ارتفاع خسائر المصارف الأميركية والأوروبية، بسبب أزمة الرهن العقاري الأميركية، وارتفاع العملة الأوروبية الى 1.5 دولار لكل يورو، وانعكاسها على صادرات المجموعة الأوروبية، والتخوف من إمكان حدوث أزمة اقتصادية ثانية في أميركا هي مواضيع تقلق حكومات الدول الاقتصادية الكبرى. ويتخوف خبراء كثر في أوروبا والولاياتالمتحدة من ساعة الحقيقة التي تدنو يوماً بعد يوم حين سيكون على أكبر المصارف الدولية، خصوصاً الأميركية، الكشف ابتداء من نهاية السنة، وعلى مدى الشهرين الأولين من عام 8002، عن بيانات الربح والخسارة فيها على خلفية حجم انغماسها في قطاع الرهن العقاري الأميركي الذي تعرض لهزة كبيرة مطلع الخريف. وثمة دلائل تشير منذ الآن إلى أن المصارف الأميركية الكبرى مثل Citigroup وMorgan Stanley أصيبت بخسائر مالية ضخمة لم تكشف عنها بعد إلا بصورة طفيفة. وتشير تقديرات إلى أن مجموعة من المصارف الكبيرة ستعلن عن خسائر في قطاع الرهن العقاري بقيمة اجمالية تصل إلى 002 بليون دولار تقريباً، نصيب مصرف"سيتي غروب"منها 09 بليوناً. وثمة تخوف من أن يؤدي الإعلان عن هذه البيانات إلى تداعيات سلبية على أسواق المال وسيولة المصارف التي يتوقع أن تنخفض، وأيضاً على قيمة الدولار الذي يواصل انخفاضه أمام اليورو ويدفع بأسعار النفط والغاز والمعادن الثمينة إلى الارتفاع، في شكل يتجاوز الحدود القياسية التي سجلت عام 5891، حين تجاوز سعر برميل النفط المئة دولار أيضاً. وأفادت النشرة الاقتصادية الدورية الأخيرة لغرفة التجارة والصناعة العربية ? الألمانية، أن أكثرية الخبراء والهيئات الاقتصادية الألمانية تنطلق مع ذلك من تفاؤل حذر بقدرة الاقتصاد الأوروبي والألماني على مواجهة تداعيات الأزمة المالية المنتظرة، وتشير إلى أن أوروبا تمكنت في السنوات الأخيرة من فك ارتباطها الآلي بالسوق الأميركية إلى حد كبير. وجدد المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت أخيراً تأكيداته رداً على التخوفات المعلنة، بأنه سيتدخل في السوق المالية عند الحاجة ليوفر للمصارف الأوروبية السيولة التي تحتاجها لمواجهة الطلب عليها. وشغل ارتفاع العملة الأوروبية المستمر إزاء الدولار، الأوساط الاقتصادية والمالية الأوروبية والدولية بعد أن وصل اليورو إلى الحاجز النفسي ل1.5 دولار، وتسجيل مزيد من الأرقام القياسية. وفيما ذُكر أن وزراء مال الدول الصناعية السبع سيواصلون قريباً بحث موضوع ارتفاع قيمة اليورو وتأثيره في صادرات دول منطقة اليورو، بخاصة الصادرات الألمانية، لمَّحت الهيئات الاقتصادية في برلين إلى أنها لا تتوقع خطوات عملية تعيد التوازن إلى الدولار الأميركي الضعيف. وفيما أعرب رئيس المصرف المركزي جان كلود تريشيه الجمعة في فرانكفورت، عن قلقه الشديد من سرعة ارتفاع قيمة اليورو، معتبراً"أن الحراك الحاد في أسعار الصرف ليس جيداً للنمو العالمي"ويشكل"اضطراباً كبيراً"في سوق العملات، قال رئيس مصرف"كومرتسبنك"كلاوس بيتر موللر، إنه لا يستبعد أن يصل سعر اليورو إلى 1.6 دولار في الأشهر المقبلة. وطالب الخبير الاقتصادي الألماني بيتر بوفينغر المصرف المركزي الأوروبي بالتدخل فوراً في سوق العملات،"لأن ارتفاع اليورو بنسبة 31 في المئة منذ بداية العام وبقاء قيمته مرتفعة، سيكلفان ألمانيا خسارة 0،5 في المئة من نموها". وفي الوقت الذي لا يزال الخبراء يتخوفون من اندلاع أزمة مالية جديدة في الولاياتالمتحدة، أخطر من الأزمة السابقة، تتوقع الهيئات الاقتصادية ومعاهد البحوث الألمانية أن يحقق النمو الاقتصادي في البلاد معدلاً مرتفعاً هذه السنة نحو 2.6 في المئة سيكون ثاني أعلى معدل نمو تشهده منذ الوحدة الألمانية عام 1991، بعد معدل النمو الذي تحقق العام الماضي وبلغ 2،9 في المئة. كما توقع معظم خبراء الاقتصاد الألمان استمرار الانتعاش الاقتصادي في البلاد السنة المقبلة وإن بنسبة أقل تتراوح بين 2 و2.4 في المئة، إضافة إلى مزيد من تراجع البطالة وتحسن الاستهلاك الداخلي الذي كان الدعامة الأكبر لمعدل النمو الذي سجل في الربع الثالث من السنة الجارية 0.7 في المئة في مقابل 0.3 في المئة في الربع الثاني، واعتباره المعدل الأعلى الذي يتحقق في البلاد منذ بداية العام الماضي. ولم تتمكن الصادرات الألمانية التي زادت بنسبة 3.1 في المئة فقط هذه المرة من دعم النمو، بل على العكس أكلت منه لأن الواردات الألمانية ارتفعت في الفترة ذاتها بنسبة 3.9 في المئة. ورسمت وزارة المال في تقريرها الأخير صورة مطمئنة لتطور النمو في البلاد، مشيرة إلى استمرار تراجع البطالة ورفع الأجور، ما حسَّن إلى حد كبير في وضع خزينة الدولة المعتمدة على الضرائب العامة. وتوقعت تحسن حركة السوق الداخلية بصورة ملموسة العام المقبل ليحل عامل الاستهلاك محل عامل الصادرات للإبقاء على النمو الاقتصادي، بخاصة بعد أن أقر التحالف الحكومي أخيراً دفع إعانات البطالة للعاطلين من العمل لفترة أطول تتراوح بين 18 شهراً وسنتين، استناداً إلى سنوات الخدمة والعمر وخفض الاشتراكات المالية في صندوق البطالة للعاملين وأرباب العمل، من 4.2 إلى 3.9في المئة ابتداء من مطلع 8002.