أمل رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري بالتوصل، مع رئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري، الى اتفاق لانهاء الأزمة في لبنان قبل موعد عقد القمة العربية في 28 الجاري في الرياض، لأن الجميع، كما تقول أوساطه، محكومون بالتفاهم وبالتالي "من الأفضل أن نذهب الى القمة بوفد موحد". وقال بري - بحسب أوساطه - إن"على لبنان الافادة من عقد القمة العربية وأن الفرصة ما زالت متاحة للاتفاق على الحل. وكنا نتمنى لو توصلنا الى تفاهم يتوج بإصدار بيان بإعلان النيات يكون بمثابة اطار عام للتسوية التي نعمل من أجلها مع النائب الحريري". وكشف بري أنه كان يتوقع التوصل الى اتفاق اعلان النيات قبل أن يغادر الحريري الى باريس الليل قبل الفائت، مؤكداً أن جلسات الحوار مستمرة في أجواء ايجابية وأن لدى الطرفين رغبة في انجاز التسوية التي يجب أن تكون لمصلحة لبنان قبل غيره وأن الاعلان عنها قبل القمة يشكل تتويجاً للجهود السعودية. وحذّر بري من تفويت فرصة القمة من دون التوصل الى اتفاق لبناني - لبناني وقال إنه يخشى من أن يخف الزخم العربي والدولي نحو لبنان وذلك لاضطرار الدول المعنية والمهتمة بالشأن اللبناني الى الانشغال بالتطورات الجارية في المنطقة، مشيراً الى أنه عقد مع الحريري جلسات عدة بعيداً من الأضواء. وفي هذا السياق قال مصدر بارز في المعارضة ل"الحياة"إن ليس صحيحاً القول، كما تدعي الأكثرية، أن اصدار بيان باعلان النيات يتيح للمعارضة أن تأخذ ما تريد فيما لا يأخذ الفريق الآخر شيئاً. ولفت المصدر نفسه الى أن اعلان النيات يقوم على أساس التوصل الى حل متلازم ومتوازن بين انشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبين تشكيل حكومة وحدة وطنية على أن تتصدر المحكمة هذا الاعلان. وأشار أيضاً الى أن بري يحظى بتفويض من القوى الأساسية في المعارضة أي"حزب الله"و"التيار الوطني الحر"وأنه لا يلتفت الى بعض الأصوات في المعارضة التي تحاول التشويش على حواره مع الحريري لأسباب معروفة من أبرزها أنها ستجد نفسها غير حاضرة بقوة في التسوية وأن موقعها فيها سيكون رمزياً ومن خلال القوى الرئيسة في المعارضة. ورأى هذا المصدر أن من غير المنطقي محاسبة بري على ما يقوله البعض في المعارضة خصوصاً أنه لم يفاجأ بكل ما يصدر عنه، لا بل كان يتوقعه لألف سبب وسبب. وأكد أن حوار بري - الحريري دخل في تفاصيل الأزمة بعدما أجريا مكاشفة صريحة حول أسباب ادخال البلد في الأزمة التي يمر فيها. وقال إن المعارضة تصر على أن تتمثل في الحكومة بالثلث الضامن على رغم رفض الأكثرية هذا الطلب. وأوضح أن اصرار المعارضة على الثلث الضامن لا يعني أنها تخطط منذ الآن لتعطيل عمل الحكومة أو لاحداث المزيد من الشلل في البلد، بمقدار ما انها تشعر بأنها في حاجة ماسة اليه، في مقابل توفير كل الضمانات والتطمينات للأكثرية بعدم استخدامه لاقالة الحكومة، وأن هذه المسألة بالذات نوقشت في جلسات الحوار. ونفى أن يكون لمطالبة المعارضة بالثلث الضامن ارتباط بالتحالف السوري - الايراني. وسأل:"اذا كانت الأكثرية تخشى من اعطاء هذه الورقة الى المعارضة، فإننا على استعداد لتقديم كل الضمانات شرط