سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشوارع تحولت الى ساحة حرب استخدمت فيها الصواريخ والقذائف ... والمعارك امتدت الى الجامعات . غزة : استمرار الاشتباكات رغم تثبيت وقف النار والحصيلة 25 قتيلاً و 250 جريحاً خلال 24 ساعة
قتل 25 فلسطينيا واكثر من 230 جريحاً في أقل من 24 ساعة في واحدة من اسوأ معارك الاقتتال بين حركتي "فتح" و "حماس" في صراعهما المرير على السلطة المستمر منذ نحو عام. وتحولت شوارع المنطقة الجنوبية الغربية من مدينة غزة الى ساحة حرب حقيقية استخدم فيها فريقا الرئاسة والحكومة الفلسطينيان المتصارعان على سلطة ما زالت تحت الاحتلال الاسرائيلي، كل الاسلحة المتاحة لهما من اسلحة رشاشة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة وقذائف"ار بي جى"وقذائف"بي 7"وغيرها من المتفجرات والصواريخ. ودارت معارك في شارع الثلاثيني قرب الجامعة الاسلامية، معقل حركة"حماس"في غزة، وكذلك في محيط مجمع الوزارات المؤلف من خمسة ابراج، ومبنى وزارة الداخلية القديم القريب من المجمع ومباني الجامعة. وامتدت المعارك لتشمل المنطقة الغربية الجنوبية كلها التي تضم المقر الرئيس للاجهزة الامنية"السرايا"وسط مدينة غزة، ثم المقر الرئيس للشرطة الفلسطينية غرباً، ثم موقع انصار الرئاسي غربا ايضا، وجنوباً منه مكتب الرئيس محمود عباس ومنزله، فضلا عن مكتب النائب الفتحاوي البارز محمد دحلان الذي لا يبعد سوى عشرات الامتار عن منزل عباس. وبدأت الاحداث الدامية في اعقاب اعتراض مسلحين من"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة"حماس"، قافلة مؤلفة من اكثر من 10 شاحنات مساء اول من امس بدعوى انها تحمل اسلحة تبرعت بها دولة عربية خليجية لأجهزة الامن التابعة للرئيس عباس. وقتل ستة فلسطينيين في اشتباكات دارت بين القوى الحامية للقافلة ومسلحي"حماس". وفي اعقاب هجمات مماثلة من عناصر من"كتائب القسام"على مواقع امنية شمال القطاع مساء اول من امس، باغتت قوة كبيرة مشتركة من الحرس الرئاسي وقوات امن الرئاسة القوة 17 والامن الوطني وعناصر من"كتائب شهداء الاقصى"حركة"حماس"ووجهت اليها ضربة في مقتل عندما اقتحمت قبل منتصف ليل الخميس - الجمعة حرم الجامعة الاسلامية التي تمثل عقر دار"حماس"وقلعتها الحصينة المنيعة العصية على الكسر. ودارت اشتباكات هي الاعنف منذ بدء الاشتباكات بين الطرفين قبل سنوات قليلة. وهاجم مسلحون من الفريق الرئاسي الجامعة ومجمع الوزارات ومبنى وزارة الداخلية القديم، فيما رد مقاتلو"حماس"بهجمات مضادة استهدفت مراكز امنية وقوات الفريق الرئاسي، وحاصروا المقر الرئيس للمخابرات العامة التابعة للرئاسة في منطقة السودانية شمال القطاع التي امتدت اليها الاحداث بسرعة كالنار في الهشيم، كما دمروا مقرات تابعة للمخابرات والامن الوقائي والاستخبارات العسكرية وغيرها شمال القطاع، كانت لهم السيطرة عليها، وكبدوا قوات فريق الرئاسة خسائر فادحة، من بينها مقتل ضابط في المخابرات العامة برتبة عميد. وجاء ذلك في رد فعل قاس على الهجوم على الجامعة الاسلامية التي اقتحمتها قوات الفريق الرئاسي في عملية سريعة وخاطفة وربما غير متوقعة من"حماس". وقالت مصادر من الحركة ان هذه القوات احرقت مبنى الادارة ومبنى الطالبات وقاعة المؤتمرات التي لا مثيل لها في المنطقة. ورد مسلحو من"حماس"فأحرقوا مبنى فرع جامعة القدس المفتوحة في حي النصر في غزة امس، في واحدة من أسوأ الكوارث التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الذي دانت شرائح واسعة منه استهداف الجامعات والمؤسسات الاكاديمية او الامنية او غيرها. وفرض المواطنون القاطنون في الجزء الغربي الجنوبي من غزة حظراً طوعياً للتجول على انفسهم، فيما لم يتمكن من كانوا خارج منازلهم من العودة اليها، كما لم تتمكن عشرات العائلات من الهرب من منازلها في المباني والابراج المنتشرة في المنطقة التي كانت مسرحاً لاقتتال عنيف لم يشهد كثيرون مثيلا له حتى في حرب الايام الستة ابان العدوان الاسرائيلي واحتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. وقال مواطنون انهم لم يروا مثل هذه المواجهات حتى في حرب عام 1967 او غيرها من المواجهات حتى مع قوات الاحتلال ابان انتفاضة الاقصى الحالية. وجاءت الاشتباكات الدامية في هذه المنطقة لتذكر كثيرا من المواطنين من متوسطي الاعمار