"بمذاق حب وارف، اصطفت عائلتي حول مدفئة الشتاء، وانفتحت بوابة العبور لما تخفي الصدور، بعدها فضلنا الخروج لاحتساء حليب الزنجبيل الساخن تحت سحب الود والفاء، وعلى حمرة الجمر، هوت ألسنة عائلتي بحكايات وقصص لطالما اندثرت طوال الفصول السابقة لهذا الضيف النبيل الموشح بالخير والعطاء، حينها شعرت بأنني أتوسد الأمان في ذلك القرب الذي لطالما اشتقت إليه".. بتلك العبارات انفجرت أم صالح وهي تصف حميمية عائلتها في فصل الشتاء، وعن كيفية استقبالها لهذا الفصل تقول: أنتظر قدوم هذا الفصل بفارغ الصبر، وأبدأ بتنظيف المدافئ، تمهيدا لإشعالها، واستخراج الأباريق الرومانية والبلغارية التي يطيب لعائلتي احتساء المشروبات الساخنة من خلالها، وعن شغفها بهذا الفصل استطردت قائلة: السر وراء شغفي بفصل الشتاء يكمن في الأجواء الخاصة التي تطوق جميع أفراد العائلة رغما عنهم، وأنا بدوري أنعم بذلك القرب، فضلا عن ممارسة بعض الأعمال والأنشطة المشتركة في هذا الفصل، ومن أهمها حفلات الشواء في فناء المنزل تحت زخات المطر، إلى جانب القصص المسلية والتي تختصر تلك الليالي الطويلة. سياحة شتوية وفي ظل توق كثير من الأسر للاستمتاع بأجواء الشتاء التي لا تتوفر في المملكة وخاصة أجواء تساقط الثلوج، تحرص كثير من الأسر على السفر إلى البلدان المجاورة التي تمتاز بتساقط كثيف للثلوج خلال فصل الشتاء، وذلك من أجل الاستمتاع بهذه الأجواء ومنح الأطفال فرصة مشاهدة الثلوج وهي تغطي سطوح المنازل والشوارع والساحات، والبياض يكسو كل شيء من حولهم. طقوس وتحضيرات وفي مخيلة خلف الفلاح والملقب بأبي سعد تسكن طقوس هذا الفصل التي بدأت تأخذ أبعادا مختلفة مع تطور الحياة، حيث يقول: بتنا نستعد لاستقبال الشتاء الذي يباغتنا في بعض أيامه بتساقط خفيف للثلوج التي سرعان ما تزول والتي تمنح أفراد الأسرة وخاصة الأطفال كثيرا من أجواء المرح، والاستعدادات تتمثل بالتزود بالمحروقات وصيانة المدافئ في حال احتاجت لذلك، عدا عن كثير من التحضيرات داخل البيت، والتي تقوم بها أم سعد، سواء فيما يخص باستخراج ملبوسات الشتاء ومن أهمها: (الفروة، المشمعات، الخيمة العائلية)، والتي نحتاجها في حال خططنا لرحلة برية. وتابع أبو سعد واصفا حالته وهو يستعد لاستقبال الفصل الذي يحب: ابدأ بتفقد المنزل قبل حلول فصل الشتاء، وقبل دخول أيام هذا الضيف الخير، تجنبا للمفاجآت والتي لم أسلم منها خلال الشتاء الماضي، خاصة فيما يتعلق بصيانة الكهرباء التي قد تتأثر من أي هزة ريح قادمة، كما لا يخلو الأمر من عمل بعض الترميمات لسطح المنزل حتى نقي أنفسنا خطر تسرب مياه الأمطار. فصل النظافة والدفء وبررت رفعة الفرحان حبها الكبير لفصل الشتاء المختلف عن الفصول الأخرى حيث تقول: فصل الشتاء بالنسبة لي هو فصل النظافة والدفء، فأنا لست كغيري ممن يهوون حفلات الشواء في فصل الشتاء، ولكن حبي لفصل الشتاء يكمن في كوني أستطيع السيطرة على نظافة المنزل نظرا لإمكانية إغلاق الشبابيك وإبقاء البيت نظيفا على عكس الصيف الذي يبقى البيت معرضا للغبار طوال الوقت. فصل الأناقة وتعزو الطالبة الجامعية سمية الخالدي حبها لفصل الشتاء كونه فصل الأناقة والملابس الفخمة والجميلة حيث تقول: حبي للمعاطف المصنوعة من الفراء جعلت هذا الفصل مميزا لدي ولطالما عمدت إلى شرائها من أحد المولات الفاخرة في بلد مجاور. وعلى خلاف سابقتها فها هي عيدة الغالب تتحدث بخجل عن رغبتها في هذا الفصل وعللت السبب في ذلك كونها تخشى على صغيرتها غادة من نزلات البرد التي لطالما عانت منها إثر تعرضها لأي تيار بارد أثناء خروجها من المنزل. من جانبها أكدت ل"الوطن" اختصاصية التربية الأسرية مسفرة الغامدي أن استعدادات الناس في فصل الشتاء تحمل جانبا نفسيا، إضافة لأبعادها الحميمة التي تسهم وإلى حد كبير في تمتين العلاقات الأسرية. كما نوهت الغامدي إلى ضرورة السرعة في الاستعداد لفصل الشتاء، وأخذ ما يلزم من الحيطة والحذر ووضع الخطط الشاملة والدقيقة التي تجنب الأسر الوقوع في مطبات هذا الفصل ولعل من أهمها ما نشهده من حوادث غرق في السيول أثناء الرحلات البرية، وكذلك بعض الأمراض التي قد يحتضنها هذا الفصل. وتابعت الغامدي قائلة: من شأن تلك الاحتياطات أن تجعلنا ننعم بفصل شتوي ساحر بعيدا عن أجواء الألم والمشاكل والحوادث التي تكثر في هذه الفترة، وخصوصا الحوادث المنزلية؛ وفي مقدمتها حوادث الحروق والاختناق الناجمة عن عبث الأطفال أو الاستخدام الخاطئ لوسائل التدفئة المتعددة في المنازل.