سلم عالم عراقي الاميركيين وثائق عن البرنامج النووي العراقي السابق ومكونات للطرد المركزي اخفاها منذ العام 1991 بأوامر من نظام صدام حسين. ومنح العالم اللجوء في الولاياتالمتحدة، ونقل عنه ان خطة "سرية" للقيادة السابقة في بغداد كانت تقضي بإحياء البرنامج النووي فور رفع الحظر الدولي، فيما شككت وحدة استخبارات تابعة للخارجية الاميركية في اصرار ال"سي آي اي" على استخدام نظام صدام شاحنات كمعامل لصنع أسلحة بيولوجية. كشفت وسائل اعلام اميركية ان الباحث العراقي السابق مهدي عبيدي سلم الأميركيين قطعاً للطرد المركزي، ووثائق عن البرنامج النووي العراقي كانت مخبأة في حديقة منزله منذ العام 1991 بناء على أوامر من نظام صدام حسين. وبثت شبكة "سي ان ان" التلفزيونية التي عرضت القطع والوثائق في مقر وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي، ان مجرد رغبة النظام العراقي في اخفاء هذه المواد، يؤكد انه كان ينوي استئناف برنامجه النووي الذي كشفه مفتشو الأممالمتحدة بعد حرب الخليج في 1991. ورأى ديفيد كاي المفتش السابق الذي يرأس الآن فريقاً يبحث عن اسلحة الدمار الشامل في العراق، ان ذلك يعني ان البرنامج النووي العراقي كان "في سبات وان الأمر باستئنافه لم يصدر الى عبيدي". وأضاف كاي في مقابلة بثتها الشبكة ان عبيدي قال "انه لم يعمل على برنامج نووي، خصوصاً على طارد مركزي منذ 1991". وأوضح انه "كان يحتفظ بهذه القطع في انتظار الأمر الذي لم يصدر كما قال لاستئناف البرنامج النووي". واكد كاي ان الشركة الأوروبية للتخصيب المخصص للاستخدام المدني هي التي انتجت هذه القطع، وزاد: "من المريح جداً ألا نقلق من انتقال هذه الوثائق والمكونات الى دول اخرى". وأوضحت "سي ان ان" ان عبيدي منح اللجوء في الولاياتالمتحدة، ويتعاون مع السلطات الاميركية، فيما نقلت شبكة "ام اس ان بي سي" عن مصادر في الادارة الاميركية ان تاريخ تلك الوثائق يعود الى نهاية حرب الخليج، في وقت كان يُعرف فيه ان صدام سعى الى اقتناء أسلحة دمار شامل. وأفادت ان المحققين الأميركيين عثروا الاسبوع الماضي على حاويتين فيهما وثائق احدث بكثير، تتعلق بأسلحة كيماوية وبيولوجية. وتحمل احدى الوثائق عنوان "دفن وثائق نشاطات الأممالمتحدة في العراق"، وتعطي تعليمات مفصلة عن طريقة اخفاء وثائق وخداع المفتشين الدوليين، بحسب تقرير لشبكة "ان بي سي". وتشير وثائق اخرى الى كيفية اخفاء الغازات السامة المثيرة للاعصاب. وأوضحت "ان بي سي" ان القوات الاميركية عثرت على ثلاثمئة كيس لبذور تستخدم في صنع الخردل، وهو عنصر بيولوجي قاتل، داخل مستودع في مدينة العزيزة جنوب شرقي بغداد. وقال مسؤول في الاستخبارات الاميركية سي آي اي ان الوثائق والمكونات اخفيت في برميل دفن اسفل حوض من الزهور، في حديقة. واكد ان "هذا ليس دليلاً" على امتلاك العراق سلاحاً نووياً، على رغم ان المكونات تمثل "مجموعة كاملة من الأشياء الضرورية لإعادة بناء برنامج لتخصيب اليورانيوم بالطرد المركزي". وذكر ان عبيدي "زعم ان الاخفاء جاء في اطار خطة سرية رفيعة المستوى، لإعادة برامج الأسلحة النووية فور رفع العقوبات" عن العراق. وشدد المسؤول الاميركي على "اخفاء الوثائق والمكونات بتوجيه من القيادة العراقية العليا، بهدف الحفاظ على قدرة النظام لاستئناف برنامج الطرد المركزي، والذي يمكن ان يستخدم في مرحلة ما لتخصيب اليورانيوم من اجل صنع سلاح نووي". واشار الى ان العالم العراقي قدم تلك المواد طوعاً ونُقل مقره هو وأفراد اسرته. وكان الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر، برر أول من أمس امتناع العراقيين عن كشف ما يعرفونه عن اسلحة الدمار الشامل بالخوف من احتمال "ان يكون صدام حياً". واشار الى ان الرئيس جورج بوش "يحتفظ بصبره وما زال واثقاً بإمكان العثور" على اسلحة الدمار الشامل في العراق. واستدرك ان "الأمر لا يزال في بدايته". تشكيك الى ذلك، افادت صحيفة "نيويورك تايمز" امس ان وحدة الاستخبارات التابعة للخارجية الاميركية شككت في اصرار ال"سي آي اي" على ان الشاحنات المتنقلة التي عثر عليها في العراق، كانت تستخدم كمعامل لتصنيع الأسلحة البيولوجية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الحكومة الاميركية ان المذكرة السرية الصادرة في 2 حزيران يونيو من مكتب الاستخبارات والبحوث التابع لوزارة الخارجية، خلصت الى ان من السابق لأوانه القول ان الشاحنات تعتبر دليلاً على امتلاك العراق برنامجاً للأسلحة البيولوجية. وكانت ادارة الرئيس جورج بوش زعمت ان هناك خطراً وشيكاً تشكله برامج العراق النووية والكيماوية والبيولوجية، وساقت ذلك كمبرر رئيسي لغزو العراق واطاحة صدام. ولم تعثر الفرق الاميركية التي تبحث عن اسلحة محظورة في هذا البلد منذ اسقاط صدام ودخول العاصمة العراقية في التاسع من نيسان ابريل على أدلة دامغة، تثبت امتلاك العراق تلك الأسلحة. ووجهت انتقادات واسعة الى الاستخبارات الاميركية والبريطانية كونها هولت الأمر. ونفت وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون ان تكون حرّفت تقارير استخباراتية في شأن الأسلحة العراقية، لتبرير الحرب.