اتهمت الحكومة الباكستانية تنظيم "القاعدة" باغتيال الزعيمة المعارضة بينظير بوتو، في ظل تصاعد الجدل حول تقصيرها في حماية رئيسة الوزراء السابقة التي توفيت عن 54 عاما. جاء ذلك في وقت شارك مئات الآلاف من المشيعين الغاضبين في جنازة بوتو في مسقط رأسها في لاركانا اقليم السند، فيما شهدت البلاد أعمال عنف أسفرت عن سقوط عشرات القتلى. وأعربت عواصم عدة عن قلقها من انعكاس الجريمة سلباً على التوازن في منطقة آسيا بكاملها، فيما اكدت وزارة الدفاع الأميركية بنتاغون ان الترسانة النووية الباكستانية في أمان. وتخوفت وزارة الداخلية الباكستانية من مزيد من الاغتيالات، مشيرة الى ان رئيس الوزراء السابق نواز شريف وسياسيين آخرين مهددون أيضاً. راجع ص 8 وتحوّلت أنظار العالم نحو لاركانا حيث شارك زوج الزعيمة الراحلة ونجلها وابنتيها وأقاربها في الجنازة المهيبة، فيما شق النعش طريقه الى المقبرة بصعوبة، وسط بكاء ونحيب الحشود وهتافات مناهضة للرئيس برويز مشرف والولايات المتحدة. وتدخل رجال الأمن في مناطق عدة في اقليم السند لوقف أعمال عنف نفذها متظاهرون غاضبون من أنصار بوتو. وسجل سقوط 24 قتيلاً في اقليم السند وحده، فيما شهدت مناطق أخرى مثل بيشاور ولاهور أعمال عنف أسفرت عن مزيد من الضحايا بين قتيل وجريح. ورفضت باكستان دعوات خارجية الى تحقيق دولي في الجريمة، فيما بدأ محققون تجميع أجزاء متناثرة من رأس الانتحاري الذي هاجم بوتو، في محاولة للتعرف الى هويته. وقال الناطق باسم الداخلية الباكستانية العميد جويد شيما ان بلاده"تملك خبرات أمنية كافية"تغنيها عن الاستعانة بمحققين دوليين. وكشف شيما ان الاجهزة الباكستانية رصدت مكالمة هاتفية صباح امس، أجراها مجهول بالزعيم القبلي في اقليم وزيرستان بيعة الله محسود"لتهنئته بالخلاص من عدوة الاسلام". واعتبر الناطق باسم الداخلية ان في ذلك دليل على ان"القاعدة"وراء العملية. واتهم شيما محسود بأنه يقف وراء المحاولة السابقة لاغتيال بوتو لدى عودتها الى كراتشي من المنفى في 18 تشرين الاول اكتوبر الماضي. ونقل الناطق عن مسؤولين كباراً في حزب الشعب الذي كانت تتزعمه بوتو، من بينهم رحمن مالك مستشارها للشؤون الأمنية، ان الحكومة لم تقصر أمنياً في حمايتها. وجاء ذلك رداً على تقارير أشارت الى شكوى ساقتها بوتو من عدم اتخاذ السلطات اجراءات كافية لحمايتها. وعرضت الداخلية الباكستانية شريط فيديو لبوتو لدى تعرضها للاعتداء، مشيرة الى ان الزعيمة المعارضة توفيت نتيجة ارتطام مؤخرة رأسها بسقف السيارة التي كانت تستقلها، لدى محاولتها تفادي رصاص أطلقه الانتحاري نحوها. واكدت الوزارة ان لا اثر لطلق ناري في جثة بوتو. لكن احد اقرب معاوني بنازير بوتو اعتبر ان الرواية التي قدمتها الحكومة الباكستانية عن موت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة ليست سوى"مجموعة من الاكاذيب". ووريت بوتو الثرى الى جوار والدها ذو الفقار علي بوتو الذي أعدم شنقاً العام 1979، كما دفن في المقبرة ذاتها شقيقاها مرتضى وشاه نواز اللذان توفيا في ظروف غامضة. وانتحب عشرات الآلاف من المشيعيين وضربوا رؤوسهم فيما تحرك موكب التشييع الى مقبرة العائلة. وبدا الأسى على زوجها آصف علي زرداري وهو يصطحب الكفن الذي غطي بشعار حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه بوتو الى المقبرة في قرية جارهي خودا بخش. وصلى زرداري في المقبرة مع نجله بلوال 19 عاما وابنتيه بختاوار 17 عاما واصفة 14 عاما. وردد كثير من المشيعين شعارات معادية للرئيس الباكستاني برويز مشرف والولايات المتحدة. وهتفوا"العار على مشرف القاتل والعار على أميركا القاتلة". وأثار مقتل بوتو شكوكاً في استحالة إجراء الانتخابات المقررة في 8 كانون الثاني يناير المقبل، والتي كانت تهدف الى اعادة الديموقراطية الى البلاد.