أكد كبير المدعين في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو أن الاتهامات التي وجهها الى الوزير السوداني أحمد هارون والقيادي في ميليشيات "الجنجاويد" علي كوشيب بارتكاب جرائم حرب في دارفور، تقوم على أدلة "قوية جداً". وقال مورينو أوكامبو في مقابلة مع"الحياة"في لندن، أمس، إن توجيهه الاتهامات إلى هارون وكوشيب لا يعني أن المزاعم بارتكاب جرائم في دارفور تنحصر في الجانب الحكومي. وأقر بأن هناك مزاعم بارتكاب المتمردين أيضاً جرائم، لكن"لا يمكن مقارنة المزاعم ضد المتمردين بالمزاعم ضد الحكومة. الفارق كبير جداً في عدد الضحايا. المزاعم ضد الحكومة السودانية وميليشيات الجنجاويد أكبر بكثير من المزاعم ضد المتمردين. إننا لا نتجاهل أي مزاعم، لكن موضوعنا يتعلق بالجرائم الأكثر خطورة، وبالأشخاص الذين أعتقد، وفقاً للأدلة، أنهم يتحملون المسؤولية الأكبر عنها. المحكمة الجنائية لا يمكنها أن تحاكم كل الناس، لذلك نحاول أن نُحدد، وفق الأدلة، من هم الذين يتحملون المسؤولية الأكبر عن الجرائم. وفي هذه الحالة، تفيد أدلتنا بأن الشخص كوشيب الذي دُمج في القوات التابعة للحكومة الدفاع الشعبي لكنه كان في الحقيقة قائداً للجنجاويد، ونائب الوزير وزير الداخلية السابق هارون هما من يتحمل المسؤولية الأكبر". تابع:"لقد اخترنا القضية بعناية وفقاً لأدلتنا، وأعني بذلك قائد الهجمات كوشيب وأحمد هارون الذي كان فعلياً المسؤول الحكومي الأبرز الذي يدعم الهجمات. لدينا أدلة قوية على تورط الرجلين"في جرائم دارفور. وقال إن اتهاماته ضد الرجلين لا تعني أن القضية ستتوقف عندهما. وأوضح:"هذه القضية ما زالت في بدايتها. إنها البداية فقط. لقد قدّمنا قضيتنا، ويعود الآن الأمر للقضاة لتقرير هل يسيرون فيها. أعتقد أنني قدّمت لهم للقضاة قضية قوية. لقد كان التحقيق صعباً لأننا قررنا أن لا نذهب إلى دارفور. جمع الشهود في البداية كان أمراً صعباً. بحثنا عنهم في أنحاء العالم، وجدنا شهوداً في 17 دولة وجمعنا أكثر من مئة إفادة هناك. وجدنا شهود عيان رأوا علي كوشيب يقود الهجمات شخصياً. وجدنا شهوداً رأوه يشارك بنفسه في تصفية معتقلين، وشهوداً رأوه خلال اغتصاب نساء رُبطن إلى أشجار. إذن، عندنا أدلة قوية على أنه قاد الهجمات. وعندنا أيضاً أدلة قوية على أن أحمد هارون دعم وحرّض ميليشيات الجنجاويد ودفع لهم الأموال ووفر لهم السلاح وحرضهم على مهاجمة أبناء قبيلة الفور". وشرح سبب توقفه عند هارون - الذي ينفي مزاعم مدعي المحكمة الجنائية - وعدم اتهامه الحكومة السودانية مباشرة، قائلاً:"لا نُحقق أبداً مع حكومات بل مع أشخاص. لدينا أدلة قوية ضد أحمد هارون، لذلك اتهمناه". وسئل ماذا سيفعل إذا كشفت تحقيقاته أن الأوامر إلى هارون جاءت من شخصيات أرفع منه في الحكومة، فأجاب:"نحن في القضية الأولى. نتتبع الأدلة التي تتوافر لنا، لكن من السابق لأوانه استنتاج خلاصات. لندع هذه القضية تسير، وبعد ذلك نقرر". ورداً على نفي هارون تورطه، قال:"له الحق في أن يعطي رأيه ... لكنني واثق من قوة القضية ضده، وإن كان القضاة هم من يقرر في النهاية". ورد على قول السودان إن ليس للمحكمة صلاحية لمحاكمة السودانيين لأن الحكومة لم توقع معاهدة روما التي أُنشئت المحكمة بموجبها ولم تُصادق عليها بعد تأسيسها، قال:"الواجب القانوني ليس نابعاً من معاهدة روما، بل من ميثاق الأممالمتحدة. السودان عضو فيها، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو من قرر إحالة قضية جرائم دارفور على المحكمة الجنائية". ورفض التعليق على تأكيد الرئيس عمر البشير انه لن يُسلم أبداً سودانيين للمحاكمة في الخارج. وسخر من معلومات سودانية عن خضوعه لضغوط لإصدار اتهامات قبل نهاية شباط فبراير، قائلاً:"لا يمكن لأحد أن يأتي إلى مكتب المدعي العام ويقول لي ما أفعل". وقال إنه لم يُبلغ الحكومة السودانية بأنه يُحقق في مزاعم ضد هارون وكوشيب. وزاد:"لم يبلغوني بأنهم كانوا يحققون مع السيد هارون. قالوا إنهم يقاضون 14 شخصاً بينهم علي كوشيب. القضية هنا مزدوجة. ليست ضد كوشيب وحده. أحمد هارون هو الذي حرّض ودعم وأيّد كوشيب للقيام بهذه الجرائم. كلاهما كان يعملان معاً، ولا يمكن فصل قضية واحد منهما عن الآخر".