لم أعرف هرانت دينك معرفة شخصية. وعلمت بنبأ اغتياله من التلفزيون. والقضية التي رفعت عليه بناء على المادة 301 من قانون العقوبات المثيرة للجدل، قربتنا من الصحافي الأرمني الأصل. ولكننا بعد موته، علمنا انه قضى طفولة صعبة، وتربى يتيماً في الملجأ، وطُرد عقاباً على ميوله اليسارية من الجامعة. وخفضت رتبته الى مجند في اثناء خدمته العسكرية. والحقبة اليسارية التي غلبت افكارها على هرانت في السبعينات، لم تكن تميز الناس بحسب المذاهب أو العرق والجنس، أو الأصل او الدين أو الموقف السياسي نفسه. فالإنسان مهما كان جنسه او دينه، يتمتع بحقوق متساوية في الحرية والعدالة والمساواة والحياة الكريمة. ونحن نعلم اليوم، ان هرانت دينك قُتل لأنه صحافي جريء، ولأنه أرمني ورئيس تحرير صحيفة باللغة الأرمنية، وتعالج قضايا الأرمن. وأبرز مواقفه انه كان يحتج لوقوع مذابح الأرمن على يد الأتراك، ويقول ذلك علناً. ولكنه لم يكن أرمنياً قومياً ولا متعصباً لقومه. وكان يدافع عن حرية الرأي والتعبير والكلمة. فانتقد فرنسا بشدة لأنها أقرت قانوناً يدين من ينكر وقوع مذابح في حق الأرمن على يد الأتراك. باختصار فهو يدافع عن رأيه، ويدافع عن حق الآخرين في الاعتراض عليه، وحقهم في مخالفته. وكان ينتقد الشتات الأرمني في الخارج، وجماعات"اللوبي"الأرمني التي تستعمل هذا الموضوع استعمالاً سياسياً. وكان يحاول مصالحة أرمينياوتركيا. وان خروج الآلاف من الأتراك في كثير من المحافظات تنديداً واحتجاجاً، دليل على ان الاغتيال لن يثمر فتنة عرقية بين الأرمن في تركيا وبين الأتراك. عن فكرت بلا، "ملليت" التركية، 21/1/2007