بلغ حجم الانفاق الاعلاني في دولة الإمارات العربية المتحدة العام الماضي أكثر من 1.1 بليون درهم. وعاكس هذا الانفاق الاتجاه السائد في المشهد الاعلاني الغربي والعالمي، إذ حقق نسبة نمو تقدر ب29 في المئة في وقت تترنح هذه الصناعة في بقية العالم. وحصدت الصحف المحلية والاقليمية نصيب الأسد فاستقطبت نحو 250 مليون دولار 920 مليون درهم من اجمالي الانفاق الاعلاني بينما لم تتجاوز ايرادات الفضائيات والتلفزيونات الأرضية 183 مليون درهم، ما يشي برسالة إعلانية لم تغادر بعد مرحلتها الأولى، حذرة في مضمونها ووسائلها الاتصالية في بيئة لا تزال تتسم بالمحافظة اجتماعياً على رغم الخطوات المهمة على درب التحديث في مجالات الإعمار والتنمية والاقتصاد. وتصدرت شركة "نوكيا" العالمية لائحة المؤسسات المعلنة في حجم الانفاق خلال عام 2002. وجاء مهرجان دبي للتسوق في المرتبة الثانية، يليه "بنك المشرق" و"تويوتا" و"سامسونغ" على التوالي. وتصدرت فتاة جميلة ذات سحنة غربية، اعلان شركة الهاتف الجوال في ربط ذكي بين جاذبية هندسة الجهاز وجمالية الوجه. وخارج سوق الجوال الذي يعرف حال اشباع في البلاد تكتشف في جدول الشركات الأكثر انفاقاً وقطاعاتها المهنية، ان الفئة الأكثر استهدافاً هي الرجال الناضجون والمقتدرون اقتصادياً في علاقة مع رموز القوة والسلطة من السيارة الى المصرف. وشهدت مدينة دبي، بداية شهر حزيران يونيو فاعليات معرض الخليج "غلف بيوتي" لمستحضرات التجميل، هذه السوق حققت في منطقة الخليج زيادة كبيرة تصل الى 300 في المئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وتؤكد مصادر هذه الصناعة أن المنطقة تقوم سنوياً باستيراد منتجات قيمتها نحو 7،1 بليون دولار، منها 22 مليار درهم في الامارات. وقال مسؤول في مجلة نسائية من الأكثر انتشاراً في البلاد، ان حجم الانفاق الاعلاني على أدوات التجميل يشهد تطوراً سنوياً يتجاوز ال6 في المئة، ما يسمح لهذه المجلات بالاستمتاع بأيام جميلة. واحتلت مؤسسات الذهب والماس مراكز متقدمة في ترتيب ال10 الأوائل للمؤسسات الاعلانية الأكثر إنفاقاً، إذ أنفقت مؤسستان ما قيمته 4319 ألف دولار العام الماضي. ونستشف ان الصورة التي استهدفتها الوسائط والصور الاعلانية، لم تغادر بعد، المرأة في دورها التقليدي وصورتها النمطية "كوني جميلة، واصمتي او انفقي في مركز التسوق". والحال ان السوق الاعلانية في الإمارات على رغم الطفرة التي تشهدها، لا تزال في لحظة البدايات، مقارنة بالتقدم العالمي، وتسيطر عليها المؤسسات الأجنبية، اذ لا وجود لهيئة رقابية في هذا المجال، ولكنك تدرك بالعين المجردة، حرصاً محموداً على ايلاء الاعلان الحجم المناسب في الفضاء العام للبلاد، بلا تشويه لخصوصياتها، وهو حرص قام على احترام المساحات المخصصة له. ولا شك في ان الأنظمة والتشريعات تعاقب في شدة على ما يخدش الحياء والرأي العام، يستشعر المشاهد في الومضات الاعلانية التلفزيونية واللوحات في الشوارع والمحال، حرصاً دقيقاً من المؤسسات والشركات العالمية على احترام الخصوصية المحلية وعادات المستهلكين وتقاليدهم وعلى تكيفها معها. واذ تشتكي النساء ومنظماتهن الأهلية في أوروبا من تزايد تشييء صورتهن والاستغلال الفاحش لهن في الخطاب الترويجي، وتقييد صورة المرأة في وصفيات دونية لا تخرج عن السلعة وتحض على العنف الجنسي في غياب معايير الحشمة والنظام الأخلاقي، فإن المؤسسات هنا أدركت بداهة الخطوط الحمر في مجتمع لا يزال ينظر الى المرأة، نظرة احترام وتقدير على رغم المعوقات الاجتماعية التي تعترض مسيرتها. وباستثناء بعض الصور، لعل أبرزها تلك التي عمد اليها مصرف محلي يقدم قروضاً ميسرة لخريجي الجامعات وشمت اعلانه شابة إماراتية جذابة، يندر ان تحتل النساء هنا زوايا المشهد الإعلاني لغالبية المنتوجات. وجاء الطوفان الاعلاني الذي يحاصرك في المكتب