بدأ الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي امس مفاوضات في شأن وثيقة سياسية مشتركة تطرح على مؤتمر الخريف المقبل. وقال مسؤول فلسطيني ان اللقاء، وهو اللقاء التفاوضي الاول بين الوفدين، بحث التفاصيل الاجرائية والفنية للمفاوضات، لجهة برنامج اللقاءات واماكن عقدها. واتفق الوفدان على ابقاء اماكن اللقاءات التفاوضية ومواعيدها وجداولها سرية. وحدد عضو الوفد الفلسطيني ياسر عبد ربه التطلعات الفلسطينية من هذه المفاوضات قائلا:"نسعى الى التوصل الى وثيقة سياسية نضع فيها اسساً واضحة لحل هذه القضايا قضايا الوضع النهائي. وثيقة قادرة على انهاء الاحتلال، واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي الرقم 194". ووصف المفاوضات التي بدأت امس انها"معركة سياسية أخرى مع اسرائيل". وضم الوفد الفلسطيني اربع شخصيات ذات خبرة تفاوضية تاريخية هي احمد قريع ابو علاء رئيسا، وعضوية كل من عبد ربه وصائب عريقات واكرم هنية. اما الوفد الاسرائيلي فضم كلا من يورام توربوفيتش المدير العام لمكتب ايهود اولمرت رئيسا، وعضوية كل من شلومو ترجمان من كبار موظفي مكتب اولمرت، والمدير العام لوزارة الدفاع والمدير العام لوزارة الخارجية. وعقد اللقاء في مدينة القدس الغربية. ومع بدء المفاوضات ظهرت اشاعات كثيرة في وسائل الاعلام عن تفاهمات سابقة بين الرئيس محمود عباس واولمرت. لكن الوفد الفلسطيني أكد انه بدأ هذه المفاوضات من دون اي تفاهمات او اتفاقات سابقة. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات ل"الحياة":"اللقاءات السابقة التي عقدت بين عباس واولمرت كانت لقاءات عصف فكري لم تنتج عنها اي اتفاقات او تفاهمات". واضاف:"انها البداية، ونأمل في ان تتكلل مساعينا في التوصل الى اتفاق او الى وثيقة سياسية بالنجاح في ايجاد الحلول لقضايا الوضع النهائي". واشار عبد ربه الى ان لقاءات عباس - اولمرت الستة السابقة اسفرت فقط عن"توضيح المواقف ووجهات النظر"وعن"اتفاق على تشكيل فرق التفاوض". ومع بدء اللقاء الاول بين الوفدين ظهرت الهوة بينهما واسعة جدا. فالوفد الفلسطيني يسعى في هذه المفاوضات، التي يُرجح ان تكون طويلة وصعبة، الى التوصل الى اتفاق يتضمن مبادئ التسوية السياسية النهائية التي تشمل قضايا الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وازالة المستوطنات، وإقرار اسرائيل بحقوق اللاجئين كما نصت عليها قرارات الاممالمتحدة وفي مقدمها القرار رقم 194 الذي ينص على حق العودة والتعويض. اما الجانب الاسرائيلي فيسعى الى صوغ وثيقة سياسية عامة مقبولة من اطراف الائتلاف الحكومي. ويرى الجانب الفلسطيني ان نجاح المفاوضات مرتبط بمدى تناولها لقضايا الوضع النهائي مثل الدولة والحدود واللاجئين والقدس. وقال نبيل ابو ردينة الناطق باسم الرئيس محمود عباس:"نجاح المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية يعتمد على استعداد الجانب الاسرائيلي لوضع جميع ملفات الحل الدائم على مائدة البحث، وصولاً الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي لجميع الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وايجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على اساس القرار الدولي 194". وفي تعقيب له على تصريحات لنائب رئيس الحكومة الاسرائيلية حاييم رامون اعلن فيها قبول حكومته تقسيم مدينة القدس وفق مبدأ الاحياء اليهودية لاسرائيل والاحياء العربية للدولة الفلسطينية، قال ابو ردينة:" القيادة الفلسطينية لن تقبل إخضاع الحقوق الوطنية الفلسطينية للمناقصات والتوازنات والمفاوضات الحزبية الاسرائيلية"، مشيرا الى ان تصريحات رامون واولمرت تأتي ضمن سقف الاتفاق الداخلي في الحكومة. وحذر الناطق باسم الرئيس عباس مما اسماه"اضاعة هذه الفرصة"مشيرا الى ان"فشل المفاوضات يعني اطالة امد الصراع، واسالة المزيد من دماء الابرياء، واغراق المنطقة بالعنف والفوضى". الصراع على الاجندة وفي القاهرة، قال نبيل عمرو المستشار الإعلامي للرئيس الفلسطيني ان الصراع على اجندة المؤتمر الدولي للسلام مستمر، مضيفا أن الإسرائيليين ما زالوا يرفضون إدراج قضايا الحل النهائي القدس واللاجئون والحدود على أجندة المؤتمر. واوضح عمرو ل"الحياة"قبيل مغادرته القاهرة أول من أمس:"نريد إشارة واضحة لقضايا الوضع الدائم، لكن الإسرائيليين يرفضون ذلك"، مضيفا:"هناك صراع على الأجندة حتى الآن... هم انتقائيون، لذلك موقفنا، بوضوح، أن الحلول المرحلية التي لا تراعي قضايا الحل الدائم معرضة للانهيار، وعلى هذا الأساس نسعى الى صوغ وثيقة ذات صدقية حتى لا نكرر تجربة الفشل". وسألته"الحياة"عما يتردد عن مطامع إسرائيلية في الضفة الغربية وعدم إمكان قيام دولة فلسطينية على الأرض التي احتلت في حزيران يونيو عام 1967، فأجاب:"يعلمون أننا لن نقبل إلا بدولة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع، ومبدأ التبادل في الأراضي مقبول مع مراعاة القيمة والمثل". وقال:"نعلم أن الموقف الإسرائيلي مختلف، لكننا نراهن على تغييره، ويجب ألا نغفل إمكان تغييره نتيجة حاجة المجتمع الدولي إلى تحقيق تسوية سلمية مع الفلسطينيين". واشار إلى أن"منطقة الشرق الأوسط هي مجمع للمصالح... والاستقرار فيها مطلب دولي"، متوقعاً أن يتدخل العالم لبلوغ هذا الاستقرار. وأضاف:"في حال لم تتجاوب إسرائيل مع الضغوط الدولية ومتطلبات المجتمع الدولي، فإنها ستضع نفسها في مكان ينطوي على قدر من العزلة". وتابع:"إذا فشل مؤتمر السلام فإن الخسارة لن تكون في المعسكر الفلسطيني فقط إنما في معسكر السلام بأكمله"، مؤكداً أن"الصدقية الأميركية الآن على المحك".