بالاشتباكات التي دارات بين مناصري فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة"الجهاد الاسلامي"من جهة، وعناصر جماعة"الاخوان المسلمين"التي ولدت من رحمها"حماس"من جهة أخرى قبل ربع قرن تقريباً. وقال بعض هؤلاء ان الفرق بين الاشتباكات الحالية وتلك التي جرت في محيط الجامعة الاسلامية في اعوام 1982 و1983 بين الفريقين ان الاشتباكات السابقة كانت تجري بالحجارة والعصي والسلاسل الحديد، وهو ما يجعل امكان مقتل احد مستبعداً، فيما تكون الاصابات خفيفة. وأضاف هؤلاء ان دحلان يشكل عاملاً مشتركاً في المعركتين، ففي معارك 82 كان طالباً في الجامعة الاسلامية، اما الآن فهو مكلف من الرئيس عباس بقيادة الاجهزة الامنية في المعركة الراهنة ضد"حماس"، حسب ما يتهمه قياديون من الحركة على الاقل. واشاروا الى ان الاشتباكات الحالية على عكس السابقة طاولت الناس العاديين الامنيين في بيوتهم، اذ استهدف مسلحون من الفريقين الشقق السكنية والمنازل وسيارات المواطنين وكل هدف يعتقد كل طرف وجود مسلحين للطرف الآخر فيه او بالقرب منه. وادى ذلك الى اشتعال النار في شقق سكنية وسيارات وتحطيم زجاج نوافذ مبان كثيرة. واستنجد كثير من المواطنين وتعالت صرخات الاطفال والنساء في عدد من المباني وتوسلوا المتحاربين وقف القتال كي يتسنى لهم الهروب من منازلهم من دون جدوى. واستمرت الاشتباكات من دون توقف منذ مساء الخميس وحتى ساعات عصر امس عندما اعلن توصل قادة"فتح"و"حماس"الى اتفاق لوقف النار في اجتماع عقد في السفارة المصرية في مدينة غزة برئاسة رئيس الوفد الامني المصري اللواء برهان حماد. وقال الناطق باسم"فتح"عبدالحكيم عوض انه"تم الاتفاق على تثبيت وقف اطلاق النار المعلن"، مضيفا ان الجانبين اتفقا كذلك على عقد اجتماع ثان مساء الجمعة بمشاركة وزير الداخلية من حماس سعيد صيام ومدير عام الامن الداخلي الموالي لفتح اللواء رشيد ابو شباك"على ان يتم وضع آليات حقيقية وجادة لتثبيت الهدنة". واوضح ان كل حركة"ستجري اتصالات مع القادة الميدانيين لتثبيت وقف النار". وتوقعت مصادر مصرية مطلعة ألا يدوم أي اتفاق يبرم في الوقت الحالي بين الحركتين طويلا"، وقالت:"إن التوصل إلى اتفاق نهائي بين الحركتين يتطلب عدم التعامل مع الأمور من منظور أمني فقط لأن هناك أيضا شقا سياسيا يجب تناوله من أجل التوصل إلى حل استراتيجي تلتزمه الفصائل الفلسطينية"، مشيرة إلى أن"المواقف لا تزال بعيدة عن ذلك، إذ أن الأحداث الأخيرة مثلت تجاوزا غير مسبوق ساعد على زيادة الهوة بين الجانبين". وبعد الاتفاق، فضت الاشتباكات في ساعات المساء لكنها لم تتوقف اذ استمر سماع اصوات انفجارات وازيز الرصاص يلعلع في اجواء مدينة غزة التي انتقل منها القتال الى مدينة خان يونس جنوب القطاع حيث قتل مسلحون من"فتح"عنصرا من"كتائب القسام"فنسف هؤلاء المنزل الذي اطلقت منه النار عليه. وبدا قادة الفصائل في غزة، خصوصاً الجبهتين"الشعبية"و"الديموقراطية"اللتين تشاركان"فتح"و"حماس"عضوية المكتب الخماسي المشترك، يائسين ومحبطين وساخطين على الطرفين. وقال قيادي في"الديموقراطية"ل"الحياة"ان ما يجري هو دفع لاستحقاقات اقليمية ودولية ثلاثة هي اجتماع اللجنة الرباعية في واشنطن امس، والملف الايراني، والقمة العربية المنتظرة نهاية الشهر المقبل. وتظاهر كثير من المواطنين في غير منطقة احتجاجا على استمرار الاقتتال، وصلى مواطنون كثر صلاة الجمعة في العراء في احد شوارع غزة، فيما حض خطباء المساجد على التسامح ووقف الاقتتال والعودة الى مائدة الحوار وتكريس الوحدة الوطنية. وهذا ما كرره الشيخ نافذ عزام القيادي في"الجهاد"التي تبذل جهودا جبارة في رأب الصدع بين الفريقين المتنازعين، اذ ركز عزام في خطبته في احد مساجد مخيم النصيرات على رفض الاقتتال مبينا انه حرام شرعا ويشغل الفلسطينيين عن مواجهة المشروع الاميركي الصهيوني. وطالب المواطنين بالنزول الى الشوارع رفضا للاقتتال خشية الانزلاق نحو حرب اهلية. من جهته، وجه رئيس الحكومة اسماعيل هنية نداء الى الفريقين المتصارعين في غزة الى وقف اطلاق النار وحماية المؤسسات والحفاظ على مقدرات الشعب، وفي مقدمها الجامعات التي تمثل منارات العلم والحضارة. وفي اتهام مبطن لفريق الرئاسة بالرضوخ للاملاءات الاميركية، طالب هنية الادارة الاميركية برفع يدها عن الشعب الفلسطيني كي لا يقع في اتون حرب اهلية.