تعد برامج المسابقات من أكثر البرامج متعة وتسلية، وهي مادة تقليدية تعود إلى بدايات ظهور التلفزيون واستمرت معه، حاضرة الآن في غالبية الفضائيات، ذلك أن هذا النوع من البرامج يعبر عن وظيفة التلفزيون بوضوح واختصار: الفائدة والمتعة. لكن هل تقوم برامج المسابقات، الآن، بهذا الدور؟ إذا دقق المشاهد قليلاً سيجد من دون عناء، أن هذه البرامج لا تمتلك مقومات الجذب. هي تزجية للوقت، وتنطوي على نوع من الاستهانة بعقل المشاهد، ذلك أن ثمة أسئلة سخيفة وسطحية، وأسئلة أخرى تكون غامضة وغير محددة، وثمة أسئلة تكون صعبة ومعقدة. ولعل بعض الفضائيات أدرك هذا المأزق فسعى إلى بناء ديكورات باذخة ومزركشة، كما استعان بموسيقى صاخبة وحماسية، بل أن فضائيات أخرى حاولت أن تستغل شهرة بعض الفنانين ونجوميتهم بغرض استثمارها في نجاح هذه البرامج، كما هي الحال مع قناة "أبو ظبي" التي استعانت، قبل سنوات، بالممثل السوري ايمن زيدان في برنامج"وزنك ذهب"، وثمة برنامج"رفقة عمر"يعرض حالياً على قناة"دبي"يقدمه الفنان خالد أبو النجا ويستضيف فيه زملاءه الفنانين، غير أن كل هذه المحاولات تخفق غالباً في تقديم برنامج ناجح. وأكثر من ذلك ظهرت، أخيراً، محطات مثل"سترايك"و"الإمارة"تعتمدان على مذيعة تطرح سؤالاً ساذجاً، وتتلقى الإجابات، ببلاهة، من طريق الاتصالات الهاتفية، وهي برامج مملة ولا تحظى بأي رواج. برامج مسابقات قليلة تبقى في الذاكرة، مثل برنامج جورج قرداحي"من سيربح المليون"الذي بثته محطة"أم بي سي"وحظي بنسب مشاهدة عالية في العالم العربي، وصار المذيع، وعلى غير عادة، نجماً. وعلى رغم محاولات التطوير لهذا البرنامج غير أن الشكل الأول بقي الأكثر نجاحاً، كما أن لجوء المحطة نفسها إلى برامج تنتمي إلى النمط ذاته لم يلق النجاح المطلوب كبرنامج"تكسي"الذي عرض خلال رمضان الفائت، ولم يكن نصيب برنامج"حروف وألوف"على المحطة ذاتها، افضل من سابقه. ويبدو أن برنامج"الفخ"الذي يبث على شاشة"المستقبل"ويقدمه ابراهيم أبو جودة يحظى بدوره بنسبة مشاهدة جيدة. يعتقد القائمون على هذه البرامج بأن صرف الأموال الطائلة يجلب لهذه البرامج النجاح، غير أن التجارب أثبتت أن هذه الأموال قد تحسن شكل البرنامج وتضفي عليه نوعاً من الاحتفالية الجذابة التي لا تشكل بأي حال ركنا رئيساً لتحقيق الرواج، فنجاح هذه البرامج يؤسَّس، بالدرجة الأولى، على الإعداد المناسب والمبتكر الذي يقترح أسئلة تعتمد التشويق وتنطوي على معلومات مفيدة، وعلى مذيع يعرف كيف يصنع جواً من الترقب والانتظار المحبب، وإذا قدم كل ذلك في شكل بصري مقنع من دون مبالغات فإن البرنامج سيحقق النجاح. يبدو أن المحطات العربية لم تهتد، حتى الآن، إلى هذه الوصفة البسيطة شارك المقال