قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعماً قوياً لإيران، خلال لقائه أمس، نظيره الإيراني محمود احمدي نجاد ومرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي. وأكد أمامهما وجوب تجنب استخدام القوة لحل أزمة الملف النووي الإيراني وإصرار موسكو على تعزيز تعاونها مع طهران في المجالات كافة، وفي مقدمها مواصلة العمل في بناء مفاعل بوشهر لتوليد الطاقة الكهربائية. واستهل الرئيس الروسي زيارته طهران والتي استغرقت يوماً واحداً، بالمشاركة في قمة الدول المطلة على بحر قزوين، وأعطى دفعاً قوياً لبيانها الختامي الذي شدد على حق طهران في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم للبحوث العلمية. وتضمن بيان القمة الذي أصدره رؤساء روسياوإيران واذربيجان وكازاخستان وتركمانستان، تعهداً بعدم السماح باستخدام أراضي دولهم منطلقاً لشن عدوان على أي من هذه الدول، في إشارة إلى احتمال توجيه أميركا ضربة الى إيران. راجع ص 8 وبرر بوتين هذا التعهد خلال خطابه أمام القمة، قائلاً:"عندما يكون الحديث عن الحوار والحفاظ على الأمن ووحدة أراضي دول هذا البحر، علينا ألا نقدم تسهيلات للدول الأخرى على أراضينا لاستخدامها في عمليات عسكرية ضد الآخرين". ورأى مراقبون في طهران، ان هذا الموقف جاء تجاوباً مع اقتراح الرئيس الإيراني الذي اعتبر إعلان القمة"قوياً"، فيما اعتبرته مصادر رسمية إيرانية"إنجازاً مهماً لمواجهة محاولة التمدد الأميركية في دول آسيا الوسطى، خصوصاً الدول المطلة على بحر قزوين". وناقش بوتين ونجاد خلال لقائهما قضية مفاعل بوشهر بالتفصيل. وقال الأول إن"روسيا هي الدولة الوحيدة التي تساعد إيران على بناء مفاعل نووي لأهداف سلمية، وهذه المسألة موضع محادثات جدية". لكنه رفض تحديد موعد لإنجاز المفاعل، وعزا تأخر موسكو في استكمال تشييده إلى"تجهيزات بالية"موروثة من الفترة التي كانت فيها شركة"سيمنز"الألمانية تعمل لبنائه قبل الثورة الإسلامية العام 1979. وكان إنجاز المفاعل تعرض لتأجيل في ظل شكوى روسية من تأخير المدفوعات الإيرانية الأمر الذي نفته طهران، في حين رأى خبراء غربيون ان موسكو تستخدم هذا التأجيل وسيلة ضغط لإلزام طهران بالشفافية في ملف برنامجها النووي. وأيدت القمة هذا البرنامج، بإعلانها في البيان الختامي ان من"حق اي دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، تطوير بحوث الطاقة النووية وإنتاجها واستخدامه لأغراض سلمية، في إطار هذه المعاهدة وآليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وعلق بوتين على هذه النقطة، مشدداً على"وجوب السماح بالنشاطات النووية السلمية"، فيما أشاد نجاد ب"إجماع دول بحر قزوين على ان سفنها وقواتها العسكرية هي وحدها التي يؤذن بوجودها في هذا البحر". وأكد الرئيس الايراني خلال لقائه نظيره الروسي ان التعاون بين الجانبين والعلاقات الثنائية"تتجه الى مزيد من التقدم وهي في مصلحة البلدين والمنطقة بأسرها". وأضاف أن الجانبين"مصممان على توسيع علاقاتهما". وشدد على ان تعاونهما في القضايا الدولية خصوصاً قضايا الشرق الأوسط،"يجب ان يهدف الى إبعاد الأخطار"عن المنطقة. في المقابل، عبر بوتين عن سعادته بزيارته إيران، مؤكداً ان البلدين"يرغبان بكل جدية في تعزيز علاقاتهما". وأشار الى ان التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين يتجه الى مزيد من التوسع، خصوصاً في مجالات الطاقة والصواريخ والفضاء والبنى التحتية، في إشارة الى صفقة تزويد إيران حوالي 50 محركاً لطائرات نفاثة حربية ستستخدم بعضها في تطوير طائرات"أذرخش"التي تتولى تصنيعها، وكذلك بناء مصنع إيراني - روسي لقطع طائرات"ميغ - 29"على الأراضي الروسية. وشدد الرئيس الروسي على حق الدول المطلة على قزوين حصراً، بالاستفادة من ثروات هذا البحر الغني بالنفط والغاز، مشيراً الى ان كل هذه الدول ملتزمة معاهدة حظر الانتشار النووي.