قبل أيام من تخليه عن منصب وزير الداخلية، للتفرغ لحملة الانتخابات الرئاسية التي يخوضها مرشحاً عن اليمين الحاكم في فرنسا، سجل نيكولا ساركوزي "خبطة دعائية"، تمثلت في اعتقال الناشط الإيطالي السابق سيرازي باتيستي، الفار من فرنسا، في البرازيل بفضل معلومات جمعتها الأجهزة الأمنية الفرنسية. وعلى رغم الاستياء الذي أثارته عملية الاعتقال تلك في أوساط اليسار الفرنسي، فإن مردودها لا يمكن ألا ينطوي على قدر من الإيجابية على صعيد القاعدة اليمينية، كونها تمثل دليلاً على مدى التزام ساركوزي وفاعليته على صعيد الملفات العائدة إليه بصفته وزيراً للداخلية. وكان باتيستي وهو يساري متطرف سابق، لجأ الى فرنسا سنة 1981، بعد فراره من السجن في إيطاليا حيث دين بتهم متعددة، منها القتل والانتماء إلى مجموعة مسلحة، ثم انتقل إلى المكسيك، ليعود إلى فرنسا سنة 1985، بعدما قرر الرئيس الراحل فرانسوا ميتران عدم تسليم اليساريين المتطرفين الإيطاليين اللاجئين إلى بلاده، اذا قطعوا مع ماضيهم. لكن حكومة جان بيار رافاران اليمينية، قررت سنة 2004 التخلي عن هذا الالتزام، وتسليم السلطات الإيطالية باتيستي الذي سرعان ما نجح في الإفلات من مراقبة الشرطة الفرنسية له وفّر الى مكان مجهول تبين انه ريو دي جانيرو. وأثارت هذه العملية انتقادات حادة في الأوساط اليسارية التي كانت عارضت تسليم باتيستي الى السلطات الإيطالية سنة 2004. واتهمت تلك الأوساط ساركوزي باستخدام ملف الناشط الإيطالي في حملته الانتخابية، علماً ان الأخير كان اندمج في المجتمع الفرنسي ونشر كتابين تناول فيهما سيرته وتاريخ اليسار المتطرف في إيطاليا. وجاء نبأ اعتقال باتيستي، عشية الاجتماع الذي عقده ساركوزي امس، مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وأبلغه خلاله عزمه على التخلي عن وزارة الداخلية في موعد لم يكشف عنه، وذكر انه سيحل قبل نهاية الشهر الجاري. والسؤال الآن هو ما اذا كانت هذه"الخبطة"ستؤثر ايجاباً في شعبية ساركوزي التي أشار استطلاع نشرته صحيفة"لوفيغارو"إلى أنها ارتفعت 4 نقاط بالنسبة إلى الدورة الانتخابية الأولى التي تجرى في 22 نيسان في حين ان شعبية منافسه زعيم حزب"الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية"الوسط فرنسوا بايرو تراجعت بنقطة واحدة، فيما تراجعت شعبية المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال 1.5 نقطة. لكن المفارقة التي كشفها الاستطلاع، تتمثل في توزيع الأصوات في الدورة الانتخابية الثانية في 6 أيار مايو المقبل، إذ يتوقع ان يهزم بايرو رويال في حال اقتصرت المواجهة عليهما، وكذلك الأمر إذا واجه ساركوزي، ما يعني ان بايرو قادر على هزيمة الاثنين. لكن الاستطلاع يشير إلى انه إذا كانت المواجهة في الدورة الثانية بين ساركوزي ورويال، فإن الحظ سيكون إلى جانب المرشح اليميني. وكان المرشحون الثلاثة خصصوا عطلة نهاية الأسبوع الماضي لمخاطبة الشباب الفرنسي الذي دعاه ساركوزي إلى"عدم التخوف من الأحلام الكبيرة"، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك فإن"ما من أحد سيفعله من أجلهم". وزارت رويال"صالون الطلبة"الذي يقام سنوياً لمساعدتهم في تحديد خياراتهم الدراسية بعد مشاركتها في مهرجان حزبي، تعهدت خلاله تنظيم استفتاء حول الانتقال من الجمهورية الخامسة إلى الجمهورية السادسة التي قالت:"أدعوكم إليها وهي جاهزة ولا تحتاج إلا إلى دعمكم". أما بايرو الذي زار ايضاً"صالون الطلبة"فوعد في حال فوزه بالرئاسة بالإبقاء على جلسات البرلمان الفرنسي مفتوحة خلال الصيف وبتشكيل حكومة تركز على معالجة القضايا الاجتماعية الملحّة.