قالت مصادر سياسية لبنانية مواكبة للمساعي السعودية - الإيرانية الهادفة الى مساعدة الأطراف اللبنانيين على التوصل الى تسوية لإنهاء التأزم السياسي الذي يمر فيه البلد، ان المشاورات بين الرياضوطهران ستتواصل هذا الاسبوع في العاصمة السعودية التي سيزورها وفد ايراني رفيع المستوى لهذه الغاية. ولفتت المصادر الى ان موجات التفاؤل التي يطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري من حين الى آخر قد تكون في محلها لأنه يتابع المساعي السعودية - الايرانية ولا ينطلق من فراغ عندما يؤكد امام زواره ان المشاورات بين البلدين قطعت مرحلة متقدمة، من دون ان يدخل في التفاصيل وكأنه يحتفظ بمعلومات يصر على حمايتها خوفاً من تعريضها الى الاستهداف قبل ان تتبلور بصورتها النهائية لتشكل القاعدة الاساسية لحل الازمة. وأوضحت المصادر نفسها لپ"الحياة"انها لم تفاجأ بالموقف الذي أعلنه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من دمشق بعد انتهاء محادثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد وكبار المسؤولين السوريين من ان التعقيدات ما زالت قائمة وان لا بد من حلها الواحدة تلو الأخرى. وعزت السبب الى ان دمشق ليست في وارد تسهيل مهمة موسى، وانها اذا أرادت المساعدة في اطار المساعي السعودية - الايرانية فإنها تفضل ان تسلف موقفها الى الرياض اولاً والى طهران ثانياً بدلاً من ان تعطي موسى موقفاً ايجابياً تعتقد بأنه غير قادر على تسويقه عربياً ودولياً لمصلحة توفير الظروف للقيادة السورية لاعادة تصحيح علاقاتها بالمجتمع الدولي ومن خلال لبنان هذه المرة بعد ان سهلت عقد الاجتماع الفلسطيني - الفلسطيني في مكةالمكرمة برعاية مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وتؤكد المصادر ان طهران ارادت من خلال طريقة تعاملها مع اجتماع مكةالمكرمة تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر في المجتمع الدولي بأنها عازمة على التعاطي بمرونة في حل النزاعات المتعددة من فلسطين الى العراق مروراً بلبنان وانتهاء بملفها النووي. وتضيف ان دمشق شجعت رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية"حماس"خالد مشعل على حضور الاجتماع الفلسطيني - الفلسطيني لتمهيد الطريق امام استعادة ثقة القيادة السعودية بالقيادة السورية، لكنها بالنسبة الى لبنان لا تستطيع ان تتعامل بالمثل ما لم تحصل على شيء ما يعيد لها الاعتبار في الخريطة العربية ومن خلال المجتمع الدولي. وترى المصادر نفسها ايضاً ان دمشق تسعى من خلال إمساكها بالورقة اللبنانية الى تقديم أوراق اعتمادها الى المجتمع الدولي من خلال استعدادها للتعاون مع السعودية ومن ثم ايران لتسوية الازمة في لبنان، مشيرة الى انها لن تتخلى عن هذه الورقة من دون مقابل. وتتابع المصادر ان دمشق غير قادرة على الذهاب بعيداً في التصعيد السياسي، وهي تحاول ان تقدم نفسها كعامل تهدئة في مقابل ان تتيح لها القمة العربية التي ستعقد في الرياض في نهاية الشهر المقبل اعادة ترميم علاقتها المباشرة بالمملكة العربية السعودية، خصوصاً ان طهران لا تستطيع الذهاب معها بعيداً في اعاقة الحل، ناهيك بأنها تنظر الى محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على انها تشكل عامل ضغط مباشراً على السياسة السورية حيال لبنان. وانطلاقاً من ذلك تدعو المصادر الى الانفتاح على التفاؤل الذي يبديه بري امام زواره وتنصح بضرورة معاودة الحوار حتى لو اقتصر في مرحلته الاولى على رئيس المجلس ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري، من دون ان تمنع قوى اساسية في الاكثرية من سحب مخاوفها من التداول تحسباً لعدم الانزلاق في مطب جديد من الكمائن يعطي للمعارضة ذريعة استئناف الهجوم المضاد ضدها تحت عنوان انها احبطت الاجواء التفاؤلية التي يتحدث عنها بري. وبحسب هذه المصادر فإن السعودية نجحت في تحضير الاجواء لمعاودة التواصل بين الحريري وبري بعد ان استحصل الاخير على تفويض جديد من قيادة"حزب الله"من شأنه ان يعطي للطرفين فرصة جديدة للبحث في المخارج. كما ان السعودية من خلال سفيرها في بيروت عبدالعزيز خوجة تواكب معاودة الحوار بين بري والحريري الذي لا يزال في اول الطريق ولم يتطور الى حدود التوافق كما اشيع في اليومين الاخيرين على تشكيل لجنة مشتركة، اضافة الى ان خوجة يتحرك على خط آخر في اتجاه بعض القيادات الاساسية لا سيما رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الذي التقاه اول من امس. وفي ضوء التحرك الهادئ للسفير خوجة فإن معظم الاطراف في الاكثرية باتوا مقتنعين بعدم شن هجوم معاكس يستهدف تفاؤل الرئيس بري المستمد من اجواء التحرك العربي والدولي ولا يمت بصلة الى ما أسفرت عنه زيارة موسى لدمشق، في مقابل اقتناع المعارضة من خلال قيادة"حزب الله"بالحفاظ على التهدئة، لتمرير احياء الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ولضبط ايقاعها للحؤول دون تعريض التفاؤل المفتوح على معطيات جديدة الى انتكاسة الا اذا ارتأت القيادة السورية العكس وسارعت، الى اعطاء اشارات الى بعض الاطراف للجوء الى التصعيد. وفيما لم تستبعد هذه المصادر، في حال طغت موجة التفاؤل على ما عداها من موجات التصعيد او توتير الخطاب السياسي، ان تنجح التحضيرات امام عقد لقاء بين بري والحريري لا يستفز أحداً ويفتح الباب امام معاودة الحوار من خلال توسيع المشاركة فيه لتشمل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وجنبلاط وقيادات اخرى في الأكثرية والمعارضة، اكدت ان المسؤولية تقع على عاتق الطرفين في الانتقال بالبلد الى مرحلة جديدة تمهد للحل ومشروطة بتسهيل سوري خصوصاً انها ستكون مكفولة من الرياضوطهران لتأمين ديمومة الاستقرار. وفي هذا السياق نفت المصادر المواكبة ما أشيع أخيراً عن عناوين لورقة المساعي السعودية - الايرانية وقالت الىپ"الحياة"ان أي حل يجب ان يقوم على التلازم والتوازن بين انجاز قانون المحكمة الدولية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرة ايضاً الى ان بقية النقاط العالقة ستناقش لاحقاً، وداعية في الوقت نفسه الى الإسراع بتأليف اللجنة المشتركة للانتهاء من درس ملاحظات المعارضة على مشروع المحكمة، معتبرة ان لا مشكلة اذا تأمن التوافق على صيغة الحكومة الجديدة مع عدم استخدام مطلب الشراكة لفرض استقالة الحكومة.