لمعت الممثلة الأسترالية ابي كورنيش في عام 2004بفضل دورها الجميل والصعب في فيلم "سومرسولت" من إخراج كيت شورتلاند، حيث أدت شخصية مراهقة تهرب من بيت أمها الأرملة بعد ارتكابها غلطة كبيرة في حقها. وقبل"سومرسولت"ظهرت كورنيش في"قناع القرد"و"يوم مثالي"و"أكثر من أحمر"إضافة إلى مسلسلات تلفزيونية مثلت فيها وهي بعد مراهقة. وآخر أفلام كورنيش عنوانه"إليزابيث: العصر الذهبي"من إخراج الهندي المقيم في لندن شيكار كابور وبطولة كيت بلانشيت وكلايف أوين، وفيه تؤدي كورنيش دور فتاة ترعاها إليزابيث ملكة إنكلترا التي تؤدي دورها بلانشيت، في القرن السادس عشر، لكنها تقع في غرام الرجل نفسه الذي تعشقه الملكة سراً، الأمر الذي يتسبب في نشوب مشاكل في البلاط الملكي. وفي كل المناسبات التي تحضرها كورنيش تتم مقارنتها بالنجمة نيكول كيدمان لأنها أولاً أسترالية مثلها ثم لأنها جميلة وناعمة مثلها. لمناسبة تقديم فيلم كورنيش الجديد"إليزابيث: العصر الذهبي"دار بين"الحياة"وبينها هذا الحوار. أنت تشاركين النجمة كيت بلانشيت بطولة فيلم"إليزابيث: العصر الذهبي"، فماذا تقولين عنها وعن هذا الفيلم؟ - عشت بفضل"إليزابيث: العصر الذهبي"، أحلى تجربة مهنية في حياتي حتى الآن، فعلى رغم كوني لا أمثل الدور الأول في الفيلم الذي هو دور الملكة إليزابيث، إلا انني أظهر في العدد الأكبر من اللقطات وبصحبة بطل القصة، خصوصاً أنه يتزوج من شخصيتي أنا في النهاية وليس من الملكة. وأشكر كيت بلانشيت وأحييها كونها لم تعترض على أن تأتي ممثلة شابة وناشئة مثلي لتخطف منها الأضواء فوق الشاشة، لكنها من أقدر الممثلات في العالم حالياً الأمر الذي يجعلها واثقة تماماً من قدراتها ولا تحتاج إلى سحق الأخريات كي تحتفظ بنجوميتها وبريقها. والفيلم عبارة عن سرد لصفحة من التاريخ البريطاني، بكثير من الواقعية ولكن أيضاً برومانسية وإخراج هائل، خصوصاً في المشاهد التي تصور الحروب البحرية بين إنكلترا وأسبانيا. دورك في فيلم"سومرسولت"الذي أطلقك في سماء السينما في عام 2004 تميز بصعوبة واضحة بسبب ما تعيشه الشخصية من تقلبات في حياتها، فكيف قمت بمواجهته؟ - تدربت مع مخرجة الفيلم طوال أسابيع قبل بدء التصوير، والطريف أن كيت المخرجة حثتني على فعل أشياء لا علاقة لها بالفيلم أو بدوري فيه، بمعنى انني بقيت ساعات طويلة أتكلم معها وأسرد لها ذكريات طفولتي مثلاً وأشياء ثانية تخص عائلتي وزميلاتي في المدرسة، وكأنني في جلسة لدى محللة نفسية. وأصرت كيت من ناحية ثانية على خضوعي لتدريبات رياضية يومية مع مدربة محترفة، وتصرفت شخصياً مثل التلميذة المطيعة وفعلت كل ما كان مطلوباً مني من دون أي اعتراض أو تعليق مانحة ثقتي الكلية للمخرجة على رغم صغر سنها إلى حد ما وبالتالي قلة خبرتها السينمائية. كم كان عمرها حينذاك؟ - أعتقد بأنها لم تكن قد بلغت الخامسة والعشرين بعد، فهي كانت متخرجة حديثاً من معهد السينما ولم تنفذ سوى ثلاثة أفلام قصيرة قبل"سومرسولت"وكلها أعمال ممتازة حازت على جوائز أينما عرضت. وهل اتضحت لك في ما بعد فائدة كل هذه التدريبات؟ نعم وفي شكل لا أزال اندهش أمامه، فقد وجدت نفسي أستعين في كل مشهد مطلوب مني تمثيله تقريباً بشيء أو أكثر من الذكريات التي سردتها في خلال جلساتي مع كيت وكأن البوح بحكايات حقيقية تخصني أو تتعلق بصديقاتي أو بعائلتي غذتني عقلياً وروحياً وجعلتني أقوى وأكثر صدقاً أمام الكاميرا أما التدريبات الرياضية فرفعت بلا شك من مستوى قدراتي الجسمانية من أجل مواجهة دور فتاة تتشاجر مع الغير وتبدي بطريقة مستمرة إستعداداً للتهجم على الأخر وكأنها تتخذ العنف وسيلة للتخلص من ثورتها الداخلية ضد المجتمع الذي يظلمها في رأيها. حالة استثنائية أنت راضية عن تجربتك مع هذه المخرجة إذاً؟ - إنني أكثر من راضية ووجدت فيها الصفات نفسها المتوافرة عموماً في كبار محترفي الإخراج. إنني فخورة بكوني عملت تحت إشراف مخرجة ترفع رأس المرأة في ميدان العمل السينمائي، خصوصاً أن الإعلام كثيراً ما يحبط من شأن السينما النسائية مدعياً أن المرأة المخرجة غير قادرة على تنفيذ أفلام تنافس تلك التي يصنعها الرجال. من أين تأتين بهذا التصريح، خصوصاً بعدما دخلت المخرجة السينمائية جين كامبيون الأسترالية مثلك ومثل كيت شورتلاند، دنيا عمالقة الإخراج بفضل فيلميها"البيانو"و"في الجرح"؟ - أرجو ألا تسيء فهمي فأنا أعرف ما تفعله جين كامبيون وحلمي هو العمل تحت إدارتها، لكنها تظل حالة إستثنائية مثل حفنة من زميلاتها المخرجات في العالم، بينما يسيطر الرجل على هذه المهنة منذ عشرات السنوات ما يجعل من الطبيعي بالنسبة الى الجميع أن يتميز الفيلم الرجالي بمواصفات قديرة، على عكس المرأة التي لا بد لها من أن تثبت قدراتها بمجهود مضاعف من أجل أن تحصد بعض التقدير. كيف بدأت احتراف التمثيل؟ - مثلت للمرة الأولى وأنا في الخامسة عشرة من عمري بعدما قرأت أمي في الجريدة خبر قيام شركة تلفزيونية منتجة بالبحث عن مراهقة لأداء دور فتاة مصابة بعاهة جسمانية كبيرة، فسجلتْ اسمي وأرسلت صورتي إلى الشركة أياها من دون أن تخبرني بالأمر. وفوجئت ذات يوم بدعوتي إلى المدينة لإجراء الاختبار على هذا الدور أمام الكاميرا. لقد تصرفت أمي بأسلوب غريب فهي لو كانت روت لي الحكاية لكنت بدأت أستعد للتمثيل، لكنني بطريقتها هذه وصلت إلى الأستوديو جاهلة تماماً أمور الفن الدرامي وبالتالي تصرفت بأسلوب عفوي وحصلت على الدور من دون أن أعرف ما الذي دفع أصحاب الشأن إلى إختياري خصوصاً أن المتقدمات الأخريات كن قد جربن التمثيل التلفزيوني أو السينمائي من قبل. ولا تزال أمي فخورة بما فعلته حتى الآن إذ تنظر إلى نفسها على أنها خبيرة في الأمور النفسية. وكيف فتح لك هذا الدور الكبير الأول باب العمل الفني في ما بعد؟ - لقد تسلمت الكثير من العروض في شكل سريع في ما بعد، فكانت أمي تقرأ السيناريوهات وتختار لي ما كانت تراه يناسبني، وهكذا ظهرت في حلقات تلفزيونية كثيرة واشتهرت إلى حد ما قبل أن تدخل السينما إلى حياتي بعروض مختلفة عما اعتدت تمثيله فوق الشاشة الصغيرة. وهل تدخلت أمك في إختيار أدوارك السينمائية أيضاً؟ - حاولت ذلك طبعاً لكنني كنت قد بلغت الثامنة عشرة ولم أعد في حاجة إلى موافقتها حتى أوقع العقود فرحت أختار بنفسي ما أراه الأنسب، الأمر الذي لم يمنعني من أن أطلعها على النصوص التي كانت تصلني ولو احتراماً لها على الأقل في بداية الأمر، لكنني بعد ذلك تصرفت وحدي وأفهمتها انني لست في حاجة إلى نصائحها حتى أقبل أو أرفض أي عمل. ما الذي دفعك إلى التصرف هكذا؟ - طريقتها في المعاملة واقتناعها المستمر بضرورة التدخل في حياتي المهنية، فأنا لو كنت قد أطلعتها على سيناريو"سومرسولت"مثلاً لكانت رفضت كلياً مشاركتي في الفيلم بحجة أن البطلة ليست مراهقة مثالية وأنها تتصرف بأسلوب غير لائق أخلاقياً، فمن الواضح أن أمي تخلط بين الخيال الفني والواقع، وأنا لا أقدر على رفض كل الشخصيات التي لا تتصرف حسب مزاج والدتي. هل تقيمين مع عائلتك؟ - لا فهذا ليس في إطار الممكن لأنني أقيم الآن في لندن بسبب عملي بينما تسكن عائلتي مزرعة كبيرة في الريف الأسترالي، علماً أنني كبرت هناك في وسط الدجاج والحيوانات المختلفة. وهل تزورين العائلة بطريقة دورية؟ - أجل فأنا أعود إلى أستراليا كلما إستطعت وحسب جدول أعمالي. الضوء الأخضر تحب بطلة فيلم"سومرسولت"الخروج إلى الأماكن العامة والرقص وسماع الموسيقى الصاخبة فهل أنت تشبهينها من هذه الناحية؟ - أنا لا أشبهها إطلاقاً مما لا يعني إنني لا أحب الموسيقى والرقص والخروج إلى الأماكن العامة، لكنني لا أتصرف مثلها فهي تشرب وتتعاطى المخدرات وتمارس الحب ولذا قلت لك لو قرأت أمي السيناريو لما كانت أعطتني الضوء الأخضر للمشاركة في الفيلم. أنا أميل إلى الرقص على الأنغام البرازيلية القديمة وعلى موسيقى الهيب هوب القديمة أيضاً، فكل ما هو حديث، على عكس بطلة الفيلم، لا يثير مخيلتي ولا يهز مشاعري. ما رأيك في المقارنة بينك وبين نيكول كيدمان؟ - إنها مقارنة سخيفة مبررها الوحيد كوني أسترالية مثل كيدمان، وأنا إن كنت أحبها كممثلة وأقدرها كامرأة ذكية تعرف ما تريده، لا أعتبر نفسي أشبهها أو أقدر على تولي خلافتها الفنية بأي حال من الأحوال، لكن الإعلام في حاجة مستمرة إلى إجراء المقارنات وإلا عجز عن تصنيف فنانة جديدة مثلي.