اليوم قبل الأخير للعام 2007 ولا فرق كبيرًا بينه وبين اليوم قبل الأخير من السنة الماضية، هي الملفات نفسها بقيت مفتوحة ولم تغلق بعد، والأوضاع العربية تزداد سوءاً? ولا تدعو لاستقبال السنة الجديدة بتفاؤل? ولا يعد تشاؤماً القول بأن الحال مرشح لمزيد من التدهور في الأوضاع العربية في السنة التي ستبدأ بعد غد، بل هي مجرد قراءة لواقع، فالمؤكد أن تلك الملفات ستزيد ثقلاً حيث سيضاف لها الجديد من المعضلات والأزمات وربما الكوارث? لم يبدد مؤتمر"أنابوليس"والوعد الأميركي بإعلان الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام 2008 الشعور السائد بأن ذلك الوعد لن يتحقق على أرض الواقع وأن الأمر مجرد كلام حتى وإن كان الرئيس الأميركي بوش وإدارته مقتنعون بغير ذلك، والأيام التي سبقت المؤتمر وما جرى فيها والأحداث على الساحة الفلسطينية وانشغال الدول العربية بملفات داخلية قد تهدد انظمتها وشعوبها في آن، كل ذلك رسخ القناعة بأن وسائل الإعلام التي ترصد عادة أحداث كل سنة ستسجل في نهاية العام المقبل أن الملف الفلسطيني لم يغلق وأن إدارة أميركية جديدة تستعد في العام التالي لبحثه وإعداد الوعود اللازمة له? ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لباقي الملفات العربية، والتي يكاد الأمر يتطابق فيها، فالمعطيات على الأرض في العراق لا تشير إلى قرب انسحاب القوات الأميركية على رغم الوعد الأميركي أيضاً، والحال في جنوب السودان ودارفور ربما هدأ بفعل بعض المسكنات لكنه مرشح في العام المقبل للانفجار مجدداً، لأن أسباب تفجره ما زالت تتفاعل، والأوضاع في الصومال لا تبشر بخير، والقمة العربية المقررة في آذار مارس المقبل في دمشق لن تختلف عن كل القمم السابقة وليس من المتصور أن تضع الحلول لكل المعظلات العربية ولا أن تدشن مرحلة جديدة يكون العرب فيها طرفًا في حل مشاكلهم التي صارت تبحث على طاولات المنظمات الدولية والقوى الكبرى? يترك العام 2007 العرب والنزاع العربي الفلسطيني - الإسرائيلي يتحول إلى صراع بين حركتين داخل الساحة الفلسطينية، ويحل العام الجديد ولبنان بلا رئيس والعرب أمة بلا تأثير، وفي أكثر من بلد عربي تسرطنت الاستقطابات والخلافات وانتشرت وتشعبت وتوغلت لتأكل جسد لبنان وفلسطين والعراق والسودان والصومال وانحصرت آمال الشعوب في ألا يمتد خطر سرطان الخلافات العربية الداخلية ليأكل بلداً آخر. يحل العام الجديد وغالبية الدول العربية الأخرى تعاني معضلات من أنواع مختلفة ما بين تدنٍ في مستوى المعيسة وتدهور للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وبين صراعات تفجرت بين النخب السياسية والدينية وصولاً إلى استنزاف للجهد والمال في قضايا لم تعد على سلم الأولويات في دول العالم المتقدم، وما بين خلافات الأنظمة العربية لبعضها البعض، وصراعات القوى والحركات العربية داخل القطر العربي الواحد، والمواجهات بين بعض أنظمة الحكم وقوى المعارضة السياسية يغوص العالم العربي في بحر من المعضلات التي لا تجعل العام 2008 مختلفاً، بل إن طموح البعض يكاد لا يتجاوز الدعاء بأن يبقى الحال على ما هو عليه طالما أحوال العرب في العقود الأخيرة تشير إلى أن اليوم أفضل من غد، وغداً أفضل من بعد غد، وأن العام الجاري أحسن بكثير من العام المقبل?