توقع صندوق النقد الدولي أن تتجاوز الاستثمارات الأجنبية في أفريقيا جنوبي الصحراء 20 بليون دولار هذه السنة، بدعم استثماري عربي وصيني، غير ان تباطؤ الاقتصاد الأميركي قد يعرض للخطر أقوى نمو اقتصادي تشهده المنطقة منذ عقود. وفتح الارتفاع القياسي في أسعار النفط، وطفرة عالمية في السلع الأولية، شهية الاستثمار في أفريقيا جنوبي الصحراء، وهي منطقة لطالما طغت عليها الأسواق في آسيا وأميركا اللاتينية بسبب الفساد وعدم الاستقرار السياسي. وأوضح رئيس دائرة أفريقيا في الصندوق عبدالله بيو تشاني، ان الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفع من 15 بليون دولار عام 2001، إلى نحو 20 بليوناً العام الماضي، أكثر من 70 في المئة منها للدول المصدرة للنفط، مثل أنغولاونيجيريا وغينيا الاستوائية. وانضم الى المستثمرين التقليديين من أوروبا والولاياتالمتحدة، منافسون من قوى صاعدة مثل الصين والشركات العربية، التي تملك فائضاً نقدياً كبيراً، وتبحث عن فرص في قطاعات الاتصالات والسياحة والمصارف. وتوقع بيو تشاني، وهو وزير مال سابق في بنين، في مقابلة مع وكالة"رويترز"أن"تواصل الاستثمارات الأجنبية النمو، خصوصاً في القطاعات غير المتعلقة بالموارد، وأن تتجاوز مستويات الاستثمارات التي شهدناها عام 2006"، ولفت إلى"ان الاتجاه السائد هو اقبال مزيد من المستثمرين الصينيين والعرب". وبرزت رغبة الصين المتنامية للاستثمار خارج قطاعات النفط والمعادن، عندما عرض اكبر مصارفها، وهو"بنك أي سي بي سي"شراء 20 في المئة من مجموعة"ستاندرد بنك"، أكبر مجموعة مصرفية في جنوب أفريقيا، في مقابل 5.6 بليون دولار نقداً في وقت سابق من هذا العام. وساهم الإعفاء من الديون والإصلاح الاقتصادي في تحقيق أعلى معدل للنمو في أفريقيا جنوبي الصحراء منذ ثلاثة عقود. ويتوقع الصندوق ارتفاع النمو من 6 في المئة عام 2007، إلى سبعة في المئة العام المقبل، مع نمو الطلب العالمي على السلع الأولية، لكن في ظل أزمة الائتمان في الولاياتالمتحدة، التي أثارت مخاوف من حدوث كساد في اكبر اقتصاد عالمي، وأثرت في الأسواق المالية هذا الأسبوع. واعتبر بيو تشاني ان نمو الاقتصاد الأفريقي الذي تقوده الصادرات لا يزال هشاً. وكشف"ان هناك اخطاراً من حدوث تراجع، إذا حدث كساد العام المقبل، ليس في الولاياتالمتحدة فحسب، بل أيضاً في غيرها من البلدان المتقدمة الكبرى، وسنحتاج إلى مراجعة توقعاتنا". وأضاف:"بينما يمكن الاستثمار الأجنبي المباشر أن يساعد في الحد من الفقر في أفريقيا، فإن التدفقات الرأسمالية الهائلة تختبر أيضاً قدرة الحكومات الأفريقية على ضمان الشفافية والسيطرة على التضخم وأسعار الصرف". وأشار إلى"ان إعداد سياسات للاستجابة لتلك الضغوط، ربما يطرح تحديات حقيقية أمام بعض السلطات. فبعض الدول أحرز تقدماً كبيراً، لكنه يواجه الآن اختباراً بپالدرجة ذاتها من الصعوبة، يتمثل في المحافظة على النمو أو زيادته". ويشكو الكثير من الشركات في أفريقيا، من أن ضعف المرافق ونقص العمالة الماهرة والبيروقراطية المعقدة والفساد، تشكل عقبات رئيسة في طريق المشاريع. وأوضح بيو تشاني ان غانا وكينيا أحرزتا في الآونة الأخيرة تقدماً في تطوير مناخهما الاستثماري، لكن الحاجة كبيرة الى مزيد من الجهود في مناطق أخرى. وبينما حققت دول في غرب أفريقيا مثل ساحل العاجونيجيريا تقدماً في تطوير أسواق السندات المحلية، تواجه غالبية أسواق المال في المنطقة صعوبات بسبب غياب الضمانات القانونية، وهي غير قادرة على تمويل الاستثمار. ولفت إلى ان"بورصة جنوب أفريقيا كبيرة ونشطة، والأسواق في نيجيريا وبوتسوانا وكينيا تتمتع بطاقات كامنة حقيقية لإتاحة الفرص أمام صغار المستثمرين". وأضاف:"ما زال أمامنا سنوات، لكن ما ينبغي فعله تحدد بوضوح". وعلى صعيد الإصلاحات المطلوبة، أشار بيو تشاني إلى ضرورة تقليص ملكية الدولة في القطاع المصرفي، وتحسين الوصول إلى القروض من خلال تعزيز الضمانات القانونية، وبما ان"الناس يرغبون في الاستثمار في أفريقيا، وأفريقيا تحتاج الى الاستثمار، فهناك ضغوط من الجانبين من أجل التغيير".