في زمن غابر، كان كوكب الزهرة مغطى على الارجح بالمحيطات. لكن بدلاً من ان تتكون الحياة على سطحه تحوّل الى مكان حار يتألف جوه أساساً من ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 96.5 في المئة، وفق التحاليل التي أجراها المسبار الاوروبي"فينوس اكسبرس"منذ نيسان ابريل من العام 2006. وتتجاوز درجات الحرارة 450 درجة مئوية على كوكب الزهرة الذي يطلق عليه العرب كذلك اسم"نجمة الصباح"او"نجمة المساء"تبعاً للتوقيت الذي يشع فيه. ويقترب الكوكب في حجمه وكتلته من كوكب الارض. وقال هاكان سفيديم الباحث في وكالة الفضاء الاوروبية ان"المياه التي كانت موجودة على كوكب الزهرة في الماضي، تبخرت بكل بساطة. ولا تزال هناك آثار للمياه في جو هذا الكوكب ولا يزال يمكننا الآن متابعة هذه الظاهرة المستمرة". وأضاف سفيديم الذي ينشر هذا الاسبوع في مجلة"نيتشر"البريطانية مقالات خاصة بكوكب الزهرة، ان"حرارة جو الزهرة أكثر ارتفاعاً وذلك على الارجح لأنه أقرب الى الشمس ما يعني ان بخار الماء فيه اكثر كثافة. وهذا يجعل ظاهرة الاحتباس الحراري اقوى عليه لان البخار يلعب دوراً اكبر في حبس حرارة الشمس من ثاني أوكسيد الكربون". ويبعد كوكب الزهرة 108 ملايين كلم من الشمس في مقابل 149 مليوناً للارض. ويعتقد العلماء بأن الجو على كوكب الزهرة، شأنه شأن الارض او المريخ، تكوّن نتيجة الغازات التي نفثتها البراكين وكان مؤلفاً أساساً من البخار وثاني أوكسيد الكربون. وعلى الارض احتبس قسم كبير من ثاني أوكسيد الكربون لاحقاً في قشرة الارض على شكل رواسب كلسية وفي المحيطات والكائنات الحية، ما ادى الى تكوّن ما يعرف بدورة الكربون. وقال سفيديم انه خلافاً لذلك،"كانت كمية ثاني أوكسيد الكربون في الجو على كوكب الزهرة بعد تبخر المياه مرتفعة جداً الى درجة جعلت ظاهرة الاحتباس الحراري سريعة جداً". ولم يكشف كوكب الزهرة الذي استكشفته اكثر من ثلاثين مركبة فضائية منذ 1962، كل أسراره. وحتى الآن حالت طبقة كثيفة من السحاب المكون من حمض الكبريت التي تكونت على الارجح من البراكين، دون التقاط صور واضحة عن سطح كوكب الزهرة ومناخه. وتصل سرعة الرياح في طبقة الجو العليا على كوكب الزهرة الى ثلاثة اضعاف سرعة الرياح المصاحبة لاعصار على الارض على ارتفاع 70 كلم، في حين ان الكوكب يدور حول نفسه ببطء شديد ويشهد شروقاً ومغيباً للشمس كل 177 يوماً. وسجل المسبار تفاوتاً في درجات حرارة سحب الزهرة بنحو 30 الى 40 درجة مئوية بين الليل والنهار وهو فرق لا يمكن ان يكون ناجماً فقط عن اشعة الشمس.