منحت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية مجموعة "توتال" الفرنسية امتيازاً لإنشاء 200 محطة لتوزيع الوقود في البلاد خلال السنة المقبلة، في خطوة كرست العلاقات الجديدة بين فرنساوالجزائر في أعقاب وصول نيكولا ساركوزي إلى سدة الرئاسة الفرنسية. وتُشكل هذه الخطوة المرحلة الأولى من تنفيذ قانون المحروقات الجديد الذي صدق عليه المجلس الشعبي الوطني الجزائري البرلمان عام 2005، والذي يفتح تدريجاً باب الاستثمار في قطاع الطاقة أمام القطاع الخاص. وعزا مُحللون منح الامتياز الأول لشركة فرنسية إلى العلاقات السياسية الجيدة بين باريسوالجزائر منذ مجيء ساركوزي رئيساً لفرنسا. وكانت الجزائر أول بلد خارج الاتحاد الأوروبي زاره ساركوزي بعد توليه السلطة في تموز يوليو الماضي، ما أغضب المغرب الذي ألغى زيارة لساركوزي كانت مُقررة في إطار جولة مغاربية. وأكد ساركوزي في تصريحات إلى صحف جزائرية ان الطاقة يمكن ان تشكل جسراً جديداً لتنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال شراكة متطورة بين"غاز دي فرانس"ومجموعة"توتال"الفرنسيتين من جهة ومجموعة"سوناطراك"الجزائرية من جهة ثانية. وكشف في اختتام زيارته ان المفاوضات الجزائرية ? الفرنسية"لتجديد العقود المتعلقة بتزويد فرنسا غازاً جزائرياً في الأمد البعيد انطلقت في ظروف جيدة". وكانت المفاوضات حول تصدير الغاز إلى فرنسا حتى عام 2013 مُعطلة بسبب خلافات بين الجانبين. ورجحت مصادر فرنسية ان يوقع الاتفاق النهائي في هذا الشأن خلال الزيارة الرسمية التي أعلن ساركوزي أنه سيقوم بها إلى الجزائر أواخر عام 2007 أو مطلع عام 2008. وستكون مجموعة"توتال"التي تسعى إلى الاستئثار بپ10 في المئة من مجموع السوق الجزائرية في مجال الاستثمار في محطات توزيع البنزين ومشتقاته، ويُقدر عددها بألفي محطة في العاصمة والمحافظات، المنافس الوحيد للشركة الجزائرية لتوزيع البنزين ومشتقاته"نفطال". واستطاعت فرنسا تكريس بقائها في مركز الشريك التجاري الأول للجزائر من دون احتساب النفط والغاز وفي المركز الثاني باعتبار الطاقة. لكن التعاون الثنائي في هذا القطاع لن يقتصر على النفط والغاز وإنما سيشمل أيضاً تطوير الطاقة النووية. وكان ساركوزي أعلن في اختتام زيارته الجزائر ان فرنسا مستعدة لمساعدة الجزائر على تنفيذ خطط لتطوير استخدام الطاقة النووية في المجالات السلمية. ويقلل الجزائريون من حجم الامتيازات الممنوحة للفرنسيين ويؤكدون ان فتح قطاع الطاقة أمام المنافسة الأجنبية يمنح فرصاً متساوية للجميع. وكشف مصدر في وزارة الطاقة والمناجم لپ"الحياة"ان الجزائر ستُطلق في الأسابيع المقبلة جولة جديدة لتوزيع إجازات استكشاف النفط والغاز الطبيعي. وأوضح ان الحكومة أخذت وقتاً لإعداد"إصلاحات جوهرية"تعتزم إدخالها على قطاع الطاقة من دون إعطاء إيضاحات عن طبيعتها. وتبدي المجموعات النفطية اهتماماً كبيراً بالسوق الجزائرية التي تضم احتياطات مؤكدة تُقدر بپ11.8 بليون برميل ما يضعها ضمن أكبر 20 بلداً من حيث حجم الاحتياطات النفطية. وتحتاج الجزائر إلى استثمارات الشركات الأجنبية لمساعدة شركتها الحكومية"سوناطراك"، وهي أكبر شركة في أفريقيا من حيث الإيرادات، على زيادة إنتاج النفط المحلي من نحو 1.4 مليون برميل يومياً حالياً إلى مليوني برميل يومياً عام 2010. وكان متوقعاً ان تُطلق الجزائر جولتها السابعة لإجازات التنقيب العام الماضي، إلا ان العملية أرجئت بعد سن قانون جديد في أيلول سبتمبر 2006 منح دوراً مركزياً لپ"سوناطراك"في كل فروع الطاقة واستحدث ضريبة على عائدات شركات النفط الأجنبية. ويُشترط نشر اللائحة التنفيذية للقانون في الجريدة الرسمية كي يصبح ساري المفعول، إلا ان إجراءات النشر استغرقت وقتاً ما عطل إطلاق جولة الإجازات الجديدة إلى الأسابيع المقبلة، وفقاً لمعلومات المصدر. وكان وزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل قال في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة"المجاهد"الرسمية ان القانون الجديد سيشكل الأساس لكل الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة وأوضح ان"سوناطراك"ستسيطر بموجبه على حصة لا تقل عن 51 في المئة من أي إجازة للتنقيب عن النفط أو الغاز تُمنح لشركات أجنبية.