هناك مثل شعبي سوري يقول: "يحلق ثم يقلع أضراس"! وهو يسخر من تعدد المهن عند الشخص الواحد، إذ ليس من المنطقي ان يقوم الحلاق بممارسة دور طبيب الأسنان في أوقات فراغه! إنها مفارقة قد يكون مبالغاً فيها عندما نوردها في سياق الحديث عن ممارسة الفنان السوري دور مقدم البرامج، فربما تكون هذه الظاهرة غير محصورة بالسوريين، لكنها غدت الآن الأوسع انتشاراً في سورية، حيث نلاحظ في الوقت نفسه مجموعة فنانين تتنطح لتقديم برامج منوعة تتراوح بين الفشل والنجاح! الفنان دريد لحام يقدم لمحطة MBC برنامج "على مسؤوليتي" والفنان ايمن زيدان يقدم لمحطة ابو ظبي الفضائية برنامج "وزنك ذهب" والفنان باسم ياخور يقدم لمحطة "المستقبل" برنامج مسابقات والفنان جهاد سعد يقدم للفضائية السورية برنامج "خبرني يا طير"، وانتهى الفنانان الزوجان وائل رمضان وسلاف فواخرجي قبل اسابيع من تقديم برنامج "مرحبا رمضان"! إن زخماً واضحاً اندفع على المحطات الفضائية العربية بطله الفنان السوري الذي لم يعد لديه من الوقت ما يقرأ فيه نصاً درامياً يعرض عليه! فماذا تعني هذه الظاهرة؟ هل تعني فشلاً ذريعاً للمذيع او مقدم البرامج العربي؟ هل نجح الفنانون المذكورون بما أسند إليهم، وهل كان اداؤهم افضل من اداء زملائهم المذيعين؟ هل هي اغراءات مالية اوقعتهم في مأزق التقديم بغض النظر عن درجة نجاحه؟! اسئلة كثيرة يمكن ان يطرحها المراقب، ويمكن ان تقدم له المفاتيح اللازمة لحل مشكلات الوصول الهادف الى المشاهد العربي، فالفنان اصلاً هو العنصر الأساس في برنامج منوع، و"تنطح" الفنان الكبير دريد لحام قبل نحو سنة لتحويل هذا الفنان الى عنصر اساس في برنامج قريب من السياسة "على مسؤوليتي"، وربما تسارع محطة ما، في مرحلة مقبلة الى التعاقد مع الفنان العربي محمود حميدة لقراءة نشرات الأخبار!! انها مفارقات تتطلب معالجة جدية، ولكنها في الوقت نفسه تدعو الى الاستغراب والدهشة للتناغم الحاصل بين الفضائيات في ما يتعلق بالفنان السوري تحديداً، اللهم إذا استثنينا برنامج كاظم الساهر الذي سجله في ساعات عدة ليبث في ثلاثين يوماً، كما قال هو نفسه في واحد من لقاءاته، وترك للمشاهد العربي ان يستمتع ب"حضوره" اللافت الذي يفوق حضور اي شخص آخر كما قال واحد من المعجبين به وهو يتحدث عن دور "الساهر" في تسويق احد انواع اجهزة الهاتف المحمول! ان العلاقة الحميمة بين الفنان والجمهور مسألة قديمة وتتطور باستمرار مع تطور وسائل الإعلام، ويمكن للمشاهد ان يكون اكثر انجذاباً لبرنامج يقدمه نجم معروف، ولكن ما بالك إذا ما كان اداء الفنان في غير السوية المطلوبة، كما نلاحظ في معظم البرامج المذكورة؟! يحتاج مقدم البرامج الى منظومة اداء متطورة، يمكن ان تكون موجودة عند الفنان، ويمكن ألاّ تكون موجودة إلا في حدها الأدنى، ومن بين عوامل هذه المنظومة: النطق، والثقافة، واللغة، والحضور، والشكل، والوقت اللازم لتحضير المواد. ودخول الفنان ضمن هذا الاختبار يبدو للوهلة الأولى بسيطاً لأن كل العوامل المذكورة متوافرة بين يديه، لكن ما ان تظهر النتائج امام المشاهد حتى تتغير الصورة، ونكون قد أسأنا للفكرة من اولها! ولا بد من الاعتراف بأن من المفيد احياناً الاستعانة بفنان لنمط محدد من البرامج، يكون الهدف من مضمونه كبيراً الى درجة ننتقي له فيها كل وسائل الإيصال الممكنة بما فيها النجومية، اما ان نستسهل الأمر، فتغدو المسألة وكأننا طلبنا من المذيع النجم جورج قرداحي ان يقوم ببطولة مسلسل: الجوارح!