بدأت المغنية ديانا كرازون عربية يصوت لها الجمهور المترامي الأطراف من الخليج الى المحيط فضلاً عن عرب المغتَرَبات، و "انتهت" أو في أقل الاحتمالات "عادت" مغنية أردنية. الملايين من المعجبين بصوتها قبل أربع سنوات فقط لا غير تراجعوا فأضحوا آلافاً على أبعد تقدير. والمقياس لهذا الحكم هو مدى نشاطها الفني العربي، خارج الأردن، ومستوى تصريف انتاج ألبوماتها الغنائية، والاثنان يعانيان ارتباكاً واضحاً يجعلهما أقرب الى الجمود منه الى الحركة والبَرَكة. هي معضلة كبرى تصدم كل خريجي"سوبر ستار"سواء الذين حازوا اللقب أو الذين حاموا حوله ولم يحوزوه. المصير نفسه يواجههم: شهرة فضفاضة واستثنائية خصوصاً في"الجزء الأول"من البرنامج قبل أن يصبح مألوفاً، فقد بدأوا رحلة الألف ميل الفنية بخطوة أكبر من الأحلام حتى، وفي الخطوة العملية الأولى"وقعوا"في التجربة. ظنوا ان الدنيا الفنية كلها أغان وجمهور يصفق وكاميرا تحت الطلب من دون أي تعب، فاذا بها دنيا صعبة معقدة محفوفة بالمخاطر وتجلب أحياناً اليأس! هكذا اعترف بعض نجوم البرنامج بعد سنتين فقط على احترافهم! تجب الإشارة بوضوح الى أن ديانا كرازون اشتغلت على خطين وحققت نجاحاً، لكن الخط الثالث الذي هو تقديم الأغاني خيّبها. الخط الأول في المضمون، أي صوتها فقد انتهبت الى ضرورة تمرين الصوت وتغذيته الفنية بدراسة أصول الغناء، فتمكنت من تحقيق إنجاز جدي هو انتقالها من خانة المغنية التي تجيد أداء عدد من الألوان الغنائية بصورة مَن يقلَد الأصل، الى خانة صناعة شخصية غنائية خاصة. وهذا مهم جداً. الخط الثاني في الشكل، فقد أدركت دياناً ان السمنة التي تملأ"صورتها"الإعلامية هي سبب سلبي لا يد لها فيه، يعطل حضورها في زمن باتت الرشاقة الجسدية مطلوبة أولاً، فمارست حمية قاسية، ونجحت في تكوين"صورة"جديدة. أما الخط الثالث والأساس والمفصلي الذي هو تقديم الأغاني فقد أصيبت ديانا فيه بالإحباط. ذلك ان غالبية الأغاني التي اختارتها من الألبوم الأول الى الثاني قصّرت عن خَلْق مكان لها بين النجوم. بعض الأغاني انتشر نسبياً، لكن أياً منه لم يحقق ما يسمونه في عالم المغنين"الأغنية الضاربة"، أي الأغنية التي يرددها الجمهور بقوة لا في بلد عربي واحد بعينه، بل في كل البلاد العربية أو غالبيتها، وهذا النوع من الأغاني موجود لكن ليس عند جميع النجوم، وكان يمكن دياناً كرازون ان تحصل عليه لولا النقص في الخبرة، وعدم معرفتها أي نوع من الأغاني ينبغي البدء به، فضلاً عن عدم وجود من يرعى الموهبة ويعصمها من"التوهان"المضني وراء السراب، أو ربما عدم تقبلها النصائح وهذا الأمر"مشترك"لدى أغلب نجوم برامج الهواة... للأسف! لم تكن دياناً كرازون تتوقع أو ترغب في أن تولد كبيرة ثم تصغر وتصغر الى حدود وطنها الأصلي بعدما كان وطنها على مستوى العالم العربي. لكن هذا ما حصل، فكيف يمكن العودة الى الولادة الكبيرة التي تحققت من"سوبر ستار"؟ أولاً: عبر شركة انتاج تؤمن بأن صوت ديانا كرازون قادر على التميز عن بقية النجوم لديها، وتالياً فإن المطلوب اهتمام خاص بها. ثانياً: عبر الأغنية. ببساطة عبر الأغنية. وتحديداً الأغنية التي تعكس فكرة غنائية جديدة. فمهما كان الانتاج كبيراً والإعلام أكبر وشكل المغني ومضمونه جيدين، فإن الأغنية التي يريد ان يقدم بها نفسه هي الأساس، وبفضلها اما يتم الخروج الى شمس الشهرة وهوائها النظيف، واما يتم الدخول في روتين مضجر. يضاف الى كل هذه العوامل، الانطباع الذي يجب أن تحرص دياناً على ترسيخ لدى الجمهور العربي عنها. لا يكفي ان تركز على الجمهور الأردني، أي الجمهور البلدي، فتكسبه أو تكسب غالبيته، بل عليها التركيز على كل جمهور في كل بلد عربي، وهذا لا يتم إلا عبر الإطلالات الإعلامية. فأكثر المقابلات التلفزيونية يُظهر دياناً فنانة قليلة المعرفة الفنية، أو أقله لا تجيد التعبير عن أفكارها. ومهما يكن صوت المغني أو المغنية جميلاً ومحبباً لدى الجمهور، فإن حديثه واسلوبه الكلامي قد يشكل جاذباً إيجابياً، أو قد يشكل نفوراً ضده. ديانا كرازون مبتلاة بالخيار الثاني. قيل في خلال مباريات"سوبر ستار"النهائية الحامية ان الأردن صوّت بكثافة عالية لمصلحة نجمته الغنائية العربية الجديدة. هل ما زالت ديانا كرازون في المنزلة نفسها عنده؟