شئنا أم أبينا، الإعلان مادة ضمن المواد التربوية التعليمية، والفضائيات مع الصحف هي الفصول الدراسية أما الطلبة فهم المشاهدون، في حين يمثل التاجر دور المعلم من خلال وسطاء يقومون بصياغة تلك"المناهج"، هم الشركات الإعلانية. وإلى وقت قريب كانت بعض الأمهات في السعودية يلهين أطفالهن عنهن بأشرطة فيديو مسجل عليها بعض الإعلانات التجارية. كان هذا قبل ظهور الفضائيات المكثف، والسبب أن في المادة الإعلانية حركة وألواناً أكثر من برامج التلفزيون المحدودة التأثير والجذب، من هنا لا يستغرب أن يكون الجيل الجديد جيلاً استهلاكياً، مصدر ثقافته الأول الإعلانات التجارية التي تلاحقه مطوياتها حتى الآن، أمام المنزل، وربما يتحول"أبطال"الإعلان إلى قدوة ونموذج. لذلك نرى بعض من أشهرتهم شاشات الفضائيات يعلنون عن أي شيء وبمختلف الأساليب، من دون تقدير للآثار الاجتماعية والسلوكية السلبية التي تبقى في عقول الأطفال خصوصاً. ومع سيادة الجشع والبحث عن المادة تتبخر المسؤولية الاجتماعية، لذلك تجد كثيراً من الفضائيات العربية تجمع"التبرعات"لها من خلال برامج المسابقات المدفوعة"بسخاء"من المتصل، وهي اقرب الى برامج"القحش"أما الطعم فهو جائزة هزيلة لا يعلم هل استلمها من قيل انه فاز، أم انتهى دوره بعد استخدام اسمه. وفي الإعلانات التجارية رأينا العجب، رجال كبار يعلنون عن حفاضات الأطفال وشاهدنا من قيل إنهم أطباء ينصحونك بهذا وذاك، والطبيب المحترم لا يظهر في إعلان هدفه تجاري بحت. والذين يغضبون من بعض الفضائيات، ومن ضمنها المحسوبة على القطاع الخاص الخليجي، يجب أن يضموا إليها شركات صناعية وتجارية أخرى. لا يمكن نسيان أن شركة أدوية مساهمة أطلقت إعلاناً"مشيناً"لعلاج جنسي، وعلى رغم الرفض الكبير له في بلدها إلا أنها أصرت عليه، قلت في لقاء صحافي إنني كلما صادفت ذلك الإعلان تذكرت صور أشخاص إدارة الشركة! أما السبب الرئيسي لهذا المقال فهو إعلان فضائي تروّج فيه شركة الاتصالات السعودية لخدمة الاتصال بالانترنت، وتصور المستخدمين الذين انقطع بهم الاتصال في حالة عنف مع أجهزة الكومبيوتر، بعضهم يحطمها تحطيماً بكل ما أتاه الله من قوة، وبعض آخر يغرقها في الماء غير مأسوف عليها. ومثل هذا الإعلان يشير إلى فقر مدقع في الأفكار الإعلانية، وترويج للعنف خصوصاً أن معظم مستخدمي الانترنت من الشباب الصغار، ومن العجب أن تتبنى شركة كبرى مثل هذا الإعلان، الذي يسيء اليها أولاً، بل إن انقطاع الانترنت إذا حدث هو من مسؤوليتها، فهل توافق الشركة على أن تحطم أبوابها إذا ما انقطعت خدمة آفاق! ويشكون من ازدياد العنف في المدارس والشوارع، ولا يسأل احد شركات كبرى مؤثرة عن مسؤوليتها الاجتماعية، لكن الذي يدير الإعلان سلمه بالمفتاح لمن لا يفقه شيئاً في الإعلام. [email protected]