كشف مسؤولون عسكريون في الاستخبارات الأميركية أمس، أن عدداً كبيراً من القنابل الجديدة والأكثر تطوراً التي استخدمت أخيراً ضد القوات الأميركية في العراق التي منيت ب22 قتيلاً هذا الأسبوع، صُنعت في إيران وشُحنت منها، ما يعزز احتمال ازدياد المساعدات الخارجية للمسلحين. وأفادت صحيفة"نيويورك تايمز"أن قادة عسكريين أميركيين يعتقدون بأن تلك العبوات ستنتشر أكثر مع اتقان المسلحين التقنيات المطلوبة لصنعها في العراق. ويقول هؤلاء القادة ان انتشار هذا النوع الجديد من الأسلحة يعني وجود تعاون"غير عادي"بين الايرانيين الشيعة والعراقيين السنة لطرد القوات الأميركية، الأمر الذي يعد غير منطقي نظراً الى اتساع الاحتقان بين الطوائف العراقية. ونقلت الصحيفة عن خبراء متفجرات أن تلك القنابل غير مصنوعة من مخازن الصواريخ والقذائف المكدسة في ترسانة النظام العراقي المخلوع، انما صنعت لتدمير الآليات المصفحة. وتحوي هذه القنابل شحنات موجهة يمكنها اختراق الهيكل المدرع للآليات باتجاه واحد، وعبر اطلاق قذيفة معدنية بسرعة كبيرة نحو الهدف. ويُعد هذا التصميم بسيطاً لكنه فاعل في حال ضُربت المصفحة من زاوية ملائمة نقطة ضعف. ومنذ ظهرت هذه العبوات قبل نحو شهرين، صودر بعضها، كما احتجزت شحنة كبيرة الأسبوع الماضي في شمال شرقي العراق، كانت آتية من ايران. واعتبر مسؤول عسكري رفيع المستوى أن عشرات من هذه العبوات هُرّبت الى العراق، وتستخدم ضد قوات"التحالف"بقيادة الولاياتالمتحدة، ما أدى الى مقتل عدد من الجنود الأميركيين في أنحاء العراق خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال المسؤول:"انها بين الأجهزة الأكثر تطوراً وقتلاً التي رأيناها"، لافتاً الى أنها"خطرة جداً". وأفاد مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون وأجهزة الاستخبارات، أن بعض الشحنات احتوى مكونات لصنع العبوات فيما هرّبت أخرى مصنّعة في شكل كامل. وأضافوا أنها قد تكون أدخلت من الحدود العراقية - الايرانية عبر"حزب الله"الموالي لطهران، أو من خلال"الحرس الثوري"الايراني. وأكد قادة أميركيون أن هذه العبوات مشابهة لتلك التي كان"حزب الله"يستخدمها ضد اسرائيل خلال احتلالها جنوبلبنان. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري قوله:"الأجهزة التي نراها صنعت آلياً"، مشيراً الى"علامات على تطورها". وكشف قادة أميركيون أنهم رأوا هذه الأجهزة للمرة الأولى في مناطق شيعية في جنوبالعراق مثل البصرة، لكن استخدامها بأيدي المسلحين سهّل"هجرتها"الى شمال بغداد وغربها. وذكر مسؤولون أميركيون أن لا دليل لديهم على تورط الحكومة الايرانية، لكن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد والسفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زاد، رفضا علناً هذا الأسبوع التدخلات الايرانية"المؤذية"في شؤون العراق. وكان زاد صرح الاثنين الماضي بأن هناك"حركة من الناس والمواد عبر حدودها ايران لاستخدامها في أعمال عنف ضد العراق". لكن خبراء في شؤون الشرق الأوسط استبعدوا أي تورط ل"حزب الله"اللبناني أو ايران بدعم المسلحين، لأن ذلك يصب في غير مصلحتهما، اذ زاد مسلحون سنّة أخيراً وتيرة عملياتهم ضد العراقيين الشيعة. ولفتوا الى أن تهريب الأسلحة يتم عبر مهربين أو مجرمين أو حتى"المتمردين"أنفسهم. ويقول المحلل السابق لشؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي كينيث كاتزمان:"أزلام ايران يسيطرون على العراق، فيما تذهب هذه الأسلحة الى الناس الذين يقاتلونهم، اما القول بتورط إيران أو"حزب الله"فهو غير منطقي". وردت مصادر قريبة من وزارة الدفاع الإيرانية على ما نشرته"نيويورك تايمز"، فأشارت الى أن الاتهامات تأتي في الوقت الذي يشهد الملف النووي الايراني تصعيداً غير مسبوق على خلفية الرفض الايراني للاقتراح الأوروبي الأخير لحل هذه الأزمة والاصرار على استئناف العمل في منشآت اصفهان لانتاج غاز الهغزافلورايد اليورانيوم كخطوة اولى نحو التخصيب الكامل الذي يتم في مفاعل"ناتانز"الذي يضمن معدات الطرد المركزي. واعتبرت هذه المصادر ان سوق هذه الاتهامات لايران في هذه المرحلة ليس له أي تفسير منطقي، لأن الجميع يعلم مدى التعاون الايراني الايجابي في العراق. واضافت المصادر ان من غير المستبعد ان تكون هذه الاسلحة التي يتحدث عنها الجانب الاميركي قد وصلت الى المقاومة من خلال استيلائها على مخازن اسلحة الجيش العراقي السابق والتي كانت مليئة بأسلحة ايرانية من مخلفات الحرب بين البلدين.