنا». واستعاد كلاماً للراحل منها ان «أصبروا فالعمل المدني يحتاج الى ارادة قوية وانتم الشباب يجب ان تكونوا أقوى من العنف الذي يمارس كل يوم عليكم». وأكد «اننا لن نخيب أملك ونحن مناضلون علمانيون ولا عنفيون وسنكمل الطريق». ومثل وزير السياحة ميشال فرعون رئيس الحكومة تمام سلام في مراسم الجنازة. وألقى كلمة في وداع «المطران الذي ترك بصماته من خلال طروحاته وأفكاره ومطالبته بإصلاحات سبقت عصره، قبل أن يستقيل على قاعدة منع الخلافات والحفاظ على الوحدة وليكرس حياته لخدمة الإنسان، كل إنسان». وقال: «جمع المطران الراحل فريق عمل حول قيم احترام الآخر وهاجس تخفيف الآلام والحرمان، بانفتاح استثنائي، وتجاوز ما كان يفرق بين العائلات الروحية»، مشدداً على أن الراحل «سيترك أثراً وبصمات على أكثر من صعيد».