لعل الممثلة اللبنانيّة كارمن لبّس، من أكثر الوجوه النسائيّة حضوراً في الدراما المحليّة، وقدرة على التعبير عن أحاسيس الدور الذي تجسده... من هنا لم تفتح بوجهها أبواب الدراما اللبنانيّة فحسب، بل امتدت أدوارها إلى الدراما العربيّة لتؤدي فيها شخصيّات تختلف في مواصفاتها عن تلك التي تسند عادة إلى الممثلات اللبنانيّات، على هامش العمل الدرامي، في حين تتوزّع الأدوار الأساسيّة والمركبة على ممثلات أخريات. تشكر لبس كل من يبدي إعجابه بصدق أدائها وعفويتها، لكن المشيد بأدائها لا يعد مجاملاً، لأنها استطاعت منذ بداياتها ولاسيّما في أدوارها الأخيرة، أن تثبت أنها ممثلة بكل ما للكلمة من معنى، ولعل هذا ما دفع بالقيمين على برنامج"ستار أكاديمي"في موسمه الحالي، الى التعاقد معها على تدريس الطلاب الأداء المسرحي، التمثيل والتعبير. وإذا كانت تجربتها التلفزيونيّة على المستوى اللبناني، غنيّة بأعمال حملت تواقيع غالبية كتّاب الدراما اللبنانيّة، فإنها تعتبر أن خير من استطاع التمييز بين ابن الشارع وابن البيك بامتياز في نصوصه، على المسرح وليس في التلفزيون هو الفنان زياد الرحباني. كتاب الدراما وتوضح لبّس أن"نص الكاتب شكري أنيس فاخوري يتميّز بسلاسته وسهولة حفظه، وكذلك نص الكاتبة كلوديا مرشيليان جمله مسكوبة بطريقة جيّدة، بينما مسلسل الكاتبة منى طايع،"ابنة المعلم"، كان الحوار فيه مكتوباً بصيغة معيّنة، ربّما لأن قصّته تعود إلى فترة الستينات، وحينها كانت الجمل المتداولة بين الناس، مختلفة عن تلك المستخدمة بيننا اليوم، ولأنه منقول عن الفصحى". وتسجل على الكتاب اللبنانيين والعرب في غالبيتهم، أنهم يتحدثون بلغتهم، وليس بلغة شخصيات أعمالهم،"فتجد كل الممثلين عند شكري فاخوري، يلعبون على الكلام بالطريقة ذاتها، مع أن لكل إنسان خصوصيته ولهجته المختلفة عن الآخر في الحياة"كما تقول. وتأخذ على مروان نجار أن نصه خاص ولغته خاصة، لا يرغب بتكرار الكلمة ذاتها في الجملة ذاتها، ويأتي ببديل لها، كما تصف نصّه بأنه صعب الحفظ بخاصة أنه لا يرضى باستبدال كلمة بأخرى..". الدراما والحرب اللبنانيّة وفي وقت تكرر إعجابها بكتابة زياد الرحباني، تقول:"شاركت في أفلام سينمائيّة كثيرة تناولت الحرب اللبنانيّة، منها"زوزو"للمخرج جوزيف فارس،"ويست بيروت"للمخرج زياد دويري،"معارك حب"لدانيال عربيد. لكن العمل الوحيد الذي يعطي صورة واضحة عن حال البلد، كان على مسرح زياد الرحباني من خلال مسرحيّة"فيلم أميركي طويل"، حيث صور أشخاصاً فضّلوا أن يتعاطوا المخدرات، ليتفادوا الدخول في"همروجة"الحرب الأهليّة، وآخرين يحاولون التخلص من سموم المخدرات في"أجسادهم". وإن كانت لبّس لا تعتبر نفسها منحازة الى الرحباني الذي رافقته على المسرح وفي الإذاعة سنوات طويلة، فإنها تعتبر أن فرصتها في البطولة المطلقة، كانت على أيدي آخرين، وتوافق على وصفها بالمحظوظة باختيارها لدور مي سلامة في مسلسل"ابنة المعلم"،"إذ أعطاني فرصة لأظهر إمكاناتي التمثيليّة"... لكن عينها لا تزال على مسلسل من ثلاثين حلقة تقوم ببطولته،"لأن المسلسلين الوحيدين اللذين قمت ببطولتهما هما"ابنة المعلّم"للمخرج إيلي حبيب في عشرين حلقة عرض على"أل بي سي"الأرضية ويعرض قريباً على الفضائيّة اللبنانيّة، وفي حلقات"زهرة الخريف"من سلسلة"حكايات"للكاتب شكري أنيس فاخوري والمخرجة رندلى قديح في سبع حلقات،"ولم أصل بعد إلى الرقم ثلاثين في مشوار البطولة"كما تقول... علماً أنها تعد لبدء تصوير المسلسل الجديد"مالح يا بحر"للكاتب مروان العبد والمخرجة ليليان البستاني في 15 حلقة. وتبدي لبّس تخوّفها من الشخصيّة التي تجسدها في حلقات"زهرة الخريف"، وتقول:"أجسد دور امرأة أربعينيّة تعمل مديرة بنك، وتعيش قصّة حب مع شاب عشريني. من هنا انا خائفة من رد فعل الجمهور، فلماذا امرأة ناجحة بهذه المواصفات ستقع في غرام شاب يصغرها سنّاً؟ وما هو النقص في حياتها الذي يعوّضه وجود هذا الشاب؟ وتبيّن لي أن الشيء الوحيد الذي لم تجده في علاقاتها السابقة، شخص يضحكها ويشعرها بالطفولة. وهذا الشاب أعادها إلى نقطة الصفر من حيث توقفت عواطفها ومشاعرها، وقد جسّدت الدور بعفوية تامة، وهذا ما يخيفني أيضاً". وتؤكد لبس على ضرورة العفوية في الأداء، لكنها تميّز بين عفوية الإنسان وطبيعته في بيته، وبين عفويته وطبيعته في الدور الذي يؤديه، وتضيف:"هنا ليس مطلوباً أن أتصرف كما تتصرف كارمن في بيتها لأكون طبيعيّة، بل كما تتصرف"سهى"دورها في"زهرة الخريف" ومي سلامة دورها في ابنة"المعلّم". وتشير إلى خلط بعض الممثلين بين الأمرين، ما ينعكس سلباً على الدور. وتلفت لبّس إلى أن"معظم ممثلي الجيل السابق، يتميزون بصدق أدائهم"، وتتابع:"لكن هذا لا يعني أنني أذم الأكاديميات ومدارس التمثيل عندنا". فهل تعتبر أن الدراسة تلغي العفويّة؟ تجيب:"دراسة المسرح بالتحديد، لأن المسرح"غير شي"، واختصاصاتنا تقتصر على التمثيل المسرحي، وليس منطقياً أن تتخرج من قسم المسرح، وتقف أمام كاميرات التلفزيون".