"هل لا تزال تتابع المسلسلات المصرية؟"، سؤال حملناه إلى الجمهور السوري بعيداً من النقاد والآراء الفنية المعقدة. سؤال صار ملحاً بعدما أكدت الدراما السورية حضورها في سورية أولاً، ثم الدول المجاورة. كان لا بد من معرفة مصير الدراما المصرية في الخارج، خصوصاً في سورية التي نافستها بقوة في السنوات الأخيرة. أما الجواب فأتى صادقاً: لم يعد الجمهور السوري يُعنى بالدراما المصرية. لماذا؟ الأسباب تنوعت ولكنها انحصرت في أربع مسائل رئيسية: أولاً: لا تزال الدراما المصرية تنساق وراء النجم. فهو، إما ظاهر طوال حلقات المسلسل وإما يتم الحديث عنه في غيابه، وإما يشكل موضوع المضمون حتى لو كان قضية عامة. إذ لا يوجد في العمل التلفزيوني المصري فكرة رئيسية تعني المجموع. والدليل أن المسلسلات تسوق ويعلن عنها بصفتها مسلسل يحيى الفخراني أو يسرا أو نور الشريف أو حتى فيفي عبده، بل وصل الأمر الى إطلاق أسماء شخصيات النجوم عليها، في حين يأتي المسلسل السوري جامعاً أكثر من نجم، وجميعهم في خدمة فكرة رئيسية، إنسانية كانت أو اجتماعية أو سياسية أو تاريخية... فلكل ممثل، حتى وإن كان نجماً، شخصية ودور يلتزم بهما تحت سقف عمل كامل. فضلاً عن أن تواجد أكثر من نجم في العمل ذاته يمنحه بريقاً وجاذبية. ومن الأمثلة على ذلك هذا العام مسلسل"على حافة الهاوية"للمخرج المثني صبح، إذ شارك فيه نجوم مثل جمال سليمان وعباس النوري وسمر سامي وباسل الخياط ويارا صبري وكاريس بشار. ثانياً: الفنان المصري يخشى الصفات السيئة في الدور الذي يجسده كما لو أن عيوب الشخصية هي عيوبه الحقيقية. وفي المقابل لا يخجل الممثل السوري - حتى لو كان نجماً - من الخضوع لهذه العيوب... ثالثا، لا تزال الدراما المصرية تخضع في شكلها لأسلوب الثمانينات. فالصورة التلفزيونية لم يتم تحديثها، والتصوير لا يزال داخل استوديوات تكاد ديكوراتها تنطق وتخبرنا أنها مزيفة. وتأتي نظيرتها السورية على يد مجموعة من المخرجين الذين رفعوا من شأنها محطمين قواعد التصوير التلفزيوني ومتخذين في أعمالهم شكلاً أقرب للأفلام السينمائية في واقعية أماكن تصويرها. فكل مشهد يصور في مكانه الحقيقي. أخيراً، وعلى رغم أن مصر هي صاحبة الريادة عربياً إلا أنها في السنوات الماضية افتقدت عنصر التنوع الفني في أعمالها. فكل ما تقدمه هو مسلسلات اجتماعية فقط، في حين تأتي الدراما السورية كل عام بمسلسل اجتماعي وآخر رومانسي وثالث ملحمي وتاريخي ومسلسلات الأجزاء، وهذا ما يمنح المشاهد السوري وجبة متنوعة دسمة من الأعمال الدرامية التي يختار منها ما يشاء لمتابعته ولا يحتاج الى الالتفات الى دراما أخرى.