وجّه رئيس رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال بيتر بيس ضربة قوية لجهود البيت الأبيض في دفاعه عن صدقية الأدلة التي قدمها البنتاغون على تورط ايران في العراق، بإعلانه عدم وجود دليل على ان الحكومة الايرانية كانت تزود المسلحين العراقيين بأسلحة ومتفجرات قاتلة، مناقضاً بذلك مزاعم مسؤولين عسكريين ومدنيين أميركيين التي لم تصمد أكثر من يومين. وأضاف بيس ان القوات الأميركية التي تلاحق خلايا المجموعات المسلحة المتطرفة التي تصنع عبوات ناسفة اعتقلت ايرانيين ووجدت ان بعض المواد التي استخدمت في صنع العبوات صنع في ايران. واستدرك قائلاً"لا يعني ذلك بالتأكيد ان الحكومة الايرانية متورطة مباشرة في هذه الأعمال"، موضحاً"ان ذلك يعني ان اشياء تصنع في ايران تستخدم في العراق لقتل جنود التحالف". وجاءت تصريحات بيس في مؤتمر صحافي في جاكرتا في زيارة الى اندونيسيا. وتطرح تصريحات بيس أسئلة حول صدقية المزاعم الأميركية عن"تدخل ايراني رسمي على أعلى مستوى"التي أعلنها مسؤولون عسكريون في بغداد الأحد الماضي وأكدها الناطق باسم البيت الأبيض طوني سنو الاثنين، خصوصاً بعد ثبوت خطأ مزاعم الاستخبارات الأميركية عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل التي استخدمت ذريعة لتبرير غزو هذا البلد. وكانت صحيفة"ديلي تلغراف"البريطانية نشرت أمس ان القوات الاميركية صادرت خلال عملية مداهمة ضد متمردين عراقيين في بغداد مؤخراً بنادق نمسوية الصنع بيعت اصلا الى ايران. واوضحت الصحيفة نقلا عن مصادر قريبة من وزارة الدفاع ان حوالى مئة بندقية"اتش اس 50"صودرت وكانت جزءا من 800 بندقية صدرتها شركة انتاج الاسلحة"شتير مانليشر"الى ايران العام الماضي. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية للصحيفة نفسها ان"امكان وصول هذه الاسلحة الى الايادي السيئة تحققت على ما يبدو". وكانت بريطانياوالولاياتالمتحدة دانتا بيع هذه الاسلحة التي كانت مخصصة اصلا للشرطة الايرانية المكلفة مكافحة تهريب المخدرات، وعبرتا عن تخوفهما من وصولها الى المتمردين العراقيين. وتابعت"ديلي تلغراف"انه بعد اقل من 45 يوما من وصول شحنة الاسلحة الى ايران قتل احد المتمردين العراقيين ببندقية من هذا النوع جندياً اميركياً في آلية مدرعة. وتتميز هذه البندقية، التي يبلغ سعر القطعة الواحدة منها 19500 دولار، بأنها تستخدم كقناصة وبقدرتها على اختراق الملابس المضادة للرصاص. واضافت ان القوات الاميركية ضبطت في الاشهر الستة الاخيرة عددا كبيرا من هذه البنادق قبل عملية المداهمة التي جرت في الساعات ال24 الاخيرة وسمحت بمصادرة مئة منها. من جهته رفض الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الاتهامات الاميركية واتهم ادارة بوش بالسعي الى"اخفاء .. اخطائها وهزيمتها وفشلها في العراق، لذلك تشير بأصبع الاتهام الى الآخرين". واكد ان بلاده"ليست خائفة"، معتبرا ان احتمال شن هجوم اميركي على ايران"ضعيف جدا"وانه سيلقى"عقابا شديدا". وواصلت ادارة الرئيس بوش دفاعها عن"الادلة"التي عرضتها عن ضلوع ايران في تسليح متطرفين عراقيين، نافية ان تكون تعتزم استخدامها لتبرير هجوم على الجمهورية الاسلامية. واتت هذه التصريحات بعدما اكد البنتاغون ان تعزيز الانتشار في الخليج يشكل رسالة"لاعداء محتملين"في المنطقة وتعهد بوش شخصياً بسحق اي شبكات ايرانية تغذي اعمال عنف تحصد جنوداً اميركيين في العراق. وقال بوش لشبكة"سي سبان"التلفزيونية رداً على مخاوف خصومه الديموقراطيين من ان تتخذ الازمة بين الولاياتالمتحدةوايران منحى عسكريا"ان ردي على كل هذه الاشاعات الفارغة بأنه"يريد شن الحرب"، هو انني اولاً لا افهم التكتيك المعتمد واميل الى القول انه سياسي". واضاف الرئيس الاميركي"من جهة اخرى آمل ان يدرك اعضاء الكونغرس، ولا سيما من الحزب الجمهوري المعارض، الخطر الكبير الذي تشكله ايران في حال امتلاكها السلاح النووي". غير ان الادارة واجهت الاثنين تساؤلات من أعضاء بارزين في الكونغرس حول دقة معلوماتها عن الأدلة الايرانية والدوافع خلفها. وصدرت مواقف ذكرت البيت الابيض بفشل اجهزة الاستخبارات الاميركية في ما يتعلق بالاتهامات الموجهة سابقا الى نظام صدام حسين بامتلاك اسلحة دمار شامل والارتباط بتنظيم"القاعدة"، وباستغلالها هذه الحجج لتبرير الحرب على العراق عام 2003. وثمة عوامل كثيرة عززت مخاوف الديموقراطيين منها تصعيد اللهجة مجدداً بين الطرفين، والاذن الذي اعطي للجنود الاميركيين باستخدام كل الوسائل لحماية انفسهم من التحركات الايرانية في العراق، وارسال مجموعة بحرية اميركية ثانية الى الخليج في وقت كان الايرانيون يقومون بمناورات، ورفض طهران وقف نشاطاتها النووية. وفي اطار سعي البيت الابيض لطمأنة هذه المخاوف قال بوش"ينبغي حل كل المشكلات الكبرى بالطرق الديبلوماسية. وبكلام آخر، فإن اللجوء الى الجيش هو الوسيلة الاخيرة لتسوية المشكلات. واعتقد ان امكان حل هذه المشكلة النووية الايرانية ديبلوماسيا ما زال قائماً". واقر بوش نفسه في الماضي بأن الادارة فقدت من صدقيتها اثر سقوط تبريراتها لاجتياح العراق.