يعود منهكاً من عمله، ليستلقي على أريكة قريبة من المدفأة، فيغفو وهو يشاهد التلفاز بينما يفكر في تحضير طعام يسد جوعه. تخطفه الذاكرة إلى أيام المدرسة الثانوية، حين كان يختلس لحظات بعد الدوام ليتحدث مع حبيبته"بنت الجيران". يقول وائل:"لا أزال احتفظ بوشاح من الصوف حاكته لي كهدية شتوية". هذه الأيام لا يملك وائل 25 سنة وقتاً يمضيه في التفاصيل"الرومانسية"، وخارج ساعات العمل الطويلة، إن لم يكن يمضي وقته في المواصلات، فهو بالتأكيد نائم ويغط بپ"سبات شتوي"على حد تعبيره. أما بالنسبة الى حبيبته القديمة، فيتوقع وائل"أنها لم تعد تملك وقتاً لحياكة الصوف، لا له ولا لغيره". ويرى وائل أن واقعه يشبه حال الآلاف من الشباب اللاهث وراء تأمين مستلزمات الحياة الضرورية. ويوضح:"نعمل ليل نهار. وبالتالي لا وقت لنشاطات أخرى غير العمل والنوم". وتقتصر النشاطات الشتوية لوائل وأمثاله على الراحة والاسترخاء إن لم يصل الأمر إلى حد الخمول الذي يوصف بالسبات الشتوي. وعلى رغم أن التعبير الأخير، يستخدم على سبيل المزاح أو السخرية للإشارة إلى أن معظم التعب الناجم عن العمل يولّد حاجة إلى النوم تزداد في فصل الشتاء، فإنه يتوافق مع الرأي العلمي إلى حد ما. ويشير علم النفس إلى تأثير حالة الطقس في النشاط البشري، الذي قد يضعف لدى البعض في فصل الشتاء، على الأخص إذا تزامن ذلك مع شعور ذاتي بالكسل. في المقابل ثمة آراء تنفي أن يكون للطقس دور أساسي في قلة النشاطات الشتوية التي يمارسها الشباب في سورية، حيث يعزو كثيرون السبب إلى ندرة الأماكن المهيأة لاستيعاب"المواهب والطاقات"على حد تعبير كيندا 19 سنة التي سارعت إلى مركز للتسوق في أطراف دمشق حين سمعت في إعلانه الإذاعي أن فيه صالة للتزلج هي الأولى من نوعها في سورية. إلاّ أن توقعات الشابة خابت بعض الشيء لدى وصولها إلى الصالة، إذ بدت صالة صغيرة يلعب فيها الأطفال ولا مكان لرياضة حقيقية عليها. وتقول كيندا:"صدمتي كانت كبيرة لأنني اعتقدت بأنها صالة تزلج حقيقية، كالموجودة في البلدان الأخرى". وبالعودة إلى شباب يمضون أيامهم بين العمل والسبات الشتوي، لا يزال وائل يحلم بفصل شتاء يمنحه لحظات مسروقة من الزمن:"أمشي فيها مع حبيبتي تحت المطر، من دون أن أفكر بكلفة حذاء قد يتلفه المطر عينه، وكم ستعادل هذه الكلفة، من عدد ساعات عملي اليومي".