غالبية الأخبار التلفزيونية التي تنشر حالياً في مصر، تدور حول مسلسلات، يتعلق النصيب الأكبر منها بدراما المشاهير في المجالات السياسية والدينية والاجتماعية والأدبية والفنية. وعلى رغم الحرب التي يعلنها بين الحين والآخر ورثة بعض هؤلاء إلا أن عدداً كبيراً من المؤلفين والمنتجين أعلن حالة العصيان المدني على هؤلاء الورثة. وهكذا، انتهى المخرج ممدوح مراد من توليف مسلسل"خليها على الله"الذي يتناول قصة حياة الأديب الراحل يحيى حقي عن نص صلاح معاطي الذي يعكف على كتابة مسلسل"ليالي الحكيم"الذي يتناول فيه قصة حياة توفيق الحكيم. كما بدأ المخرج وفيق وجدي تصوير مسلسل جديد لكمال أبو رية يتناول قصة حياة رائد التعليم في مصر علي مبارك. ويصوّر قريباً مسلسلاً يتناول قصة حياة الرئيس جمال عبدالناصر من تأليف يسري الجندي وإخراج باسل الخطيب، وآخر يتناول حياة الموسيقار بليغ حمدي عنوانه"مداح القمر"من إخراج مجدي احمد علي. وتجرى تحضيرات لمسلسلات أخرى تتناول حياة الموسيقار محمد عبدالوهاب وأسمهان ومحمد فوزي وفريد الأطرش وتحية كاريوكا ورشدي أباظة وإسماعيل ياسين وصلاح جاهين وبيرم التونسي وروز اليوسف ومي زيادة وطلعت حرب ومحمد علي باشا ومصطفى مشرفة والمثَّال محمود مختار والشيخ عبدالحليم محمود وآخرين. ويعتبر المؤلف محفوظ عبدالرحمن الذي قدم فيلمي"ناصر56"وپ"حليم"وپ"أم كلثوم"أن"ظاهرة دراما المشاهير تعود إلى سهولة تناولها، خصوصاً إذا توافرت المادة في الكتب عن هذه الشخصيات، ما يدفع بعضهم إلى تصور تقديم عمل مقبول وناجح جداً كما نجحت بعض هذه الأعمال على رغم أن هناك أعمالاً فشلت فشلاً ذريعاً. أضف الى ذلك أننا في مرحلة ليست فيها قدوة، فطرح أي شخصية إيجابية يلقى تعاوناً من بعض جهات الإنتاج". ويؤكد عبدالرحمن انه لا توجد في كل شخصية شهيرة مقومات الدراما التي تستفز، ويقول:"هناك أعمال أراها فاقدة للروح على رغم أنها تتناول شخصيات عظيمة غيرت المجتمع لأن المادة الدرامية الخاصة بها قليلة أو أن الكاتب لم ير هذه الجوانب فيها". وعن العوامل التي تجعله يختار شخصياته الشهيرة يجيب:"اختار الشخصية التي تمسك بخناقي فأقرأها وأتحاور معها وأشاهدها، وأحياناً أقلدها في مشيتها، واختار ألوانها وشكلها. وعندما أعيش الشخصية أتمنى أن أقدمها للمشاهد وأعرفها بالناس". ويضيف:"في فترة ما طلب مني مسلسل عن الإمام محمد عبده، وفي رأيي انه أعظم مفكر مصري على الإطلاق. لكنني لم أكتب العمل لأنه لم يدخل وجداني على رغم دخوله عقلي". أما المؤلف يسري الجندي الذي يعكف على كتابة مسلسل"جمال عبدالناصر"، وكان قدم مسلسلات"السيرة الهلالية" وپ"علي الزيبق"وپ"جحا المصري"وپ"الطارق"وپ"مصر الجديدة"عن حياة هدى شعراوي، فيرى ضرورة لمسلسلات السيرة الذاتية، ويقول:"على الجميع أن يفسحوا المجال لها، ويستعيدوا تجربة مسلسل"هدى شعراوي"الذي قدم تجربة جديدة في مجال الدراما التاريخية من حيث اعتمادها على الجانب الإنساني والدرامي، بحيث يبدو كعمل اجتماعي أكثر مما هو استغراق في أحداث التاريخ. أضف الى ذلك اننا عالجنا الشخصيات بقوتها وضعفها، ولم تظهر بصورة ملائكية، وهو ما انوي تقديمه في أعمالي المقبلة عن بعض الشخصيات الشهيرة". أما المؤلف محمد السيد عيد الذي قدم مسلسلي"الزيني بركات"وپ"قاسم أمين"، فيصور له مسلسل"علي مبارك"، كما يعكف على كتابة مسلسل يتناول قصة حياة عالم الذرة الدكتور مصطفى مشرفة. ويدافع عيد عن اتهام مؤلفي أعمال المشاهير بأنهم يستسهلون الكتابة في هذا المجال. فيقول:"هذا الكلام لا أصل له وكتبت المسلسل الاجتماعي، وكنت موفقاً فيه، وأنا اختار شخصية تعبر عن رأيي في الواقع الذي نعيشه. من هنا اخترت علي مبارك مثلاً لأتحدث عن دور الإنسان في تحديث مجتمعه وتنويره. أما"أبو حامد الغزالي"الذي كتبت عنه مسلسلاً جاهزاً للتصوير فعاش في فترة تقترب كثيراً من الفترة التي نحياها الآن، لذا اخترته لأعبر عن رأيي في الواقع العربي والإسلامي، خصوصاً أن اللجوء الى التراث يعطي حرية أكثر في التعبير والإسقاط على أحداث معاصرة نظراً الى الحساسية الشديدة من ناحية الرقابة". ويرى المؤلف محمد أبو العلا السلاموني الذي قدم عدداً من الأعمال التي تناولت بعض المشاهير كان آخرها عن صلاح الدين الأيوبي، أن اللجوء لهذا النوع من الدراما ليس"بدعة"، لكنه"أمر متبع منذ بداية الدراما، فالكتابة في هذا النوع غاية ليست سهلة لأنها تتناول شخصيات معروفة، إضافة الى ان الصعوبة تكمن في تقديم الشخصيات بأسلوب شيق يجذب المشاهد ويجعله يجلس ويتابع الحلقات، كما حدث مثلاً مع أم كلثوم وطه حسين والعقاد. والمهم كيفية معالجة هذه الشخصيات من خلال أحداث ورؤية فكرية وسياسية واجتماعية وثقافية وإنسانية وفلسفية". وعن اعتراض أقارب وورثة بعض المشاهير على تحويل حياتهم الى مسلسلات، يقول:"هذا الأمر يستلزم قانوناً يحدد العلاقة بين كاتب دراما السير الذاتية وأصحابها، لأننا لو تركنا المسألة للورثة فلن يستطيع أحد الكتابة. ومثل هذه الشخصيات عامة وليست ملكاً للأهل والورثة الذين يتحكمون بها من اجل الحصول على اكبر مقابل مادي ممكن ولا تهمهم الشخصية أو تاريخها أو أخلاقها".