حذّرت بريطانيا، أمس، متمردي دارفور من عواقب مقاطعتهم مفاوضات السلام مع الحكومة المقرر أن تبدأ نهاية هذا الأسبوع في مدينة سرت الليبية برعاية الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. وأقر الوزير المسؤول عن أفريقيا في وزارة الخارجية لورد مارك مالوك براون بأن بعض المتمردين سيشارك في المفاوضات لكن ليس واضحاً مدى تمثيله لشعب دارفور. وصدر الموقف البريطاني بعد يوم من دعوة مجلس الأمن أطراف النزاع في دارفور الى وقف النار والمشاركة في مفاوضات السلام في سرت"في شكل بناء"، مهدداً الرافضين بفرض عقوبات عليهم. وغادر لندن أمس إلى سرت ممثل بريطانيا الخاص في السودان مايكل أونيل، في حين يتوقع ان يمثّل إدارة الرئيس جورج بوش ممثله الخاص في السودان أندرو ناتسيوس. ويشرف على المفاوضات وسيطا الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي يان الياسون وسالم أحمد سالم. لكن المتمردين ألقوا بظلال من الشك حول جدوى المحادثات بعدما أعلنت ستة فصائل مقاطعتها في أعقاب اجتماعات واسعة لقيادات المتمردين في جوبا، عاصمة جنوب السودان. وازداد الأمر تعقيداً ليل أول من أمس بعدما أعلنت"حركة العدل والمساواة"التي تقاطع اجتماعات سرت أيضاً، مسؤوليتها عن خطف كندي وعراقي في هجوم على منشأة نفطية في كردفان شرق دارفور مطالبة الشركة الصينية التي تعمل في المنشأة بمغادرة السودان. وطالب الرئيس المصري حسني مبارك الأطراف السودانية بالمشاركة في اجتماعات سرت الخاصة بسلام دارفور. وشدد في اتصال هاتفي تلقاه أمس من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على أهمية الاجتماع لتحقيق المصالحة الوطنية في دارفور، في حين أشاد بان بجهود مصر في دعم تنفيذ اتفاق السلام الشامل في جنوب السودان اتفاق نيفاشا وجهودها لاحتواء الوضع في دارفور. وفي لندن، دان لورد مالوك براون، في لقاء مع مجموعة صغيرة من الصحافيين أمس، الهجوم في كردفان وعبّر عن"انزعاج كبير"من تبني"العدل والمساواة"له واعتبره"عاملاً غير مساعد"في تحقيق السلام. وأضاف ان"الوقت حان الآن للحكومة والمتمردين لكي يُظهروا التزامهم السلام والمصالحة وبدء مفاوضات بنية طيبة". وعلّق على إعلان عدد من قادة فصائل المتمردين عدم المشاركة في اجتماعات سرت، قائلاً:"نأمل أن يكون موقفهم هذا نوعاً من لعبة البوكر السياسية، وأنهم في النهاية سيجلسون إلى طاولة المفاوضات. إن حضورهم مهم جداً". وحض قادة التمرد"على إظهار أنهم رجال دولة لديهم التزام تحقيق السلام لشعبهم، فيغادرون منافيهم المريحة وينتقلون إلى ليبيا ويشمّرون عن سواعدهم ويتكلمون مع الحكومة". وقال:"بصراحة، أعتقد أن الموضوع حالياً ليس ما إذا كان جميع قادة المتمردين سيقاطعون اجتماعات سرت، ولكن الموضوع هو هل سيكون هناك فقط تمثيل جزئي للمتمردين. لذلك فإن المهم هو ضمان أن الذين سيذهبون إلى ليبيا من المتمردين لديهم تمثيل كاف لشعب دارفور. بعضهم سيذهب وبعضهم لن يذهب. لكن وسيطي الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي يان الياسون وسالم أحمد سالم هما من سيقرر إذا كان الذين سيحضرون لديهم تمثيل كاف للمشاركة في مفاوضات جدية. لكن ما يهمنا هو أن يفهم جميع قادة المتمردين أن المفاوضات ستبدأ الأحد وأن هناك ثمناً مرتفعاً يدفعه من لا يحضر في شأن مستقبل شرعية تمثيله شعبه. عملية السلام ستنطلق، وهم سيحكمون على أنفسهم بالانضمام اليها أو مقاطعتها تبعاً للقرار الذي سيتخذونه في نهاية هذا الأسبوع والأسابيع المقبلة". وعن طلب المتمردين مزيداً من الوقت لتوحيد مواقفهم قبل بدء مفاوضات سرت، قال:"كثيرون منا يعتقدون انهم أي المتمردين منحوا وقتاً طويلاً جداً قبل بدء المفاوضات. لقد كان لديهم وقت كاف لبت مواقفهم وحل قضية تمثيلهم". وعن رفض زعيم"حركة تحرير السودان"عبدالواحد محمد النور، المقيم في فرنسا، المشاركة في مفاوضات ليبيا، قال مالوك براون:"نعتقد أن عليه الصعود في طائرة والذهب إلى ليبيا. يبدو جازماً في نيته المقاطعة، لكنني لا أرى أي مبرر اخلاقي أو سياسي لموقفه". وفي نيويورك رويترز، أ ف ب دعا مجلس الأمن الأربعاء أطراف نزاع دارفور كافة إلى المشاركة في مفاوضات سرت، وأكد"عزمه القيام بتحرك ضد كل طرف يسعى الى تعطيل عملية السلام"ولا يحترم وقف النار أو يعرقل مفاوضات السلام. وتحدث مندوب الأممالمتحدة المسؤول عن عملية السلام في دارفور يان الياسون عن مؤشرات تدل على أن عدداً كبيراً من قادة المتمردين"ليسوا مستعدين لحضور"المحادثات. لكنه أكد للصحافيين عن طريق الدائرة التلفزيونية المغلقة فيديو كونفرانس من أسمرة ضرورة حضور جميع قادة التمرد، موضحاً انهم سيمنحون"وقتاً طويلاً في سرت لاجراء مشاورات بينهم". وقال الياسون ان زعيم"حركة العدل والمساواة"خليل ابراهيم سيرسل ممثلاً إلى محادثات سرت، على رغم اعلانه انه سيقاطعها. وأعلن أحمد عبد الشافي، وهو زعيم بارز في المتمردين، وقادة خمسة فصائل أصغر في اجتماع في جوبا انهم لن يحضروا المحادثات.