والبيت والسوق والشارع وفي أدق التفاصيل الصغيرة، متناسقاً مع بيئته ومع ثقافتها، فالاشياء وليدة الذوات كجسم للسلع، تعرض هويتها، من علبة السجائر الى حجر الماس. وتغلب على الاعلان الكلمات الرنانة والسجع اللفظي، في بيئة عيون الكلام وخيمة الشعر. لا حاجة ملحة الى الألوان، فالأبيض والأسود هنا، لباس النساء والرجال ورمز الهوية. ومجالات الابداع وأعمال المخيلة التي تحفظ في الذاكرة، سر الاعلان الأول، محدودة، فالناس هنا تميل الى المباشرة بلا تعقيد. أما الفئات الأكثر استهدافاً فهم معشر الرجال وبخاصة شريحة البيئة الناضجة، التي تتمتع بقدرة شرائية عالية في بلد لا يقل معدل الدخل الفردي عن 37 ألف دولار، وكذلك الأطفال من المهد الى سنوات الطفولة الأولى. ولكنك تشعر، في معظم زوايا الخطاب الترويجي وفي وسائطه المتعددة بحضور قوي للنساء في صورة تحتمي بالرمز وبعباءة الغائب أو تختفي بالأخرى، امرأة الغرب في تبرجها ودلالها وتغنجها كجسم للجذب والإثارة. وتسعى للحفاظ على قدسية صورة النحن... ربما خلف ذلك مفارقة في أعين المتلقي من جمهور الرجال والشباب، ما بين الصورة الخداعة المتأنقة لفتاة الاعلان الغربية، وما تختزنه المخيلة لشابات البيئة المحلية الطبيعية. ولكن الأهم من ذلك ان الرسالة التي يحيطها الخطاب الاعلاني لم تغادر بعد التقسيم التقليدي للأمور المجتمعية. فعادة ما ترتبط اعلانات المصارف والسفر والسيارات والساعات الثمينة بالرجال، في حين ان معظم المشاهد التي تصور النساء لا تزال محصورة في مطبخ البيت أو حفاضات الأطفال ومواد التنظيف. ربما بدا ذلك مفارقاً، ولكنها الحقيقة، ففي وسط تغلب عليه ثقافة محافظة، ولا يحفل كثيراً بالتحولات السريعة من ضجة الهوية الى أشرعة الحداثة، فإن الخطاب الاعلامي حقق اختراقاً مذهلاً في المسائل الأكثر حساسية. فالدعاية لفوط النساء باختلاف أنواعها وتشكيلاتها، ربما ما زالت تخدش حياء البعض ولكنها تلقى رواجاً واسعاً في الشاشات مع طابعها المباشر الفج. ربما عزز ذلك الصورة النمطية للمرأة واحتياجاتها، ولكنه يعكس تحولاً في استعداد الناس لثقافة الاختلاف ومناقشة المسائل الحساسة. لا شك في ان للاعلان التجاري أهدافه، وللدعاية الحكومية غاياتها. وبقدر ما حصر الاعلان والترويج في الإمارات المرأة في أدوارها التقليدية واهتماماتها الأولية في البحث عن الجمال والتفرد وزينة الحياة الدنيا، فإن الخطاب الرسمي في تناسقه مع الدعوات المتنامية الى الاصلاح سعى الى التعريف بالقفزة النوعية التي حققتها الإماراتية في مجالات التعليم وقطاعات العمل، مبرزاً دورها الحيوي في المحافظة على البناء الأسري وهوية الوطن. حجم الإنفاق الإعلاني بلغ حجم الإنفاق الإعلاني في دول الخليج عام 2001 - 9،1 بليون دولار، وفي عام 2002 الى 4،2 بليون دولار. مسجلاً أعلى معدلات نمو في السنوات العشر الأخيرة. وبلغ إجمالي الإنفاق الإعلاني الخليجي في الربع الأول من العام الحالي ما يعادل 530 مليون دولار في مقابل 495 مليون دولار للفترة نفسها من العام الماضي بنسبة نمو بلغت 7 في المئة على رغم الظروف التي مرت بها المنطقة. * الإمارات: وبلغ حجم الإنفاق الإعلاني في دولة الإمارات وحدها عام 2002 ما مجموعه 1،1 بليون درهم: - 920 مليون درهم للصحف المحلية والاقليمية. - 183 مليون درهم للفضائيات والتلفزيونات الأرضية. * أكبر الشركات المعلنة في وسائل الإعلام بآلاف الدولارات: - نوكيا 5426. - مهرجان دبي للتسوق 3980. - بنك المشرق 3709. - تويوتا 3240. - سامسونغ 3236. * أكبر الشركات المعلنة في المجلات بآلاف الدولارات: - تويوتا 984. - داماس ذهب 454. - جيفنشي 434. * أكبر الشركات المعلنة في الصحف: - نوكيا 4337. - بنك المشرق 3335. - اعمار 2812. * أكبر الشركات المعلنة في التلفزيون: - مهرجان دبي للتسوق 2592. - الذهب 1754. - مجموعة الكول 1262.