أقل شيء نفعله لجوزيف سماحة العظيم في أخلاقه وتعامله، هو أن ندون كل شيء جميل فعله قبل سفره إلى مدينة الضباب التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة، وترك عبئاً ثقيلاً على صديقه حازم صاغية. تذكرت موقف جوزيف الشهم معي في عام 2002، عندما كنت أجمع المادة العلمية لكتابي"الحرية الإعلامية والعولمة في الوطن العربي"، وكتبت في الصفحة 23:"ان لجهود مدير تحرير صحيفة"الحياة"الأستاذ جوزيف سماحة الأثر الكبير في عملية جمع المادة العلمية، إذ تم تسهيل وفتح أبواب المؤسسات الإعلامية اللبنانية من خلال اتصاله المباشر مع الشخصيات الإعلامية لتسهيل المهمة"، ولولا جهوده الطيبة لما رأى كتابي النور. لم يتقوقع سماحة في زاوية من الزوايا الطائفية أو الفئوية، إنما قدس الأخلاق النبيلة والشهامة، كان كالطير يحب الحرية ويرفض ربطه بأي جهة أو مؤسسة. إن فاجعة وفاته لا تقل عن فاجعة أي سياسي لبناني كبير أو أية شخصية مرموقة، بل قد يتفوق على البعض بحياديته ونزاهته. أرى أن نفعل شيئاً يخلد ذكراه، كتأليف كتاب، ثم تحويله إلى فيلم سينمائي يحكي قصة رجل لم تفسده السياسة بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة في بلد يحمل الكثير من التناقضات والصراعات. لقد حمل هذا الرجل همّ ومسؤولية المثقف، الذي يحمل رسالة مفادها أن يخرج الشعب العربي من النفق المظلم، وينفك من شرنقة أوهامه الطائفية، حتى لو كان ذلك على حساب صحته. دكتور سليمان جازع الشمري - السعودية