«لا تخافوا فهم لن يفوزوا»، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن اليسار في مهرجان في اطار حملته للانتخابات الرئاسية التي تجري دورتها الأولى الأحد المقبل، مخاطباً حوالى مئة ألف من أنصاره الذين تجمعوا حوله في إطار مهرجان في الهواء الطلق عند ساحة «لا كونكورد» في قلب باريس. «لا تخشوا شيئاً فهم لن يتوانوا عن اي امر لكننا على استعداد لأن نحكم فرنسا»، هكذا اجاب منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند، واصفاً المعسكر اليميني المعادي خلال مهرجان في الهواء الطلق شارك فيه ايضاً حوالى مئة الف من انصاره في حديقة «فينسين» عند اطراف باريس. واختار ساركوزي الذي يبذل قصارى جهده للتقدم في الدورة الانتخابية الأولى على هولاند الذي يعد الأوفر حظاً للفوز بالرئاسة، التوجه الى «فرنسا الصامتة»، اي تلك الفئة من الفرنسيين التي لم تعد تجد نفسها معنية بالاستحقاقات الانتخابية تحجم عن المشاركة فيها، مراهناً على تحسين وضعه الانتخابي من خلال تعبئة «اولئك الذين لا صوت لهم و يطالبون بأي شيء». ودعا ساركوزي هذه الفئة من الشعب الفرنسي التي «تقول كفى» الى «الإمساك بمصيرها والوقوف والبوح بما في القلوب». وفي محاولة لاستعادة وهج الحملة التي اوصلته الى الحكم عام 2007، استعان ساركوزي بتاريخ فرنسا «الأزلي»، متهماً اليسار بالسعي الى تبديده، مصنفاً نفسه وريثاً لنابوليون بونابرت والرئيس الراحل الجنرال شارل ديغول، ومؤكداً المحاور الرئيسية لحملته التي ارادها يمينية بحتة. وعلى رغم القدرة الخطابية التي اتسم بها ساركوزي، فان خطابه الاحد لم يبعث على المزيد من الثقة في اوساط حزبه، الذي تراوده شكوك جدية حول هزيمة مرشحه وتدفعه الى بذل اقصى الجهود لجذب انصار مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن وناخبي مرشح الوسط فرانسوا بايرو. وأفادت آخر الاستطلاعات الى ان ساركوزي قد يحصل على 27 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى في مقابل 27 في المئة لهولاند، في حين ان شعبية مارين لوبن التي حلت في فترة من الفترات في المرتبة الثالثة، تقدم عليها مرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون، الذي بات يمسك بمفتاح قصر الرئاسة في الدورة الانتخابية الثانية كما تراجعت شعبية فرنسوا بايرو (الوسطي) الى ما دون العشرة في المئة من الأصوات. تجيير لهولاند وبذلك، فإن تجيير الأصوات الذي ستشهده الفترة الفاصلة بين الدورتين، ما لم تحصل اي مفاجأة في الدورة الانتخابية الأولى، سيصب في مصلحة هولاند، الذي سيستفيد من اصوات مؤيدي ميلانشون وصغار المرشحين اليساريين وأنصار البيئة، وأيضاً من اصوات بعض مؤيدي بايرو، ما يمكّنه من التفوق على ساركوزي في الدورة الثانية المقررة في 6 ايار (مايو) المقبل. وهذا ما يسمح لهولاند بالمضي في حملته غير آبه بالانتقادات التي توجه اليه من قبل اقطاب اليمين حول شخصيته وعدم جدوى برنامجه، مبدياً حرصه على عدم الاسترسال في الوثوق بالاستطلاعات، ومحذّراً في مهرجانه من «الحقائق المغلوطة» التي قد تنطوي عليها هذه الاستطلاعات. في إشارة الى حملة التهويل التي أطلقها ساركوزي بشأن برنامج هولاند الذي «سيقود فرنسا الى ما آلت اليه اوضاع اليونان وإسبانيا»، خاطب المرشح الاشتراكي الفرنسيين قائلاً: «يحذرون من ان الفوضى ستعم» البلاد اذا رحلوا عن الحكم، لكنه يجزم انه «بعد رحيلهم سيكون التغيير». وفي امتداد لما اكده طوال حملته حول ضرورة بث الثقة والأمل مجدداً لدى الفرنسيين، قال هولاند: «أشعر بان لديكم تفاؤلاً متزايداً» مصدره «اعماق بلادنا. والنصر سيكون في السادس من أيار لفرنسا والجمهورية وما من شيء سيوقفنا». وفيما تشهد الحملة الانتخابية ايامها الأخيرة قبل الدورة الأولى، فإن الانطباع السائد لدى اوساط عدة مفاده ان اياً من المرشحين لم يواجه الفرنسيين بالحقيقة وبالصعوبات التي ستتسم بها الفترة المقبلة، نظراً الى تردي الأوضاع المالية والاقتصادية الفرنسية.