تتوجه أنظار اللبنانيين الى طهران حيث تتواصل المشاورات السعودية - الإيرانية، من خلال فريقي عمل من البلدين، في محاولة جادة لمساعدة أطراف الصراع في لبنان على التغلب على مشكلاتهم العالقة والمعقدة والتوصل الى مخرج للأزمة التي تجاوزت الأسبوع الماضي الخطوط الحمر وأنذرت بمضاعفات امنية وسياسية، يمكن ان تجر البلاد الى الفوضى والمجهول. راجع ص 8 وعلمت"الحياة"، من مصادر سياسية نافذة في الموالاة والمعارضة، ان فريقي العمل السعودي والإيراني اجتمعا امس في طهران لاستكمال مساعيهما الهادفة الى تجنب تطور الأزمة وانعكاسها سلباً على العلاقة بين السنّة والشيعة، وهي المساعي التي كان بدأها رئيسا مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز والايراني علي لاريجاني. وبحسب المعلومات فإن المحادثات السعودية - الإيرانية تزامنت امس مع توجه الأمير بندر الى واشنطن في ظل الحديث عن توسيع نطاق الاتصالات السعودية الهادفة الى تحييد لبنان عن سياسة المحاور في المنطقة، وتوفير الظروف السياسية والأمنية لإعادة الاعتبار الى مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في ضوء تأكيد مصادر وزارية ونيابية بارزة ان لا مشكلة في عودته الى بيروت وأنه سيكون جاهزاً للمجيء إليها بدءاً من بعد غد الأربعاء، لكن هذه المرة مع تحقيق تقدم يؤدي الى التوافق، وهذا ما تسعى إليه الرياضوطهران. واستناداً الى هذه المعلومات فإن التخفيف من حدة التوتر في المنطقة الذي يهدد باندلاع اشتباكات سياسية وعسكرية سيساعد لبنان على تجاوز محنته واسترداد حيويته بعدما اصبح على"كف عفريت"، كما اكد قيادي بارز ل"الحياة"ما زال يراهن على نجاح المساعي السعودية - الإيرانية. وكشف هذا القيادي انه يتوقع أسبوعاً أكثر هدوءاً من الأسبوع الماضي الذي كاد يضغط بكل الأشكال على البلد، واضعاً قياداته على اختلاف انتماءاتهم امام خيارات صعبة اضطرتها الى دعم جهود التهدئة. ولفت الى ان المساعي السعودية - الإيرانية، اذا ما كُتبت لها نهاية سعيدة بتوافق لبناني - لبناني وعدم ممانعة سورية تحاول طهران التوصل إليها عبر اتصالاتها المفتوحة مع القيادة السورية، تهدف اولاً وأخيراً الى توفير كل الشروط لإنتاج تسوية متوازنة ومتلازمة من شأنها ان تشجع موسى على العودة الى بيروت على وجه السرعة خصوصاً ان الرياضوطهران لا تعدّان لتسوية نيابة عن اطراف النزاع بمقدار ما انهما تتحركان لإعادة دور المؤسسات الدستورية من خلال استئناف الحوار أو اشكال اخرى من التشاور. وإذ نفى القيادي نفسه وجود نية لدى الرياضوطهران لإطلاق مبادرة خاصة بلبنان، أكد وزير بارز ل"الحياة"ان التحرك السعودي - الإيراني يهدف الى تحضير تسوية تترجم الى خطوات ملموسة قبل 14 شباط فبراير المقبل ذكرى مرور سنتين على اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وفي هذا السياق قال الوزير ان لا مصلحة لأحد في الاحتكام الى الشارع وما قد ينتج منه من عنف وفوضى وأن الأكثرية تدرس النزول إليه لإحياء ذكرى استشهاد الحريري فيما المعارضة تواصل اعتصامها في ساحتي الشهداء ورياض الصلح. وحذّر من خطورة النزول الى الشارع في استعراض سياسي في وجه الشارع الآخر الذي تعتصم فيه قوى المعارضة. وقال ان الإسراع في الحل المدعوم بمساع سعودية - إيرانية يوفر على البلد المزيد من التأزم ويعطي لموسى فرصة جديدة قد تكون الأخيرة امام اللبنانيين للتغلب على نقاط الاختلاف لمصلحة التفاهم على تسوية. واعترف بحجم الضغوط التي ما زالت تمارسها الرياضوطهران لدى الأطراف الذين تربطهم بهما علاقة جيدة من اجل التهدئة وعدم التصعيد. وعلى هذا الصعيد، قال مصدر قيادي في المعارضة ان الدور السعودي - الإيراني يكمن في تقديم الدعم للبنانيين من اجل حلحلة أمورهم المعقدة أو تلك التي ما زالت عالقة، إضافة الى ان البلدين يحضان اطراف النزاع على"تدوير الزوايا"التي تستدعي تنازلاً من هنا وتراجعاً من هناك ما يؤسس لتسوية على خلفية ما كان أعلنه موسى سابقاً بأنه لن يكون هناك غالب أو مغلوب. وفيما شدد المصدر على ان الفرصة ما زالت قائمة امام الحل السياسي، اكد انه اصبح لدى الرياضوطهران مادة سياسية دسمة هي خلاصة للاتصالات التي اجرتاها بأطراف النزاع، مشيراً الى ان العاصمتين تقومان بتقويم ما ورد إليهما من اقتراحات لاستيضاح بعض المواقف وتوضيب بعضها الآخر لافتاً الى ان هذا ما يعكف على إنجازه فريقا العمل من البلدين. بري والسنيورة وبالنسبة الى مساعي السفير السعودي في بيروت عبدالعزيز خوجة لترتيب لقاء بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، نقل الزوار عن الأول قوله ان لا مشكلة شخصية بينه وبين السنيورة، وأنه لو كانت شخصية لبادر الى زيارته في منزله او في السراي الكبيرة من اجل حلها. وأكد بري بحسب ما نقل عنه زواره ان لا احد يعترض على الدعوة الى العودة الى الحوار أو التشاور إنما السؤال هو:"ماذا لو جلسنا الى الطاولة وانتهينا من دون توافق". ويؤكد رئيس المجلس ايضاً ان لا بد من توفير الأجواء لعودة الحوار"وهذا ما نراهن عليه من خلال المسعى السعودي - الإيراني وعندها لن تكون هناك مشكلة امام عودة موسى، ليس لإحياء المبادرة العربية فحسب، وإنما ليكون شاهداً على توافق اللبنانيين"، مشيراً الى"ان الشرط الوحيد للتسوية يكون بمبادرة كل فريق الى ان يعطي شيئاً، فأنا على سبيل المثال أعطي شيئاً للسنيورة كممثل لفريق سياسي وهو في المقابل يعطيني شيئاً كممثل للمعارضة". بدوره قال السنيورة ل"الحياة"ان"لا مشكلة في ان أذهب اليوم قبل الغد للقاء الرئيس بري، وأنا لا عقدة عندي لا في اللقاء ولا في المكان". وأضاف:"انا اعرف ان فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي يحتاج الى إصدار مرسوم يوقع عليه رئيسا الجمهورية والحكومة وأن الأكثرية في البرلمان طالبت الرئيس اميل لحود في عريضة وجهتها إليه بضرورة فتح هذه الدورة، لكن ما أقصده، انه كان في وسع رئيس المجلس قبل انتهاء الدورة العادية دعوة الهيئة العامة الى الانعقاد للتشاور في ما آلت إليه الأوضاع وبالتالي نحن جاهزون كما في السابق للعودة الى طاولة الحوار".