أن تكون مكفولة عربياً وبخاصة من المملكة العربية السعودية لجهة عدم استخدامه للاطاحة بالحكومة". وأكد المصدر أنه آن الأوان للخروج من حملات التشكيك أو تبادل الاتهامات خصوصاً أن لا مشكلة في انجاز الآلية الدستورية السياسية لاقرار مشروع القانون الخاص بالمحكمة بعد درس ملاحظات المعارضة عليه والتي لن تكون تعجيزية ويمكن من خلال اللجنة المشتركة التي ستكلف بدرسها التوصل الى تفاهم في مهلة يومين. وأضاف المصدر:"ليس صحيحاً القول اننا لا نريد انشاء المحكمة مراعاة للموقف السوري، وأن عدم مبادرتنا الى الاعلان عن ملاحظاتنا على قانونها لا يعني أننا نتوخى التعجيز بمقدار ما أننا لسنا على استعداد لتسليمها الى الحكومة الحالية التي نشكك في دستوريتها وشرعيتها ونحن جاهزون لأن نحيلها على المرجعية التي نعترف بها، والمقصود اللجنة المشتركة". وأكد أن بري يتعهد الانتهاء من المحكمة في أقرب وقت لكن شرط أن تتلازم مع الاتفاق على تركيبة حكومة الوحدة الوطنية واصفاً اتهام الاكثرية للمعارضة بأنها تعمل بناء لاشارات سورية بأنه يشكل هروباً الى الأمام بسبب وجود طرف في الأكثرية، في اشارة مباشرة الى"القوات اللبنانية"يعتقد بأنه سيكون الأضعف في التشكيلة الوزارية. واعتبر المصدر القيادي أن المشكلة ليست في الحريري أو عنده أو في رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط وإنما في اعتراض"القوات اللبنانية"على تشكيل حكومة وحدة وطنية"على رغم اننا لسنا في وارد استهدافها أو تطويقها، وإنما لشعورها بأن أي حل قد يكون على حسابها طالما أنه سيؤدي الى اعادة تصحيح التمثيل المسيحي بتمثيل تكتل التغيير والاصلاح برئاسة العماد ميشال عون في الحكومة". وإذ كشف المصدر أن بري والحريري دخلا في مناقشة تفاصيل حكومة وحدة وطنية من ضمن صيغ عدة تم التداول فيها قال إن لا اعتراض للمعارضة على بقاء الرئيس فؤاد السنيورة على رأس الحكومة، مؤكداً أن هذا الأمر محسوم وغير قابل للتعديل أو النقاش بصرف النظر عن المواقف المعترضة التي تصدر عن أطراف في المعارضة. واعتبر أن الكلام عن اصرار المعارضة على اجراء انتخابات نيابية مبكرة فور التفاهم على قانون الانتخاب الجديد، لا يعكس حقيقة ما يدور في الحوار، بمقدار ما ان التركيز على هذه النقطة بالذات يأتي من باب الاستهلاك المحلي والمزايدة. مشيراً الى أن أحداً لا يستطيع أن يضمن بعد التوصل الى حل، بقاء التحالفات الحالية الى أبد الآبدين وعدم حصول خلط أوراق في هذا الشأن، إضافة الى أن تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يعني بالضرورة اقتسام الحقائب بين طرفي النزاع من دون حفظ تمثيل المستقلين. واعتبر المصدر أن التوافق على الحكومة سيعيد التواصل بين طرفي النزاع ما سيفسح المجال لاقامة نمط جديد من العلاقات فلا يبقى البلد محكوماً بالانقسام السياسي الراهن. وفي الختام أكد المصدر أن لبنان، كما طرفي النزاع، يقف الآن أمام فرصة جدية لتجاوز المرحلة الراهنة، مشيراً الى أن أحداً لا يضغط على القوى الفاعلة في المعارضة وأن هذه القوى مستعدة للتفاهم مع الأكثرية وأن لا مصلحة بالتعامل معها كصاحبة نيات سيئة اذا كان الجميع يريد الخلاص وانقاذ البلد.