تراجعت الدراما الدينية في شكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثار تساؤلات حول أبعاد هذا التراجع، خصوصًا أنها كانت حاضرة بغزارة طوال العشرين سنة الماضية. واللافت ان أعمالاً من هذا النوع أنجزت في الفترة الماضية لكنها بقيت حبيسة الأدراج لأسباب مجهولة، في الوقت الذي تقدم مواضيع اجتماعية واستعراضية مستهلكة. "الحياة"سألت ثلاثة من أبرز مؤلفي الدراما الدينية خلال السنوات الماضية حول الموضوع: المؤلف محمد أبو الخير الذي قدم 9 أجزاء من مسلسل"القضاء في الإسلام"إضافة الى جزءين من مسلسل"المرأة في الإسلام"وأعمال أخرى، يرى أن الإقبال على الأعمال الدينية لم يعد كما كان في السابق، ويعزو جزءاً من هذا الأمر إلى المؤلفين أنفسهم، لأنهم، كما يقول،"لم يستطيعوا جذب الجمهور بصورة لائقة نظراً الى تقديم نماذج من الأعمال الدينية في شكل جاف وغير موثق. حتى أصبحت النماذج التي ترتفع إلى مستوى رغبات المشاهدين وأفكارهم وأحاسيسهم قليلة بل نادرة. ثم يأتي دور المنتج الذي يبحث عن الربح. وبرأيي إن كثيرين من المنتجين أضرّوا بكل النماذج الدرامية سواء تاريخية أم دينية أم اجتماعية، لأنهم غالباً ما يكونون على قدر كبير من الثقافة المالية والتجارية، من دون أن يعيروا بالهم للقيم والأخلاق والتاريخ والتراث. ولا أنكر أن بعضهم يحجم عن مثل تلك الأعمال، خصوصاً إذا كان ممن ينتمون إلى محبي الشهرة والعمليات الاستعراضية". ويطالب أبو الخير كتاب الدراما الدينية بالثبات ومقاومة"من يمكن تسميتهم بأعداء الفن والإبداع والدين". أما المؤلف بهاء الدين إبراهيم الذي قدم عدداً من المسلسلات الدينية، منها"أبو حنيفة النعمان"وپ"عصر الأئمة"وپ"ابن حزم"وپ"عقبة بن نافع"وپ"الشيخ الشعراوي"وپ"الإمام المراغي"وپ"الإمام الشافعي"، ولديه ثلاثة مسلسلات جاهزة للتصوير عن حياة"أسماء بنت أبي بكر"و"محمود خليل الحصري"وپ"معاوية بن أبي سفيان"فيقول:"أشعر أن هناك توجهاً لعدم إنتاج أعمال دينية سواء من الجهات المنتجة الحكومية متمثلة في قطاع الإنتاج وشركة"صوت القاهرة"ومدينة الإنتاج الإعلامي، وأيضاً جهات الإنتاج الخاصة. أتمنى أن أكون مخطئاً في تقديري لأن إغفال الأعمال الدينية أمر غير مقبول أو مستساغ لا جماهيرياً ولا منطقياً وعلمياً. وأشعر بأنها تحارب بطرق غير مباشرة وإلا لما عرضت في توقيت سيئ للغاية بعدما كانت تعرض في أوقات الذروة في شهر رمضان، وهذه مسائل أصبحت غير خافية على أحد خصوصاً خلال السنوات الثلاث الماضية". في السياق ذاته يتحدث المؤلف عايد الرباط الذي قدم عدداً كبيراً من الأعمال الدينية، منها"العشق الإلهي"وپ"الليث بن سعد"وپ"الحسن البصري"وپ"بن ماجة"وپ"الإمام النسائي"وپ"الإمام الترمذي"وپ"الإمام مسلم"وپ"الإمام البخاري". فهو، على رغم امتلاكه عدداً من المسلسلات الجاهزة للتصوير، منها"أهل الصفة"الذي يتناول مجموعة مقربة من الرسول صلى الله عليه وسلم ممن لازموه ونقلوا عنه معظم الأحاديث النبوية، إضافة الى مسلسل يتناول قصة حياة"أبو داود"أحد رواة الحديث النبوي الشريف، يعجز عن إخراجها الى الضوء. يقول:"بعضهم يتخيل أن اعتماد هذه النوعية من الأعمال تشدد فكري، علماً ان المسلسل الديني كان يُسوّق في شكل كبير سابقاً، وكان الإقبال عليه يفوق الإقبال على الدراما الاجتماعية. اليوم المنتجون يهربون من هذه النوعية من الأعمال ويتسابقون على إنتاج مسلسلات مسطحة وخالية المضامين. أما المسلسل الديني الوحيد الذي يعرض سنوياً فلا تتم مشاهدته للإصرار على عرضه في توقيت ميت ولا يراه احد". يذكر ان عشرات المسلسلات الدينية حققت نجاحاً كبيراً في السنوات الماضية، أبرزها أجزاء"لا اله إلا الله"وپ"محمد رسول الله"وپ"جاء الإسلام بالسلام"وپ"الوعد الحق"وپ"موسى بن نصير"وپ"أئمة الهدى"وپ"سيف اليقين"وپ"عمر بن عبد العزيز"وپ"هارون الرشيد"وپ"عمرو بن العاص"وپ"الطارق"...