في فيلمه الروائي الطويل الثاني "دمشق يا بسمة الحزن" المزمع تصويره مطلع نيسان ابريل المقبل، يذهب المخرج السينمائي السوري ماهر كدو في اتجاه مغاير تماماً لفيلمه الأول. هنا لن يكون لسينما المؤلف بمعناها السوري أي حضور، فالأدب بصيغته"المتقنة"هو الذي يفرض حضوره من رواية بالاسم نفسه للأديبة السورية إلفت الادلبي. من المؤكد أن المخرج كدو الذي عاد الى العمل في سورية بعد غياب قرابة عقد، لن يقول لماذا كان توقف عن العمل السينمائي"طوعاً"بعد فيلمه"صهيل الجهات"، فالأسباب كانت مجهولة وستظل. لكنه أثناء ذلك أقدم في مغامرة غير محسوبة على إخراج مسلسل"الدرب الشائكة"للتلفزيون عن نص لهاني السعدي قبل أن يغادر إلى بلد عربي للعمل بعيداً من شجون السينما والتلفزيون،"لقد أحبطت تماماً بعد تصويري المسلسل المذكور". ويعد ظهور كدو في المشهد السينمائي السوري بعد تجربة فيلم يتيم بمثابة إعادة اعتبار لمخرج أراد أن يقول الشيء الكثير، ولكن الوقت لم يسعفه آنذاك،"وربما أشياء أخرى"، إذ يبتسم المخرج كدو ويقول ذلك بلهجة أهل الدير المعروفة. على أن ظهور كدو متصدياً لإخراج فيلم مقتبس عن رواية كتب السيناريو محمود عبدالواحد يشير إلى أن هناك توجهاً جدياً في المؤسسة العامة للسينما في دمشق للاقتراب من عوالم الرواية السورية. ففي الأخبار أيضاً أن المؤسسة تنوي شراء، أو هي قد اشترت، حقوق رواية"الأيام المضيئة"للأديبة كوليت خوري. ومهما يكن، فإن كاميرا"دمشق يا بسمة الحزن"من المتوقع أن تدور مطلع نيسان المقبل كما أسلفنا، فيما يواصل ماهر كدو البحث عن طاقم ممثليه، وإن كان وقع اختياره على البعض منهم: صباح جزائري، عباس النوري، كندة حنا وميسون أبو أسعد. يقول المخرج كدو الذي يقوم باستطلاع مواقع التصوير الأساسية بالقرب من مدينة حماة السورية إن قبوله إخراج هذه الرواية إلى الشاشة إنما يمثل تحدياً كبيراً له"صورة الحي الدمشقي قد استهلكت تماماً في الدراما التلفزيونية، والبحث عن صورة مغايرة له تظل هاجساً بالنسبة إلي". وعلى أية حال، فإن محاكاة دمشق سينمائياً قد تجيء في وقت مناسب في شكل من الأشكال. فهي قد تسد العجز الثابت لجهة محاكاتها كما افترض من قبل، فباستثناء بعض الأفلام التي حملت اسمها أحياناً عرضاً، وأحياناً كواجهة لديكور مزيف، فإنها الآن تحظى باعتراف، وهي على أبواب تتويجها عاصمة للثقافة العربية مطلع العام المقبل. فالروائيون السوريون وإن لم يتوقفوا عن التطلع إليها، وكذا فعل التلفزيونيون وإن باتجاه مغاير، لكن سينما المؤلف بمعناها السوري قد انصرفت عنها إلا في بعض الملامسات البصرية، ذلك ان توجه هؤلاء المؤلفين إلى محاكاة الأماكن التي وفدوا منها جعلت منها مسرحاً لهذا النوع من العجز الذي اصطلح على تسميته في ما مضى بالثابت.