لمعت الممثلة الأسترالية أبي كورنيش (28 سنة) عام 2004 بفضل دورها الجميل والصعب في فيلم «سومرسولت» من إخراج كيت شورتلاند، وقبله ظهرت في «قناع القرد» و «يوم مثالي» و «أكثر من أحمر»... إضافة إلى مسلسلات تلفزيونية مثّلت فيها وهي بعد مراهقة. وبعد ذلك مثلت أحد الأدوار الرئيسة في فيلم «إليزابيث: العصر الذهبي» من إخراج الهندي المقيم في لندن شيكار كابور إلى جوار كيت بلانشيت وكلايف أوين ثم «النجم الساطع» للسينمائية الأسترالية جين كامبيون والحائز تقدير مهرجان «كان» في عام 2009، و «ساكر بانش» المنتمي إلى نوع المغامرات المستقبلية. غالباً ما تقارن أبي كورنيش بالنجمة نيكول كيدمان، أولاً لأنها أسترالية مثلها، ثم لأنها جميلة مثلها أيضاً. لمناسبة عرض أحدث أفلام كورنيش «بلا حدود» أمام الإعلام الدولي في باريس، التقت «الحياة» النجمة الأسترالية وحادثتها. حدثينا عن فيلمك الجديد «بلا حدود»؟ - يروي الفيلم حكاية رجل يكتشف وسيلة لزيادة حدة ذكائه وقدرته على استخدام طاقته الجسدية من خلال تركيبة كيماوية خاصة. وهو بالتالي يتفوق في عمله كما تزيد جاذبيته في نظر خطيبته، ولكن المشكلة تكمن في وجود شخص يشكك في الموضوع ويسعى إلى العثور على تفاصيل التركيبة مهما كان الثمن. وهنا تبدأ المطاردة بين الطرفين، علماً أن مفعول التركيبة يسمح لمكتشفها بالفرار من غريمه وباستباق الحدث في كل الحالات إلى أن يصاب جسمه بأضرار وكأنه يتقدم في العمر في شكل سريع فوق العادة. والفيلم من نوع المغامرات المثيرة وأمثّل فيه دور الخطيبة التي تعشق هذا التغيير في شخصية حبيبها، إلى أن تلاحظ المساوئ المترتبة عليه فتقرر الابتعاد عن المشاكل ولكنها تعود ثانية مفضلة تقديم المساعدة لخطيبها حتى يتخلص من البلاء الذي وضع نفسه فيه. يعتبر فيلم «النجم الساطع» للمخرجة جين كامبيون من أجمل أعمالك فوق الشاشة وأنجحها حتى الآن، فما قولك في شأنه؟ - الفيلم مستوحى من كتابات الشاعر كيتس الذي كان يسبق زمنه بحكايات جريئة ملائمة لعصرنا هذا أكثر مما كانت تناسب العصر الذي عاش فيه، أي القرن التاسع عشر. ويحكي السيناريو العلاقات العاطفية الجنونية والمستحيلة التي تعيشها فتاة تنتمي إلى عائلة متزمتة مع شاب يكتب الشعر. وعرفت المخرجة جين كامبيون كيف تترجم الأحاسيس ببراعة هائلة، ربما لأنها إمرأة، والفيلم في رأيي مخلص لما كتبه كيتس، لكنه يتصف بنبرة إضافية معاصرة تمنحه جاذبية خاصة لا بد من أن تثير الإعجاب. أنت راضية إذاً عن تجربتك تحت إدارة جين كامبيون؟ - أكثر من راضية... فأنا فخورة بكوني عملت بإشراف مخرجة ترفع رأس المرأة في العمل السينمائي، خصوصاً ان الإعلام كثيراً ما يحط من شأن السينما النسائية مدعياً أن المرأة المخرجة غير قادرة على تنفيذ أفلام تنافس تلك التي يصنعها الرجال. شاركتِ النجمة كيت بلانشيت بطولة فيلم «إليزابيث: العصر الذهبي»، فكيف عشت هذه التجربة؟ - عشت بفضل «إليزابيث: العصر الذهبي» تجربة مهنية شيقة إلى أبعد حد، فعلى رغم كوني لم أمثّل الدور الأول في الفيلم الذي هو دور الملكة إليزابيث، إلا انني ظهرت في العدد الأكبر من اللقطات وفي صحبة بطل القصة، خصوصاً أنه يتزوج شخصيتي أنا في النهاية وليس الملكة. وأشكر كيت بلانشيت وأحييها لأنها لم تعترض على أن تأتي ممثلة شابة وناشئة مثلي لتخطف منها الأضواء فوق الشاشة، فهي من أقدر الممثلات في العالم حالياً، الأمر الذي يجعلها واثقة تماماً من قدراتها ولا تحتاج إلى سحق الأخريات كي تحتفظ بنجوميتها وبريقها. والفيلم عبارة عن سرد لصفحة من التاريخ البريطاني، بكثير من الواقعية ولكن أيضاً الرومانسية وبإخراج هائل، خصوصاً في المشاهد التي تصور الحروب البحرية بين إنكلترا وإسبانيا. محللة نفسانية دورك في فيلم «سومرسولت» الذي أطلقك في سماء السينما في عام 2004 تميز بصعوبة واضحة، فكيف واجهت ذلك؟ - تدربت مع مخرجة الفيلم طوال أسابيع قبل بدء التصوير، والطريف أنها حضّتني على عمل أشياء لا علاقة لها بالفيلم أو بدوري فيه، بمعنى أنني بقيت ساعات طويلة أتكلم معها وأسرد لها ذكريات طفولتي مثلاً وأشياء ثانية تخص عائلتي وزميلاتي في المدرسة وصديقاتي الحاليات، وكأنني في جلسة عند محللة نفسانية. وأصرت المخرجة من ناحية ثانية على خضوعي لتدريبات رياضية يومية مع مدربة محترفة، وتصرفت شخصياً مثل التلميذة المطيعة وفعلت كل ما كان مطلوباً مني من دون أي اعتراض أو تعليق، مانحة ثقتي الكلية للمخرجة على رغم سنّها الصغيرة إلى حد ما وبالتالي قلة خبرتها السينمائية. كم كان عمرها حينذاك؟ - أعتقد أنها لم تكن قد بلغت ال 25 سنة بعد، فهي كانت متخرجة حديثاً في معهد السينما ولم تنفذ سوى ثلاثة أفلام قصيرة قبل «سومرسولت»، وكلها أعمال ممتازة نالت جوائز أينما عرضت. وهل اتضحت لك في ما بعد فائدة كل هذه التدريبات؟ - نعم وفي شكل لا يزال يثير تعجبي، فقد وجدت نفسي أستعين في كل مشهد مطلوب مني تمثيله تقريباً بشيء أو أكثر من الذكريات التي سردتها في خلال الجلسات وكأن البوح بحكايات حقيقية تخصني أو تمس صديقاتي أو عائلتي هو شيء غذاني عقلياً وروحياً وجعلني أقوى أمام الكاميرا وأصبح أكثر صدقاً. أما عن التدريبات الرياضية فهي رفعت بلا شك من مستوى قدراتي الجسمانية من أجل مواجهة دور فتاة تتشاجر مع الغير وتبدي بطريقة مستمرة استعداداً للتهجم على الآخر وكأنها تتخذ العنف وسيلة للتخلص من ثورتها الداخلية ضد المجتمع الذي يظلمها في رأيها. كيف بدأت احتراف التمثيل؟ - مثلت للمرة الأولى وأنا في الخامسة عشرة من عمري بعدما قرأت أمي في الجريدة خبراً حول شركة تلفزيونية منتجة تبحث عن مراهقة لأداء دور فتاة مصابة بعاهة جسدية كبيرة، فسجلت اسمي وأرسلت صورتي إلى الشركة إياها من دون أن تخبرني بالأمر. وفوجئنا بعد فترة بمكالمة هاتفية من مسؤول في شركة الإنتاج يطلب مني الحضور لإجراء الاختبار على هذا الدور أمام الكاميرا. لقد تصرفت أمي بأسلوب غريب، فهي لو كانت روت لي الحكاية لكنت بدأت أستعد للتمثيل، لكنني بطريقتها هذه وصلت إلى الاستوديو جاهلة تماماً في أمور الفن الدرامي وبالتالي تصرفت بأسلوب عفوي وحصلت على الدور من دون أن أعرف ما الذي دفع أصحاب الشأن إلى اختياري، خصوصاً أن المرشحات الأخريات جرّبن التمثيل التلفزيوني أو السينمائي من قبل. ولا تزال أمي فخورة بما فعلته حتى الآن إذ تعتبر نفسها خبيرة في الأمور النفسية. وكيف فتح لك هذا الدور الكبير الأول باب العمل الفني في ما بعد؟ - لقد تسلمت الكثير من العروض في شكل سريع في ما بعد، فكانت أمي تقرأ السيناريوات وتختار لي ما كانت تراه يناسبني، وهكذا ظهرت في حلقات تلفزيونية كثيرة واشتهرت إلى حد ما قبل أن تدخل السينما إلى حياتي من طريق عروض مختلفة كلياً عما كنت قد اعتدت تمثيله فوق الشاشة الصغيرة. وهل تدخلت أمك في اختيار أدوراك السينمائية أيضاً؟ - حاولت ذلك طبعاً، لكنني كنت قد بلغت الثامنة عشرة ولم أعد في حاجة إلى موافقتها حتى أوقّع العقود، فرحت أختار بنفسي ما أجده الأنسب مما لم يمنعني من أن أطلعها على النصوص التي كانت تصلني ولو ذوقياً وعلى الأقل في بداية الأمر، لكنني بعد ذلك تصرفت وحدي وأفهمتها أنني لست في حاجة إلى نصائحها حتى أقبل أي عمل أو أرفضه. هل لك إخوة وأخوات؟ - نعم لدي ثلاثة إخوة وأخت واحدة وأنا قريبة جداً منها وأحبها بطريقة جنونية، فهي في السابعة عشرة من عمرها وتتخذني مثالاً في كل تصرفاتها، وأمنيتي الشخصية هي أن أكون على مستوى هذه المسؤولية. هل تقيمين مع عائلتك؟ - لا، فهذا ليس في إطار الممكن، لأنني أقيم الآن في لندن بسبب عملي، بينما تسكن عائلتي مزرعة كبيرة في الريف الأسترالي، علماً أنني كبرت هناك وسط الدجاج والحيوانات المختلفة. ما رأيك في المقارنة الجارية بينك وبين نيكول كيدمان؟ - إنها مقارنة سخيفة مبررها الوحيد كوني أسترالية مثل كيدمان، وأنا إن كنت أحبها كممثلة وأقدرها كإمرأة ذكية تعرف ما تريده، لا أعتبر نفسي أشبهها أو أستطيع خلافتها فنياً بأي حال من الأحوال، لكن الإعلام في حاجة مستمرة إلى إجراء المقارنات وإلا عجز عن تصنيف فنانة جديدة مثلي. يتضمن فيلم «ساكر بانش» المستقبلي الخيالي والذي توليت بطولته حديثاً لقطات كثيرة مبنية على الحركات الرياضية الآسيوية، فهل تخيلت نفسك بروس لي نسائية أثناء تصوير هذه المشاهد؟ - أجل فهذا بالتحديد ما شعرت به. وبما أنني أحب أفلام الكاراتيه الآسيوية منذ صباي، فقد شعرت وكأنني طفلة تلعب أمام الكاميرا. لذا أشكر المخرج زاك سنايدر على منحي مثل هذه الفرصة للتسلية وكسب المال في آن.